الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإعلام والحكومة وشعبية الرئيس..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك اعتقاد شائع أن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه الدولة بإجراءاته الصعبة بدءا من تحرير سعر الصرف وصولا إلى رفع أسعار الطاقة، السبب الرئيسى والوحيد لتراجع شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسى، ويدعم هذا الاعتقاد شعور سائد بأن جميع قرارات الحكومة بتوقيتاتها نابعة من توجيهات الرئيس، وأصبح السيسى أمام الرأى العام يتحمل مسئولية كل شىء حتى الخيارات الخاطئة من قبل بعض الوزراء فيما يخص تعيين معاونيهم.
ظنى أن هذا الاعتقاد خاطئ جملة وتفصيلا، فثمة أسباب أخرى تتعلق بأداء كل من الإعلام والحكومة، خاصة وأن المصريين تقبلوا القرارات الصعبة فى انتظار أن تؤتى ثمارها على المدى المتوسط والبعيد، بعد كل ما سمعوه عن المشروعات القومية الكبرى، متوقعين من الحكومة قرارات مقابلة تحد من قسوة برنامج الإصلاح.
الأداء السيئ للإعلام والحكومة يتجاوز فى تأثيره السلبى شعبية الرئيس إلى مصداقية الدولة وهنا مكمن الخطر.
فى هذه الزاوية أشرت غير مرة إلى أن الإعلام يكتفى بعرض العناوين الرئيسية لما تعلنه الدولة من مشروعات قومية كبرى دون الخوض فى تفاصيلها، لتقديم شرح واف للجمهور، وأنه يحتفى بالأخبار الصادرة عن مؤسسة الرئاسة بشأن المبادرات التى تطلقها، دون أن يهتم بموضوع المبادرة، وقد تكرر هذا الأداء فى المبادرات التى أطلقتها الرئاسة بتخصيص أعوام للشباب والمرأة وذوى الإعاقة، لتنبيه المجتمع بضرورة الاهتمام بقضايا هذه الفئات التى طالما عانت التهميش والتمييز السلبى.
هذه المعالجات السطحية أعطت انطباعين، أولهما أن الإعلام المؤازر للدولة منافق، والثانى أن مشروعات الدولة مجرد حبر على ورق وصور تليفزيونية لتجميل المشهد.
هنا يطعن الإعلام مصداقية الدولة فى مقتل، ومع ذلك لا يمكن تحميله المسئولية منفردا، حيث تتحمل الحكومة الجانب الأكبر منها، فكما أنها فشلت فى تسويق أغلب سياساتها وقراراتها، فشلت أيضا فى وضع خطة دعاية ناجحة تروج لما تقوم به الدولة من مشروعات كبرى، وأغلب الظن أن سبب هذا الفشل ليس فى افتقادها للإمكانات المادية، وإنما عدم وعيها بأهمية حق المواطن فى المعرفة بأدق تفاصيل ما تنجزه من مشروعات.
صحيح أن المصريين تفهموا الأعباء التى أضيفت إليهم بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادى، لكن كثرة الإلحاح بالعناوين الكبيرة حول المشروعات القومية الكبرى والمبادرات الوطنية دون تقديم معلومات تفصيلية بشأنها يجعلهم يتشككون فى كل شىء وحتى إذا كانت الحكومة أو بعض وسائل الإعلام قدمت بعض المشروعات على نحو جيد، فإن عدم تكرار هذه الرسائل التفصيلية يفقدها تأثيرها.
فمن النظريات المعروفة فى الإعلام نظرية «الإلحاح لخلق وعى عام» بشرط أن تكون المادة المقدمة وافية من الناحية المعلوماتية، وتقدم فى إطار يقوم على حقائق المنطق الذى يحترم عقل المتلقى ولا تكتفى بالقشور.
فى هذه المسألة تقع المسئولية على عاتق الإعلام والحكومة معا، حرصا على مصداقية الدولة لدى المواطن، علاوة على أن الحكومة هى المستفيد الأول من هذا النوع من المعالجات الإعلامية، لأنها ستسهم فى تخفيف ضغط الرأى العام عليها بسبب قراراتها وسياساتها الاقتصادية القاسية، فمصلحتها فى نشر هذا الوعى لا فى حرصها على بث أنشطة وجولات أعضاءها من الوزراء وكبار المسئولين التى لا تترك أثرا يذكر لدى المتلقى.
من مسببات تراجع شعبية الرئيس أيضا، والتى أضحت تعنى بالضرورة تراجع مصداقية الدولة ما تبدو عليه الحكومة من ضعف فى مواجهة رجال الأعمال وكبار التجار، وعجزها عن اتخاذ إجراءات حقيقية تحد من ارتفاع الأسعار بشكل جنونى وبمعدلات تفوق الارتفاعات المتوقعة نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادى.
مظاهر ذلك الضعف تجلت فى عجز الحكومة عن تحديد هامش للربح، فبمجرد إبداءها النية لاتخاذ هذه الخطوة، انتفض «شهبندرات» الغرفة التجارية لينهشوا فى لحمها، رغم أن تحديد هامش الربح معمول به فى أعتى الدول الرأسمالية، وهى من جانبها تراجعت وخضعت وخشيت من مجرد إعادة طرح الفكرة بوضوح.
وعقب ذلك أعلنت الحكومة وعلى لسان وزيرها للتموين والتجارة الداخلية دكتور على مصيلحى، أنها ستلزم الجميع بتدوين أسعار السلع المطروحة، وكان من المفترض أن يطبق هذا القرار مطلع يناير الماضى، ومرة أخرى فشلت الحكومة فى إنفاذ قرارها، وهى بذلك العجز وهذا الفشل أصبحت من المسببات الرئيسية لتراجع شعبية الرئيس ومن ثم فقدان المواطن ثقته فى الدولة.
تطبيق أحد هذين القرارين كان كفيلا للحد من ارتفاع أسعار السلع غير المنطقى، والأهم من ذلك كان سيشعر المواطن أن هذه الحكومة تعمل من أجل صالحه، وأن الدولة صادقة فى كل ما تقوله.
السؤال الآن، هل ستتدارك حكومة الدكتور مصطفى مدبولى الأخطاء السابقة لترمم الصدع الذى أصاب جدار الثقة بين المواطن والدولة؟!