الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كبار الأمريكان.. كصغار البشر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأمريكية، كان السائد في أدبيات الكتابات الصحفية والتحليلات السياسية، النظر بإعجاب وانبهار من شباب وشابات العالم الثالث، بمصطلحات الحريات، والحقوق المدنية، والأباء المؤسسين، وعظمة الدستور، وقوة الكونجرس، وتكافؤ الفرص، ومحاكمة الكبير قبل الصغير، واجبار رؤساء على الاستقالة، وفضح رؤساء بتهم تصل إلى الجرائم الجنسية، وسجن مليارديرات، وسجن كبار مسؤولين، وسجن كبار في مؤسسات سيادية. وكشف الفساد على كافة المستويات الفردية والمؤسسية، وحتى كشف تورط أجهزة سيادية في أنشطة مخالفة للدستور. وكان أبناء العالم الثالث التواقين للحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص، يتغنون ويتمنون رؤية النموذج الأمريكي في بلادهم.
وعندما جاء الملياردير ورجل الأعمال وأستاذ الصفقات ومالك الفنادق والعقارات وصالات القمار، رونالد ترامب، وتبوأ منصب الرئيس في يناير 2016 في غفلة من الزمن [أعتقد أنها لن تتكرر]، نجح في كشف الغطاء عن مجرور آسن من العفن الممتد في جسم وعصب السياسة الأمريكية، ومجتمع الصفوة، ومجتمع الغوغاء والجمهرة.
أظهر لنا ترامب ظواهر كثيرة بشكل علني وواضح وضوح الشمس، ومنها على سبيل المثال:
ـ في مقابل المنصب الرفيع الذي يمنحه ترامب لأحد كبار الصفوة من رجال ونساء المجتمع الأمريكي، فإن هذا الكبير يعطي كامل ولاءه لشخص ترامب وليس للدولة الأمريكية.
ـبينما كان الإعجاب يتملك أبناء العالم الثالث، من قيام احد صغار الموظفين في مكتب الرئيس بيل كلنتون، بالشهادة ضد الرئيس في فضيحة مونيكا ليونسكي، ويذهب هذا الموظف إلى عمله في البيت الأبيض، كل صباح بشكل عادي لا يمسه أحد. وجدنا على سبيل المثال: طرد وزراء خارجية ودفاع ومديري إدارات سيادية مثل مدير المباحث الفيدرالية ومدير الأمن الداخلي وغيرهم كثير، لمجرد عدم سيرهم بنسبة 100% على هوى ترامب، أو لمجرد اعتراض بسيط على استحياء أو لمجرد القول أن تصرفا ما سيكون ضد مصلحة أمريكا.
ـ بينما كانت الصحافة ووسائل الإعلام تمثل سلطة رابعة لها قيمة وقامة لدى الرؤساء الأمريكيين. لم يتوان ترامب عن وصفها ليل نهار، بالكلام وبالكتابة علنا، بالكاذبة والملفقة والمزورة، ونعتها بكل نقيصة.
ـ بينما كان الاحترام سائدا في المؤتمرات الصحفية التي يعقدها الرئيس في البيت الأبيض، أصبح الرئيس يطرد الصحفي الذي يسأل سؤالا صعبا، ويأمر بسحب تصريح الدخول الأمني الخاص به، ضاربا عرض الحائط بحق الصحيفة في اختيار من يمثلها.
ـ بينما كان هناك حد ادنى لمعطيات وقواعد السياسة الدولية، وحد ادنى للحفاظ على شكل الدولة، ذهب ترامب إلى مسخ كل ذلك، وكمثال على ذلك: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأعلن سيادة إسرائيل على الجولان المحتلة. وأيده وزير خارجيته في ذلك، كمن يسير في قطيع يتبع سيده. أو كمن هو أقسم على قول آمين، على كل أفعال ترامب.
ـ بينما كان الاحترام للمعاهدات والاتفاقات الدولية التي وقعتها الولايات المتحدة، نجد له حدا ادنى من الحكومات الأمريكية، ضرب ترامب بالعديد منها عرض الحائط. سواء بالانسحاب، أو بالمخالفة، أو بالتجاهل. وبقرارات فردية منه، ودون دراسة.
ـ بينما كانت أصول اللياقة والترحيب والتواضع والبساطة والتعبيرات الدافئة، تميز رؤساء أمريكا في استقبال ضيوفهم في البيت الأبيض. رأينا كيف يفتقد ترامب لأبسط تلك الأسس، وكيف يتعالى على السادة من ضيوفه، وينتقص من قدرهم ووضعهم.
ـ بينما كانت هناك أمور وأقوال تقضي اللياقة تناولها في مجالس خاصة، أو كما هو مستقر عليه من أن لكل مقام مقال. وجدنا السيد ترامب يسئ للدول ولممثليها على رؤوس الأشهاد.
ـ بينما كانت جمهرة الأمريكان، يتعاملون مع الأجانب دون النظر لدينهم، قاد ترامب كثيرا من الأمريكان لكشف وجههم الأخر، كما شجع كثيرا منهم على اخذ الدين في الاعتبار عند التعامل
ـ بينما كان عضو مجلس الشيوخ الأمريكي [المكون من 100 عضوا فقط] يُنظر اليه على أنه هالة من القيم، أصبح العديد منهم يؤيدون ترامب في شطحاته ونطحاته، دون أي منطق وعلى غير أساس. ويعلنون ذلك مرارا وتكرارا..... وغير ذلك كثير من الظواهر.
ومفاد ذلك، أن ظاهرة التطبيل والنفاق وظاهرة عبده مشتاق وظاهرة القطيع وظاهرة اربط الحمار في الموضع الذي يريده صاحبه، وظاهرة الولاء لمن يدفع ولصاحب الفضل، وليس الولاء للمُثل العليا والمبادئ، وظاهرة تفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وظاهرة حبيبك تبلع له الظلط ومخالفك تختلق له الغلط، هي ظواهر لفئة عريضة من كبار الأمريكان وليس فقط لفئة من صغار وضعاف البشر في دول العالم الثالث.