السبت 11 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

جولدشتاين القاتل القديس الذي خضب عيد اليهود بدماء المسلمين

جولدشتاين
جولدشتاين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"هناك وقت للفحص والعلاج بالعيادة وهناك وقت للقتل"، هذا ما يعتقده الطبيب باروخ جولدشتاين المتخصص في العلاج الطبيعي، والذي ولد بالولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 1956 لأسرة يهودية أرثوذكسية متشددة، درس الطب بمعهد "ألبرت أينشتاين" التابع لجامعة يشيفا، وهي جامعة يهودية خاصة.
كان جولدشتاين متعاطفًا مع التيار المتشدد للصهيونية الدينية، وكان عضوا في رابطة الدفاع اليهودية التي أسسها الحاخام "مائير كاهانا" بالولايات المتحدة الأمريكية، وظل جولدشتاين مرتبطا بكاهانا حتى بعد هجرتهما لإسرائيل حيث أسس كاهانا حركة "كاخ" المتشددة وانضم جولدشتاين، تلميذ كاهانا، إلى الجيش الإسرائيلي، حيث اشتهر برفضه تطبيب غير اليهود، حتى هؤلاء العاملين بالجيش، الأمر الذي عرضه للمحاكمة العسكرية، فجاءت أقواله لتؤكد أنه لا يؤمن إلا بالسلطتين الدينيتين "مائير كاهانا" و"موشيه بن ميمون"، واستقر في مستوطنة "كريات إربع" بعد إنهائه خدمته العسكرية وعمل طبيبا.
و"كاخ" اسم جماعة صهيونية سياسية إرهابية شعارها "يد تمسك بالتوراة وأخرى بالسيف" وكتب تحتها كلمة "كاخ" بالعبرية، ما يعنى أن العنف المسلح هو السبيل لتحقيق الآمال الصهيونية الدينية، وكان توجهها السياسي "مشيحاني" يؤمن بأن "خلاص الشعب اليهودي المقدَّس وشيك ولكنه لن يتحقق إلا بضم المناطق المحتلة وإزالة كل عبادة غريبة من جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى) وإجلاء جميع أعداء اليهود عن أرض فلسطين".
فكاخ ترى أن اليهودية "دين بطش وقوة"، وكان كاهانا يرى أن الجيش الإسرائيلي أخطأ في عام 1967 عندما لم يهدم مسجدي قبة الصخرة، والأقصى، حيث اعتبرت كاخ وتابعيها أن المسلمين هم الأعداء الأُوّل لليهود.
كان يوم الـ25 من فبراير 1994، اليوم الفصل في حياة جولدشتاين، حيث تحول في المنظور الصهيوني إلى قديس، صادف ذلك اليوم عيد "هابوريم" اليهودي، وقرر جولدشتاين أن يحتفل بالعيد على طريقته الخاصة، ففبراير 1994 كان يقابل شهر رمضان، وبينما تسابق المسلمون لصلاة الفجر بالمسجد الأقصى الشريف، كان جولدشتاين يتأهب للاحتفال بعيده مخضبا طقوسه بدماء المسلمين تقربا منه إلى الرب، كما يعتقد المتشددون اليهود.
وانتظر حتى استقام المصلون في صفوف صلاتهم وما أن بدؤوا سجدتهم الأولى، فتح جولدشتاين رشاشه الآلي على المصلين ليحصد نحو ستين روحا متقربا بها لربه مؤمنا خاضعا متمنيا رضاه، ويصيب أكثر من مئة، وظل جولدشتاين منتشيا بصوت الطلقات المجلجلة مع صمت الفجر، حتى نفدت ذخيرته ليفيق على هجوم من بقوا في المسجد ينهالون عليه ضربا بطفايات الحريق حتى لقي مصرعه.
كان جولدشتاين قبل ذلك بأيام قد صرح قائلا "إننا نغش أنفسنا عندما نفكر بإمكانية التعايش مع العرب"، وحذرت زوجته عبر الصحف من نيته الإقدام على الجريمة"، إلا أن أحدا لم ينصت للزوج ولم يستعد لكبح القاتل المؤمن، حتى إنه ومع سماع الشرطة والجيش الإسرائليين والذين يخضعان الحرم القدسي بحراسة مشددة لم تعترض جولدشتاين ورشاشه، ولم تتدخل لإيقافه، بل وكشفت تحقيقات الحادث تورط جنود الأمن في الحادث من خلال موافقتهم الصامتة بعدم تدخلهم وعدم منعه، والأنكى من ذلك أنه كان مرتبطا بعمل رجال الإسعاف الذين رفضوا إسعاف المصابين، ما زاد من عدد القتلى، كما قالت منظمة "أطباء بلا حدود".
أصبح جولدشتاين قديسا إثر عملية القتل المقدسة ضد المسلمين، وأصبح قبره مزارا دينيا يقصده اليهود للتبرك، فلقد كان عيد "هابوريم" يرمز كما يعتقد اليهود إلى انتقام أمتهم من أعدائهم الانتقام الأعظم، وها هو جولدشتاين قد فعل، وجلب السعادة لقلوب كل المؤمنين.
كانت جنازة القديس جولدشتاين جنازة مهيبة، حيث أشرفت الحكومة الإسرائيلية على تنظيمها وإتمامها، وتحت الإدارة المباشرة لرئيس إسرائيل آنذاك "عزرا وايزمان" إكراما له ولفعلته المقدسة الجليلة، حيث شيع الجنازة أكثر من ألف شخص من الصهاينة المعجبين المتحمسين بفعلته، مرددين "يا له من بطل"، "يا له من رجل صالح"، "لقد فعل ذلك نيابة عنا جميعًا"، وأشعل أحدهم الهتاف "الشهيد باروخ هو شفيعنا في الفردوس"، كما رددوا أن "لن يرث اليهود أرضهم الموعودة من خلال السلام، ولكن فقط بإراقة دماء أعئنا"، شهد هذه الهتافات الجيش والشرطة، والشرطة السرية الذين شيعوا جولدشتاين معهم حاملين خطاهم، فلقد فعلها المدني لا العسكري، فلا شك أنه الأتقى والأكثر إيمانا، ويتمتع قبر جولدشتاين بحرس شرف حيث أصبح مكانا يحج إليه.