بعدما طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، قادة المؤسسات الدينية فى مصر بإعادة النظر فى المسائل الفقهية التى يعتمد عليها منظرو التنظيمات الإرهابية، ظهر كثير من الداعين إلى حرق كتب التراث ومنع تداولها بين المسلمين، على اعتبار أنها تحمل قنابل موقوتة، فى صورة أحاديث مغلوطة تؤدى إلى تحويل الشباب إلى دواعش، وعلى رأس الداعين إلى هذه الطريقة مَن يطلق عليهم «القرآنيون» الذين ينكرون حجية السُّنة، ويقولون إن القرآن يكفى وحده ليكون مصدرًا للتشريع، وهو ما لا يرضى عنه الأزهر بأى شكل من الأشكال.
وفى هذا الشأن أجرت «البوابة نيوز» مناظرة بين الدكتور أحمد صبحى منصور، «زعيم القرآنيين»، المقيم فى أمريكا، وصالح محمد عبدالحميد، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، حتى تتضح رؤية كل من الجانبين فى مسألة تجديد الخطاب الدينى.
قال الدكتور أحمد صبحى منصور، المفكر الإسلامى الملقب بـ«زعيم القرآنيين»، إن المسلمين فى معظمهم يقدسون المصحف وليس القرآن الكريم، كما أن معظمهم صنعوا من النبى شخصية إلهية خلافًا لما جاء به القرآن، وأضاف أن الخطاب الدينى الإصلاحى الذى يحتاجه العالم الإسلامى اليوم هو توضيح التناقض بين شريعة الإسلام وقيمه القرآنية السامية، وبين التشريعات التى يستخرجها المفتون من كتب التراث، معتبرًا أن الاحتكام إلى أحاديث كتبها بشر فى العصر العباسى يتضمن اتهامًا للنبى بأنه مات ولم يكمل رسالة الإسلام، ورد على اتهام بعض الأزهريين له بالرِّدة، بأنهم يملكون السلطة ولا يملكون الحجة، ويواجهون مَن يحاول الإصلاح بتهمتهم المضحكة وهى «ازدراء الأديان»، بحسب تعبيره فى نص هذا الحوار.
■ مَن هم القرآنيون؟ وما أبرز الأفكار التى تميّزهم عن غيرهم من المسلمين؟
- نحن أول مَن بدأ التيار القرآنى من 40 عاما، حين بادرنا بتحطيم قدسية «البخارى» فى قلعة الأزهر، وشققنا الطريق ومهدناه لمن جاء بعدنا ودفعنا الثمن، وعلى هامش جهادنا حدث تغيير هائل، منه أن بعض السنيين بدأ ينتقد «بعض الأحاديث» مع تمسكه بالسُّنة دينًا، واستفاد من تغيير المناخ الذى أرسيناه بجهادنا وتضحياتنا فأصبح يكتب فى منطقة آمنة، بحيث ينتقد البخارى وبعض الفروع والتفصيلات بحرية.. «أهل القرآن» الذين أتحدث باسمهم والذين يعبر عنهم المركز العالمى للقرآن الكريم فى أمريكا، هم تيار إسلامى إصلاحى، ليسوا طائفة ولا حزبًا، نحتكم إلى القرآن الكريم فى الإصلاح السلمي للمسلمين، ولا نفرض أنفسنا على أحد، ولا نفرض رأينا على أحد، ونغفر ما استطعنا، ولا ندعى أننا نملك الحقيقة، بل ننتظر الحكم علينا وعلى خصومنا يوم القيامة أمام الواحد القهار جل وعلا.
■ وكيف يرى القرآنيون السُّنة؟
- نحن لنا منهج فى تدبر القرآن الكريم من خلال تحديد مفاهيمه من داخله، من دون أن نفرض رأينا مسبقًا، بل نبحث فى القرآن بتجرد وموضوعية ونبتغى الهداية، ونتقبل النقد والتصحيح، لأننا ننشد الحقيقة، ولا نقول إن رأينا هو رأى الدين أو الإسلام بل هو وجهة نظر لنا، ولهذا فإن الفتاوى فى موقعنا مفتوحة للنقاش، ولنا منهج بحث علمى وموضوعى فيما يخص تاريخ المسلمين وشريعتهم وتراثهم، ونحن متخصصون فيه وننظر إليه على أنه عمل بشرى لا قداسة فيه، ولا يخلو من الخطأ والصواب، وأفظع خطأ فيه هو نسبة تشريعات الفقه إلى رب العزة واعتبارها شريعة الله أو الشريعة الإسلامية، بينما هى من وضع الفقهاء، وهم مختلفون فيها، والأفظع هو نسب أحاديث للنبى محمد ظلمًا وعدوانًا، مع أنها أقاويل تعبر عمّن قالها وعن عصرها، وليست على الإطلاق جزءًا من الإسلام، لأن الإسلام اكتمل باكتمال القرآن وبموت النبى محمد عليه الصلاة والسلام، ما يعنى أن كتابة الأحاديث فى العصر العباسى واعتبارها جزءًا من الإسلام هو اتهام للنبى بأنه ترك جزءًا من الرسالة الإسلامية لم يبلغه، فضلًا عن أنه ترك الناس يختلفون فيه ولا يعرفون له أولًا ولا آخر، لما فيه من خرافات وأساطير وتشريعات ضالة تبيح سفك الدماء، ونحن نبرئ النبى محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الإفك.
