في سوق بلدتنا ما زالت بعض البائعات يحملن نقودهن في كيس يربطنه بحمالة الصدر، تمد الواحدة منهن يدها في فتحة جلبابها مخرجة الكيس، ولكثرة ما يخرجنه يبقينه خارج فتحة الصدر ظاهرًا، لكنه معلق بالقرب منهن، بينما إحداهن تعطينى باقي نقودي لمحت ما وراء الكيس علها في عجلتها الصباحية وهي تبدل ملابسها لم تنقله للطرف الآخر بعيدًا عن كيس نقودها، أو أنها تعمدت إظهاره لا أعرف، ففي الغالب كل مَن يحمل حجابًا يخفيه عن الأعين.
يقول إدوارد وليم لين في كتابه (المصريون المحدثون شمائلهم وعاداتهم) إن العرب يعتقدون في الخرافات اعتقادًا عظيمًا، وأن المصريين خاصة يفوقونهم اعتقادًا بذلك، يخشون الجن أخيارهم وأشرارهم، حتى أن العادة قد جرت حين يصب أحدهم ماءً أو غيره أن يقول (دستور) فهم يعتقدون في وجود الجن في طبقات الأرض الصلبة وفي السماء، كما يعتقدون بأن الجن يسكن الخرائب والآبار والحمامات والأفران، فإن دخل أحدهم المرحاض أو أدلى بدلوه لبئر قال (دستور، أو دستور يا مباركين) اعتقادًا بأن ذلك سوف يحميه من الأرواح الشريرة.
وإن كان "لين" الذي كتب هذا الكتاب بجزئيه في القرن التاسع عشر فقد صدر في عام 1835 يرصد ذلك متعجبًا بعض الشيء من أفعال المصريين ومعتقداتهم وأساطيرهم أيضًا، فلو كان حيًا لعرف أننا للآن ما زال الكثيرون منا يعتقدون في ذلك وأنهم ما زالوا يستعيذون من الجن والشياطين إن أراقوا مياهًا ساخنة على الأرض، وإن سقط طفل سارعت أمه أو واحدة من النساء بحمله قائلة (اسم الله على أختك قبلك) لاعتقادها بأن تلك السقطة قد أذت القرين الذي يسكن الأرض.
وما زالوا في الأرياف حين ينحرون في عيد الأضحى يغمسون كفوفهم في الدم ويلصقونها بالحائط ليطبع شكل الكف كاملًا إشارة ( لخمسة وخميسة) أحد أشهر التمائم ضد الحسد، ويفعلها سائق النقل حين يشتري سيارة جديدة فيطبع بالدماء الكف كاملًا على سيارته، أو يكتب آية (ومن شر حاسد إذا حسد) أو عبارة ( يقيني بالله يقيني)، (ما تبصليش بعين رضية شوف اللي ادفع فيا).
مثل تلك العبارات رصدها إدوارد لين، قبل قرنين، يكتبها أصحاب الحوانيت اتقاء شرور الحسد، فيعلقون ورقة قد كُتب فيها اسم الله أو الشهادتان أو البسملة أو يكتبون (يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم) أو بعض الآيات القرآنية (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا)، (نصر من الله قريب وبشر المؤمنين)، كما أنهم يكتبون على أبواب الدور (الخلاق هو الباقي) بأحرف كبيرة كحرز وتذكرة لرب الدار بأنه بشر يتوفاه الله.
وللآن أيضًا ما زالت محال البقالة خاصة وبعض الورش الصغيرة تجد فيها تلك الآيات وهذه العبارات، غير أنني وجدت دكانًا صغيرًا في وسط البلد يعلق لافتة بعبارة جميلة (الرب يرزقني فلا يعوزني شيء) استوقفتني الجملة مثلما استوقفتني بضاعة الرجل ومحله الصغير جدًا الذي لا يُظهر حتى ماذا يبيع إلا إذا اقتربت منه أو أنك كنت تعرفه قبلًا وتقصده.
ذكر "لين" العديد من الخرافات التي يتعلق بها المصريون من أحجبة للوقاية من الشرور والحسد، وحرق العروسة التي يتم ثقب كل جزء فيها بإبرة مصحوبًا بنطق اسم من أسماء كل مَن يعرف المحسود والتي ما زالت حتى يومنا هذا، وتوقف عند زيارات الأضرحة وبعض مشايخ الطرق وما يفعله مريدوهم، وذكر أن المصريين قد خصصوا أيامًا بعينها لزيارة الأضرحة، فقال إن الرجال يزورون الحسين في يوم الثلاثاء والنساء يوم السبت بينما يزورون السيدة زينب يوم الأربعاء، والجمعة لزيارة الإمام الشافعي، وعرفت من بعض مريدات سيدة العلم السيدة نفيسة أن موعد زيارتها الاثنين.
