أعتقد أن النظام السياسى العالمى الحالى سوف يتغير بعد الأحداث الأخيرة فى كل من قطاع غزة وأوكرانيا. النظام العالمى الحالى المتمثل فى هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها، كان قد وضعه المنتصرون فى الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥. ميثاق الأمم المتحدة الذى تأسست عليه المنظمة، شمل الأجهزة الرئيسية وهى الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادى والاجتماعى ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية والأمانة العامة للأمم المتحدة.
وكما فشلت عصبة الأمم من قبل فى منع نشوب الحرب العالمية الثانية، بسبب الخلافات الحادة بين الدول الأعضاء، فقد بات واضحًا أن هناك صراعًا مكتومًا بين التكتلين الأكبر حاليًا، وهما تكتل حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، وتكتل شرقى يشمل الصين وروسيا وربما كوريا الشمالية وإيران.
النظام الدولى الحالي، به خلل واضح فى نظام العمل فى مجلس الأمن، والذى أعطى للدول الدائمة العضوية، وهى الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا والصين وروسيا (وريث الاتحاد السوفيتى السابق) حق الفيتو، أى الاعتراض على اتخاذ القرارات اللازمة لحفظ السلم والامن الدوليين. على النقيض من ذلك، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى تشمل كل دول العالم (حاليًا ١٩٣ دولة)، لها جميعًا حق التصويت فى الجمعية العامة، مما يجعلها بحق ضمير العالم وليس مجلس الأمن. وفى حين أن قرارات الجمعية العامة تصدر فى شكل توصيات غير ملزمة قانونًا، نجد أن قرارات مجلس الأمن هى الملزمة، حتى لو استدعى ذلك التدخل العسكري.
باقى المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة، مثل الصحة العالمية واليونسيف واليونسكو والعمل الدولية والطاقة النووية والجنائية الدولية، وغيرها من المؤسسات التى تعنى بالصحة العامة والأطفال وتوفير حياة أفضل للبشرية لاغبار عليها. ولكن تبقى المشكلة الأكبر فى تشكيل مجلس الأمن وحق استخدام الفيتو.
بسبب حق الفيتو، فشل مجلس الأمن فى التوصل إلى حل لكل من الحرب الدائرة فى أوكرانيا منذ فبراير ٢٠٢٢، وفى غزة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣. فى الحالة الاولي، استخدمت روسيا حق الفيتو ضد قرار بإدانتها ومطالبة بوقف الحرب فى أوكرانيا. وفى الحالة الثانية، إستخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو أيضا لمنع إدانة الأعمال الإجرامية التى ترتكبها إسرائيل فى شكل إبادة جماعية للأبرياء فى قطاع غزة. وفى كلتا الحالتين، تم اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتى أنصفت المظلوم وأدانت المعتدى وطالبت بوقف إطلاق النار، ولكن دون جدوى.
إذا كان هناك عوار واضح، وفشل ذريع فى مجلس الأمن الدولي، فلماذا الإبقاء عليه؟ ولماذا ترفض القوى الكبرى تغيير تشكيل المجلس بزيادة عدد الأعضاء، بمنح مقعد دائم (أو إثنين) لكل من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية؟ أعتقد أن الوقت قد حان، وأن الظروف الدولية قد تغيرت عن عام ١٩٤٥، وأن العالم قد أصبح بحاجة ماسة إلى نظام سياسى عالمى أكثر عدالة وإنصافًا ومساواة بين كل بلدان العالم، خاصة دول الجنوب فى آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.
السعيد عبد الهادى:رئيس جامعة حورس