■ لكنكم متهمون بإنكار سنة النبي.. ما ردك؟
- السُنّة طبقًا للقرآن هى الشرع الإلهى والمنهاج الإلهى فى التعامل مع المشركين، أى هى سُنّة الله جل وعلا، أما الرسول فهو «أسوة حسنة» وليس سُنة حسنة، وتفصيل هذا فى كتابنا «القرآن وكفى».. أقاويل الرسول هى فى القرآن الكريم الذى تكررت فيه كلمة «قل» لتحصر ما يجب أن يقوله، بالتالى فإن السُّنّة هى فى القرآن، وأقوال الرسول فى القرآن أيضًا، والقرآن كافٍ للمسلم كما أكّد رب العزة فى القرآن الكريم.. الفارق بيننا وبين أهل السُّنة أنهم يقولون إن السُّنة العملية هى العبادات، وهذا نتفق معهم فيه، وأن السُّنّة القولية هى أحاديث البخارى وغيره، وهذا ما نخالفهم فيه.
■ ما رأيك فى كتاب البخاري؟
- تعرض كتاب البخارى لانتقادات من حيث الرواة فى عصر الاجتهاد (العباسي) ثم تحول إلى كتاب مقدس فى عصر التقليد، بداية من العصر المملوكى فالعثماني، وصار له «ميعاد» سنوى فى شهر رمضان يتم فيه «ختم البخاري» فى حضور السلطان المملوكى، ثم بدأ انتقاد بعض أحاديث البخارى على استحياء، وفعل ذلك الشيخ عبدالرحمن الوكيل رئيس أنصار السنة الأسبق، وتركز النقد على بعض أحاديث من حيث المتن، مثل حديث الذبابة، وحديث رهن النبى درعه عند يهودى، وحديث اليهودى الذى سحر النبى، وحين كنت سنيًا معتدلًا إصلاحيًا نقدت كتاب البخارى بمنهج جديد هو عرضه كله على القرآن الكريم، ثم تطور الأمر إلى إثبات عداء البخارى للإسلام من خلال طريقة صياغته للأحاديث ومنهجه فى عرضها وفى تكرارها وفى نثرها فى كتابه، ثم تطور الأمر فيما بعد ومنذ عام 1987 إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم وحده والبحث عن الإسلام وشريعته وقيمه العليا من خلاله فقط.
قال الدكتور أحمد صبحى منصور، المفكر الإسلامى الملقب بـ«زعيم القرآنيين»، إن المسلمين فى معظمهم يقدسون المصحف وليس القرآن الكريم، كما أن معظمهم صنعوا من النبى شخصية إلهية خلافًا لما جاء به القرآن، وأضاف أن الخطاب الدينى الإصلاحى الذى يحتاجه العالم الإسلامى اليوم هو توضيح التناقض بين شريعة الإسلام وقيمه القرآنية السامية، وبين التشريعات التى يستخرجها المفتون من كتب التراث، معتبرًا أن الاحتكام إلى أحاديث كتبها بشر فى العصر العباسى يتضمن اتهامًا للنبى بأنه مات ولم يكمل رسالة الإسلام، ورد على اتهام بعض الأزهريين له بالرِّدة، بأنهم يملكون السلطة ولا يملكون الحجة، ويواجهون مَن يحاول الإصلاح بتهمتهم المضحكة وهى «ازدراء الأديان»، بحسب تعبيره فى نص هذا الحوار.