كما ذكر "لين" أن السيد البدوي كانوا يحتفلون به ثلاث مرات في العام الواحد إكرامًا له، يحتفلون يوم العاشر من طوبة بالاحتفال الأول، والثاني في الاعتدال الربيعي والثالث بعد الانقلاب الصيفي بشهر تقريبًا في منتصف شهر أبيب، والمعروف حاليًا أن مولد السيد البدوي في شهر أكتوبر من كل عام!
ويرى لين، أن هناك عجيبة باقية من بقايا المصريين القدماء بقيت معهم فهم يعتقدون أن كل حي من أحياء القاهرة له حارس خاص من الجن على شكل أفعى.
بالفعل كان المصريون لوقت قريب يعتقدون أن لكل بيت أفعى حارسة وليس فقط كل حي، كما أن قدماء المصريين اعتبروها راعية وحامية حتى أنها كانت على تيجان ملوكهم.
وإن كان "لين" الذي كتب هذا الكتاب بجزئيه في القرن التاسع عشر فقد صدر في عام 1835 يرصد ذلك متعجبًا بعض الشيء من أفعال المصريين ومعتقداتهم وأساطيرهم أيضًا، فلو كان حيًا لعرف أننا للآن ما زال الكثيرون منا يعتقدون في ذلك وأنهم ما زالوا يستعيذون من الجن والشياطين إن أراقوا مياهًا ساخنة على الأرض، وإن سقط طفل سارعت أمه أو واحدة من النساء بحمله قائلة (اسم الله على أختك قبلك) لاعتقادها بأن تلك السقطة قد أذت القرين الذي يسكن الأرض.
وما زالوا في الأرياف حين ينحرون في عيد الأضحى يغمسون كفوفهم في الدم ويلصقونها بالحائط ليطبع شكل الكف كاملًا إشارة ( لخمسة وخميسة) أحد أشهر التمائم ضد الحسد، ويفعلها سائق النقل حين يشتري سيارة جديدة فيطبع بالدماء الكف كاملًا على سيارته، أو يكتب آية (ومن شر حاسد إذا حسد) أو عبارة ( يقيني بالله يقيني)، (ما تبصليش بعين رضية شوف اللي ادفع فيا).
مثل تلك العبارات رصدها إدوارد لين، قبل قرنين، يكتبها أصحاب الحوانيت اتقاء شرور الحسد، فيعلقون ورقة قد كُتب فيها اسم الله أو الشهادتان أو البسملة أو يكتبون (يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم) أو بعض الآيات القرآنية (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا)، (نصر من الله قريب وبشر المؤمنين)، كما أنهم يكتبون على أبواب الدور (الخلاق هو الباقي) بأحرف كبيرة كحرز وتذكرة لرب الدار بأنه بشر يتوفاه الله.
وللآن أيضًا ما زالت محال البقالة خاصة وبعض الورش الصغيرة تجد فيها تلك الآيات وهذه العبارات، غير أنني وجدت دكانًا صغيرًا في وسط البلد يعلق لافتة بعبارة جميلة (الرب يرزقني فلا يعوزني شيء) استوقفتني الجملة مثلما استوقفتني بضاعة الرجل ومحله الصغير جدًا الذي لا يُظهر حتى ماذا يبيع إلا إذا اقتربت منه أو أنك كنت تعرفه قبلًا وتقصده.
ذكر "لين" العديد من الخرافات التي يتعلق بها المصريون من أحجبة للوقاية من الشرور والحسد، وحرق العروسة التي يتم ثقب كل جزء فيها بإبرة مصحوبًا بنطق اسم من أسماء كل مَن يعرف المحسود والتي ما زالت حتى يومنا هذا، وتوقف عند زيارات الأضرحة وبعض مشايخ الطرق وما يفعله مريدوهم، وذكر أن المصريين قد خصصوا أيامًا بعينها لزيارة الأضرحة، فقال إن الرجال يزورون الحسين في يوم الثلاثاء والنساء يوم السبت بينما يزورون السيدة زينب يوم الأربعاء، والجمعة لزيارة الإمام الشافعي، وعرفت من بعض مريدات سيدة العلم السيدة نفيسة أن موعد زيارتها الاثنين.
كما ذكر "لين" أن السيد البدوي كانوا يحتفلون به ثلاث مرات في العام الواحد إكرامًا له، يحتفلون يوم العاشر من طوبة بالاحتفال الأول، والثاني في الاعتدال الربيعي والثالث بعد الانقلاب الصيفي بشهر تقريبًا في منتصف شهر أبيب، والمعروف حاليًا أن مولد السيد البدوي في شهر أكتوبر من كل عام!
ويرى لين، أن هناك عجيبة باقية من بقايا المصريين القدماء بقيت معهم فهم يعتقدون أن كل حي من أحياء القاهرة له حارس خاص من الجن على شكل أفعى.
بالفعل كان المصريون لوقت قريب يعتقدون أن لكل بيت أفعى حارسة وليس فقط كل حي، كما أن قدماء المصريين اعتبروها راعية وحامية حتى أنها كانت على تيجان ملوكهم.