راقب العالم الأيام الماضية
الانفصال بعد أن صوت أكثر من 90% من سكان إقليم كتالونيا فى إسبانيا لصالح
الانفصال، وذلك بعد أيام قليلة من استفتاء مماثل فى إقليم كردستان العراق للانفصال
عن الحكومة المركزية فى بغداد، الذى أثار جدلا شديدا حيث صوت 92 % لصالح الانفصال.
لم تكن هاتان الحالتين هما الوحيدتين من نوعهما التى تواجههما دول
العالم، حيث تواجه عدد من الدول الأوروبية والعربية خطر التقسيم الذى من المؤكد ان يحظى بزخم شديد حال نجاح استفتاءي كردستان وكتالونيا، في الوصول لهدف الانفصال.
ففى القارة الأوروبية
العجوز، تنشط الحركات الانفصالية، وعلى المستوى الإسبانى لايقتصر الأمر فقط على إقليم كتالونيا فهناك تيارات أخرى تطالب باستقلالها فى مناطق أخرى من إسبانيا
أكبرها إقليم الباسك فى الشمال، حيث تنشط منظمة "ايتا" وهى أقوى
المنظمات الباسكية تأسست عام 1959 بعد انفصالها عن الحزب القومى الباسكى وتهدف إلى
إقامة دولة اشتراكية باسكية.
ولجأت "إيتا" منذ تأسيسها لاستخدام أساليب القوة في
صراعها، واستطاعت عام 1973 اغتيال خلف فرانكو في مقعد رئيس الحكومة لويس كاريرو
بلانكو، غير أن عمليات كهذه لم تتوقف بعد تنحي القوى الداعمة لفرانكو عن السلطة
واستمرت خلال العقود الموالية، بالرغم من حصول الباسكيين على أوسع حكم ذاتي في
البلاد.
وفى بريطانيا تنتشر الحركات
الإنفصالية التى تحاول الحكومة التصدى لها، حيث تواجه حكومة لندن باستمرار خطر
تقليص أراضيها فى ظل أنشطة حركات انفصالية فى أيرلندا وويلز وجبل طارق، وتجدر
الإشارة الى أن اسكتلندا كانت على وشك تحقيق الاستقلال فى الاستفتاء الذى أجرى فى
2014 ولكن 55% من سكانها فضلوا البقاء داخل المملكة المتحدة، ولكن مازالت الحركة
قوية ومازالت الدعوات الى استفتاء جديد قائمة، خاصة بعد قرار بريطانيا بالخروج من
الاتحاد الأوروبى.
وفى بلجيكا، تتصدر هذا البلد، متنوع اللغات، قائمة الدول الأوروبية التى تعانى من الخلافات الداخلية، حيث تتعايش
فيها قوميتان كبيرتان، هما الفلاندريون الناطقون باللغة الهولندية (58% من تعداد
سكان البلاد) والوالونيون الناطقون بالفرنسية (32%)، فضلا عن قومية ثالثة ناطقة
بالألمانية. ويعد حزب التكتل الفلاندرى أقوى التيارات الانفصالية فى بلجيكا والذى
تأسس عام 1979 ويطالب بانفصال الإقليم وإقامة دولة فلاندرية مستقلة. وتمكن مؤيدو
الاستقلال من تحقيق نجاحات واضحة فى الانتخابات البلدية والتشريعية بالرغم من
محاولات الحكومة للحد من نفوذهم.
وفى فرنسا هناك جزيرة
كورسيكا الفرنسية الواقعة فى البحر المتوسط وتسعى للاستقلال وشهدت عمليات مسلحة
شنتها جبهة التحرير الوطنى ولكن فرنسا ترفض بشدة استقلال الجزيرة.
كما أن هناك جزر الفاو
الواقعة شمالى المحيط الأطلسى والتى تتبع الدنمارك وهى تتمتع بحكم ذاتى، ومن
المتوقع ان تنظم استفتاء لإقرار دستور جديد العام المقبل من شأنه منحها حق تقرير
المصير.
أما عن الدول العربية والشرق
أوسطية فيمثل الأكراد اكبر مصدر للتهديد بالانفصال فى سوريا، العراق، وأيضا إيران
وتركيا كدول شرق أوسطية. حيث ينتشر الأكراد على نحو نصف مليون كيلومتر مربع في
تركيا، ويشكلون حوالى 20 بالمائة من السكان وفي إيران فيشكلون أقل من عشرة بالمائة
من السكان، وفي العراق، بين 15 و20 بالمائة، وفي سوريا 15 في المائة، وهذا يفسر
معارضة هذه الدول لإنفصال اقليم كردستان خوفا من انتقال عدوى الإنفصال اليهم.
أما فى اليمن فتظهر دعوات
الانفصال بين الحين والآخر، للجنوب عن الشمال، فمؤخرا حاولت شخصيات قبلية وسياسية
وعسكرية تشكيل مجلس جديد يسعى لانفصال جنوب اليمن نتيجة لصراع على السلطة بين
الجنوبيين والرئيس عبدريه منصور هادى ولكن الحكومة اليمنية تصدت لهم بشدة.
وعن ليبيا فمنذ الإطاحة بنظام العقيد
الليبي معمر القذافي عام 2011، بدأت تبرز على السطح دعوات من أكثر من طرف وبأشكال
مختلفة لحصول إقليم برقة الواقع في شرق ليبيا على نوع من الحكم الذاتي وبدات القصة
بتسرب مصطلحات جديدة على المواطن الليبي كمصطلح "فيدرالية" و"إقليم"
ومسمى "برقة" أو "ولاية برقة"، ويعد ذلك تذويبا هادئا لمفهوم
الدولة الوطنية ولمسمى ليبيا.