■ مَن هم القرآنيون؟ وما أبرز الأفكار التى تميّزهم عن غيرهم من المسلمين؟
- نحن أول مَن بدأ التيار القرآنى من 40 عاما، حين بادرنا بتحطيم قدسية «البخارى» فى قلعة الأزهر، وشققنا الطريق ومهدناه لمن جاء بعدنا ودفعنا الثمن، وعلى هامش جهادنا حدث تغيير هائل، منه أن بعض السنيين بدأ ينتقد «بعض الأحاديث» مع تمسكه بالسُّنة دينًا، واستفاد من تغيير المناخ الذى أرسيناه بجهادنا وتضحياتنا فأصبح يكتب فى منطقة آمنة، بحيث ينتقد البخارى وبعض الفروع والتفصيلات بحرية.. «أهل القرآن» الذين أتحدث باسمهم والذين يعبر عنهم المركز العالمى للقرآن الكريم فى أمريكا، هم تيار إسلامى إصلاحى، ليسوا طائفة ولا حزبًا، نحتكم إلى القرآن الكريم فى الإصلاح السلمي للمسلمين، ولا نفرض أنفسنا على أحد، ولا نفرض رأينا على أحد، ونغفر ما استطعنا، ولا ندعى أننا نملك الحقيقة، بل ننتظر الحكم علينا وعلى خصومنا يوم القيامة أمام الواحد القهار جل وعلا.
■ وكيف يرى القرآنيون السُّنة؟
- نحن لنا منهج فى تدبر القرآن الكريم من خلال تحديد مفاهيمه من داخله، من دون أن نفرض رأينا مسبقًا، بل نبحث فى القرآن بتجرد وموضوعية ونبتغى الهداية، ونتقبل النقد والتصحيح، لأننا ننشد الحقيقة، ولا نقول إن رأينا هو رأى الدين أو الإسلام بل هو وجهة نظر لنا، ولهذا فإن الفتاوى فى موقعنا مفتوحة للنقاش، ولنا منهج بحث علمى وموضوعى فيما يخص تاريخ المسلمين وشريعتهم وتراثهم، ونحن متخصصون فيه وننظر إليه على أنه عمل بشرى لا قداسة فيه، ولا يخلو من الخطأ والصواب، وأفظع خطأ فيه هو نسبة تشريعات الفقه إلى رب العزة واعتبارها شريعة الله أو الشريعة الإسلامية، بينما هى من وضع الفقهاء، وهم مختلفون فيها، والأفظع هو نسب أحاديث للنبى محمد ظلمًا وعدوانًا، مع أنها أقاويل تعبر عمّن قالها وعن عصرها، وليست على الإطلاق جزءًا من الإسلام، لأن الإسلام اكتمل باكتمال القرآن وبموت النبى محمد عليه الصلاة والسلام، ما يعنى أن كتابة الأحاديث فى العصر العباسى واعتبارها جزءًا من الإسلام هو اتهام للنبى بأنه ترك جزءًا من الرسالة الإسلامية لم يبلغه، فضلًا عن أنه ترك الناس يختلفون فيه ولا يعرفون له أولًا ولا آخر، لما فيه من خرافات وأساطير وتشريعات ضالة تبيح سفك الدماء، ونحن نبرئ النبى محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الإفك.
■ لكنكم متهمون بإنكار سنة النبي.. ما ردك؟
- السُنّة طبقًا للقرآن هى الشرع الإلهى والمنهاج الإلهى فى التعامل مع المشركين، أى هى سُنّة الله جل وعلا، أما الرسول فهو «أسوة حسنة» وليس سُنة حسنة، وتفصيل هذا فى كتابنا «القرآن وكفى».. أقاويل الرسول هى فى القرآن الكريم الذى تكررت فيه كلمة «قل» لتحصر ما يجب أن يقوله، بالتالى فإن السُّنّة هى فى القرآن، وأقوال الرسول فى القرآن أيضًا، والقرآن كافٍ للمسلم كما أكّد رب العزة فى القرآن الكريم.. الفارق بيننا وبين أهل السُّنة أنهم يقولون إن السُّنة العملية هى العبادات، وهذا نتفق معهم فيه، وأن السُّنّة القولية هى أحاديث البخارى وغيره، وهذا ما نخالفهم فيه.
■ ما رأيك فى كتاب البخاري؟
- تعرض كتاب البخارى لانتقادات من حيث الرواة فى عصر الاجتهاد (العباسي) ثم تحول إلى كتاب مقدس فى عصر التقليد، بداية من العصر المملوكى فالعثماني، وصار له «ميعاد» سنوى فى شهر رمضان يتم فيه «ختم البخاري» فى حضور السلطان المملوكى، ثم بدأ انتقاد بعض أحاديث البخارى على استحياء، وفعل ذلك الشيخ عبدالرحمن الوكيل رئيس أنصار السنة الأسبق، وتركز النقد على بعض أحاديث من حيث المتن، مثل حديث الذبابة، وحديث رهن النبى درعه عند يهودى، وحديث اليهودى الذى سحر النبى، وحين كنت سنيًا معتدلًا إصلاحيًا نقدت كتاب البخارى بمنهج جديد هو عرضه كله على القرآن الكريم، ثم تطور الأمر إلى إثبات عداء البخارى للإسلام من خلال طريقة صياغته للأحاديث ومنهجه فى عرضها وفى تكرارها وفى نثرها فى كتابه، ثم تطور الأمر فيما بعد ومنذ عام 1987 إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم وحده والبحث عن الإسلام وشريعته وقيمه العليا من خلاله فقط.
