ينتظر الملايين حول العالم من هواة علم الفلك وعلمائه اليوم الجمعة الزيارة الصيفية المرتقبة التى تقوم بها شهب البرشاويات سنويا لسماء الكرة الأرضية للاستمتاع برؤية زخاتها وسقوطها راسمة خطا من الضوء يعرف علميا "بالشهاب".
وتمثل ظاهرة فلكية بديعة يمكن متابعتها بأمان بالعين المجردة دون الحاجة إلى استخدام أي تلسكوبات أو أدوات للرصد لوضوحها إلى جانب انها ليس لها أي تأثيرات ضارة على الصحة العامة للإنسان وعلى كوكب الأرض عامة.
ويشهد سكان النصف الشمالي من الكرة الأرضية، تلك الظاهرة الفلكية التى تعد الخامسة فى ترتيب زخات الشهب على مدار العام، وموعدها من يوم الجمعة وحتى يوم الثلاثاء القادمين، وفي الليالي المحيطة بذلك الموعد يمكن رؤية شهب بعدد جيد، وسيساعد غروب القمر مبكرا على مشاهدة عدد أكبر من الشهب، وذلك بحسب المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية.
والشهب في الارصاد الحديثة عبارة عن اشعة ضوئية تبدو في السماء ليلا او نهارا ولكن في معظم الاوقات تظهر ليلا لأنها تظهر بكثرة في الظلام بعيدا عن اضاءة المدينة أو السحب او الضباب، ويظهر الشهاب عادة علي شكل سهم ناري خطى منطلق يقوده رأس، أو يبدو كأنه كرة نارية متجهة إلى الأرض.
ويصف الدكتور حاتم عودة رئيس المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية شهب "البرشاويات"، بأنها عبارة عن جزئيات صغيرة من الغبار، تضرب الغلاف الجوي للأرض بسرعة 60 كيلومترا فى الثانية الواحدة، وتتبخر نتيجة لاحتكاكها بالهواء على ارتفاع نحو 100 كيلومتر، مشيرا إلى إنها من أشهر الزخات الشهابية الصيفية التي يتابعها هواة الفلك.
من جانبه، أشار الدكتور أشرف لطيف تادرس رئيس قسم الفلك بالمعهد بأن أفضل توقيت لرؤية الشهب، يكون من بعد منتصف الليل وحتى بزوغ الفجر بداية من الساعة الثانية فجرا إلى شروق شمس اليوم التالى، ويبلغ معدل سقوط هذه الشهب ٥٠ شهابا فى الساعة تقريبا أو يزيد، وتكون رؤيتها معتمدة على درجة عتامة منطقة الرصد التى يجب أن تكون بعيدة تماما عن إضاءة المدينة مع عدم وجود سحب أو ضباب أو غبار فى السماء وقت الرصد.
ولفت إلى أن شهب البرشاويات سميت بهذا الأسم نسبة إلى كوكبة فرساوس أو برشاوس " حامل رأس الغول "، والتي تبدو الشهب كما لو كانت آتية منها، حيث تكون هذه المجموعة فى خلفية المنطقة التى تسقط منها الشهب فى السماء.
وتشرق مجموعة برشاوس بالكامل فى العاشرة مساءا تقريبا، ولذلك سوف ترى الشهب فى بادئ الأمر قريبة نسبيا من الأفق الشرقى ثم ترتفع تدريجيا فى السماء مع مرور الوقت، ويستوجب على مراقبى السماء أن يكونوا على علم بشكل المجموعة النجمية التى تأتى منها الزخات الشهابية، وعدم التسرع فى الحكم على السماء المظلمة أثناء مراقبة الشهب ليلا لأن العين البشرية تحتاج من ١٠ إلى ٢٠ دقيقة كى تتكيف مع ظلمة السماء.
وزخات الشهب أو ما يسمى بـ" الانهمار النيزكي " حدث فلكي معروف، وفيه يتم سقوط شهب كثيرة منطلقة من نقطة واحدة في السماء خلال فترة الليل، ويرجع سبب سقوط الزخات الشهابيه بصفة عامة إلى أن الارض اثناء دورانها حول الشمس تدخل في مسار مذنبات قديمة، مثل (الضباب أو الشبوره التي تدخل فيها السيارات )، وتحترق نفايات هذه المذنبات اثناء دخولها في جو كوكب الارض، ويؤدي احتراقها في طبقات الجو العليا إلى ظهور ظاهرة الزخات الشهابية، التي تنتشر بغزارة في السماء وينتظرها العالم سنويا للاستمتاع برؤيتها.
ويعتبر مذنب "سويفت-تتل" Swift-Tuttle الذي تم اكتشافه فى عام 1862 مصدر زخات شهب البرشاويات، فيما يرجع سقوطها فى شهر أغسطس خاصة إلى دخول الارض أثناء دورانها حول الشمس في المسار الذي سلكه هذا المذنب خلال هذا الشهر من كل عام وانجذاب الجزيئات الصغيرة من الحطام الذى تركه في مساره إلى الأرض، وعند اختراقها الغلاف الجوي للأرض تحترق محدثة وميضا سريعا يرى من الأرض فى السماء على شكل "أمطار شهابية " دون الحاجة إلى استخدام تلسكوبات،وفي كل مرة يمر المذنب بالأرض يتضاعف معدل زخات الشهب الناتجة عنه، وكان آخر مرور له بالأرض عام 1992، على أن يمر في دورته القادمة عام 2125.