كانت السرقة ولا تزال، ظاهرة ممتدة على مدار الزمان، مثلها في ذلك كالخير والشر.. الصفتين اللتين لا تستقيم الحياة دونهما، للتفرقة بين البشر وسلوكياتهم.
وفي كل عصر، تجد سارقين بارعين، بداية من الفراعنة وحتي يومنا هذا، يفكرون ويبتكرون الخطط التي يسعون من خلالها إلى تحقيق الثراء السريع، ظنًا منهم أن يد الشرطة لن تفلح في ضبطهم.
فبالأمس، كشف رجال الأمن، عن اللص الملقب بـ"الدكتور"، والذي تخصص في سرقة الشقق، وجمع حوالي 100 مليون جنيه، ونحو 13 كيلو ذهب.. وفيما يلي نرصد وقائع السرقة في تاريخ مصر:
1- "أفراد عائلة عبدالرسول":
تخصصت في سرقة الآثار عام 1871، اكتشف أحدهم مقبرة فى الجانب الغربى المقابل للأقصر، بها ما يزيد على خمسين مومياء تحمل بعضها علامات ملكية.
تكتمت العائلة على الاكتشاف الثمين، وبدأ لصوصها المحترفون فى بيع محتويات المقبرة التى عرفت لاحقا بـ"المقبرة" 320 لهواة جمع الآثار والتحف فى باريس.
اختلف اللصوص على المسروقات، وقرر محمد عبدالرسول، أقدم أعضاء الأسرة حينها، إبلاغ السلطات التى داهمت المنزل وتسلمت ما تبقى من محتويات المقبرة.
وأنتجت السينما المصرية فيلمها الأبرز والأكثر شهرة عالميًا عن هذه القصة، بعنوان "المومياء".
2- "هدى عبد لمنعم":
أسست شركة هيدكو مصر للإنشاءات والمقاولات عام 1986، ولقبت في ما بعد بـ"المرأة الحديدية"، وقامت بحملة إعلامية كبيرة للترويج للمشروع ومن ثم تسابق المصريون في حجز دورهم بمشروعاتها، والتي تمكنت بالفعل من جمع 45 مليون جنيه وطلبت من المسئولين وقتها شراء مساحات كبيرة من الأرض قرب المطار.
وافق المسئولون على الرغم من حظر البناء في تلك المنطقة ودفعت 30% من قيمة الأرض وانشأت عددا محدودا من المباني.
وبعد حملة صحفية لكشف قضية البناء في مناطق محظورة وطالبت بإزالة المباني، وبدأ الحاجزون في تقديم بلاغات للسلطات، ولتهدئة الموقف وقعت هدى عبدالمنعم العديد من الشيكات بدون رصيد وعندما أصدر المدعي العام قرارا بمنعها عن السفر بعد أن وصلت مديونيتها إلى 30 مليون جنيه وفرض الحراسة على أموالها ومحاكمتها فوجئ الجميع بهروبها إلى الخارج في ظروف غامضة.
3- أحمد توفيق عبدالفتاح الجبري.
شهرته أحمد الريان (1956-2013)، رجل أعمال مصري ومؤسس شركة الريان، اتهم في قضية توظيف أموال، عام 1989 وأفرج عنه في أغسطس 2010 بعد 21 سنة قضاها خلف القضبان، وجمع ملايين الأموال من الناس وتم عمل مسلسل يحكي قصته.
4- "نصاب الفراخ"
والذي اتخذ الدين طريقا للنصب حينما ارتدى عباءة الدين وارتاد المساجد بحثًا عن ضحاياه من أبناء أكبر عائلات المرج.
ورغم جهله وعدم استكماله التعليم، إلا أن الشيخ محمد صابر أو "ريان المرج" البالغ من العمر 26 عامًا، اتخذ طريقه في عالم النصب للإيقاع بضحاياه عن طريق الدين، فعمل جاهدًا على حفظ القرآن ومعرفة تعاليمه على يد واحدة من أكبر عائلات المرج تضم نخبة من علماء الشريعة، هي عائلة "حلمي"، ليتكلم ويمشي بين الناس باسم الدين حتى استطاع أن يكسب ثقتهم، فأوهمهم بتوظيف أموالهم في مجال تجارة الطيور الحية، ليختفي فجأة وبحوزته 46 مليون جنيه.
5- "دجال المشاهير":
لم يجد رزقا من ممارسة الرياضة وأي عمل إلا أن يصبح دجالا نشأ وسط أسرة فقيرة.. يعاني من شلل الأطفال.. تفوق في لعبة تنس الطاولة للمعاقين وحصد الكثير من الجوائز الدولية والمحلية، ولكنه لم يجد أي دعم أو مساندة.. طرق أبوابا كثيرة بحثا عن عمل شريف لكن كانت النتيجة هي الفشل.
غير مساره إلى الفهلوة والنصب وهما أقرب الطرق إلى الثراء السريع، بدأت اللعبة في البداية عن طريق الحظ والصدفة ثم تحول إلى دجال محترف يلعب بالملايين وكان كل ضحاياه من رجال الأعمال والأثرياء، قام بعمليات نصب كثيرة ضدهم، أدخلته في حرب معهم وكان نصيبه السجن مرات عديدة.
وفي نهاية المطاف علم بأن كل ما يفعله سراب فقرر التوبة بعد أن أصبح أبًا لثلاثة أطفال.
خدعة توليد الأموال عن طريق "الزئبق الأحمر"، هي اللعبة التي كلفت "إسماعيل محمود" الحصول على الملايين مقابل بيع وهم إحضار المليارات.
6- "نصاب التروماي":
تعتبر هذه القصة الأطرف والأغرب في تاريخ السرقة بمصر، لشاب يدعى رمضان، وحادث الترام هو العمل الفني الأكبر في حياته، وبعد خروجه من السجن تحدث عن هذه الواقعة بابتسامة، وحين يرى الشك باديا على من يحدثه يقول: "خلاص بقى يعنى ح أعمل إيه تاني.. أبيع البحر مثلا؟".
أما تفاصيل الحادث فيقول عنها: "إنه كان يركب الترام رقم 30 من شارع القصر العيني، ووقف إلى جواره أحد القرويين، فنظرت إليه ووزنته وعرفت أنه سهل.. فأعطيته سيجارة وبدأنا الحديث، وفهم رمضان منه أنه جاء ليبحث عن عمل لأنه لم يجد في بلده عملا يليق به.. وفهم أيضا أنه قدم إلى القاهرة يحمل المال الذي يمكنه من البدء في العمل.
رمضان وجد الفرصة سانحة وبدأ يعرض عليه أعمالا مختلفة، إلا أن جاءت سيرة زحمة الترام، هنا عرض عليه أن يشتريه، وبالفعل اقتنع القروي وذهبا إلى المحامي لتوثيق العقد الذي كان بـ200 جنيه، دفع منها القروي الذي كان اسمه حفظ الله سليمان 80 جنيها، وكتب كمبيالات بـ120 جنيها.
ومن سوء حظ رمضان أبوزيد، أن البوليس كان يحفظ قائمة سوابقه، فقبض عليه وتعرف عليه حفظ الله، ودخل السجن وأمضى فيه سنتين ونصف السنة.
وحول المؤلف جليل البنداري هذا الحادث الشهير إلى فيلم سينمائي باسم "العتبة الخضراء"، قام أحمد مظهر فيه بدور النصاب الظريف، وإسماعيل يس بدور القروي الساذج.