■ تحدثت عن تقديس المسلمين للقرآن رغم عدائهم له.. ماذا تقصد تحديدا؟
- المسلمون فى معظمهم يقدسون «المصحف» وليس القرآن، فهم لا يؤمنون بالقرآن إلا إذا كان معه كتاب بشرى يجعلونه حكمًا على القرآن، أى أعلى من القرآن، فمثلًا فى القرآن الكريم حوالى 150 آية قرآنية تنفى شفاعة النبى ولا يؤمن بها المسلمون، تمسكًا ببضعة أحاديث تزعم شفاعة النبى، بل يتطرف بعضهم فيزعم أن أحاديث السُّنة تنسخ (أى تلغى) أحكام القرآن، أى يرفعون البخارى ورواة الأحاديث فوق رب العزة جل وعلا، وهذا يجعلهم أسوأ من قوم الرسول الذين اتخذوا القرآن مهجورًا، والاضطهاد الذى يتعرض له «أهل القرآن» لمجرد دعوتهم الإصلاحية إلى الاحتكام للقرآن الكريم أكبر دليل على أن مَن يضطهدنا يكفر بالقرآن.
■ وما سبب اتهام بعض الأزهريين لك بالرِّدة؟
- لهم دينهم ولنا ديننا، بدأت بتمحيص التصوف فى رسالتى للدكتوراه، وأنا مدرس مساعد، فتعرضت لاضطهاد استمر ثلاث سنوات، وانتهى بأن حذفت ثلثى الرسالة، وهى كلها منشورة فى موقعنا، ثم بدأت فى غربلة الأحاديث، وإصلاح ما يُعرف بالسُّنّة، فأسفر الأمر عن محاكمتى خلال عامين، ثم تركى الأزهر وإدخالى السجن (1985: 1987)، وأسفر هذا عن وصولى إلى ما أؤمن به الآن وهو القرآن وكفى، وألفت كتاب «القرآن وكفى» ونشرته عام 1990، وهو منشور فى موقعنا بالعربية والإنجليزية والفرنسية.
■ كيف ترى الأزهر والإصلاحيين؟
هم يملكون السلطة ولا يملكون الحُجّة، نحن نملك العلم والحجة ومستضعفون، كل منا يحارب بما لديه، نحن نواجههم بالعلم والحُجّة وهم يواجهون أهل القرآن بالحبس الاحتياطى والسجن بتلك التهمة المضحكة «ازدراء الأديان».. المذاهب الإسلامية الأرضية من متصوفة وسُنّة وشيعة كلها تختلف مع بعضها، وكلها تتفق فى تناقضها مع الإسلام الذى نزل به القرآن، بدءًا من تقديس البشر والحجر إلى اختراع شرائع تستحل الحرام وتحرم الحلال، ألا يكفى أنهم يحرمون الغناء الحلال ويستحلون قتل النفس البريئة؟
■ هل ترى منهجك قادرًا على حل أزمة الخطاب الدينى؟
- لو تبنى النظام المصرى ما أدعو إليه لتم إصلاح الأزهر وتحجيم خطر الوهابية وأطيافها من سلفيين وإخوان وتنظيمات إرهابية لا أول لها ولا آخر، ولتبوأت مصر مكانتها وريادتها بدلًا من أن تجعل السعودية المولودة عام 1932 الشقيقة الكبرى لمصر «أم الدنيا» وأقدم دولة فى العالم! وبالمناسبة، «تجديد الخطاب الديني» مصطلح سياسى خاطئ مثله مثل مصطلح «التغيير»، قد يكون التغيير إلى الأسوأ، وقد يكون تجديد الخطاب بإحلال التشيع مكان الوهابية، أو إحلال التصوف بديلًا عن هذا أو ذاك، لا بد من ضبط المفاهيم أولًا، فنقول «الإصلاح الديني»، وهو لا ينفصل عن الإصلاح السياسي، وهو مؤسس على إصلاح تشريعى دستورى وقانونى ينقى التشريع من كل ما يعوق حرية الفكر والدين، وقد كتبت فى إصلاح الأزهر فى كتاب «مبادئ الشريعة الإسلامية وكيفية تطبيقها» و«دين داعش الملعون» و«شاهد على عصر السيسى»، إضافة إلى مقالات متفرقة منشورة مؤخرًا، أرجو الرجوع إليها فى موقع «أهل القرآن».. الخطاب الدينى الإصلاحى الذى يحتاجه العالم الإسلامى اليوم هو توضيح التناقض بين الإسلام وشريعته القرآنية وقيمه العليا السامية «العدل والإحسان والرحمة وكرامة الإنسان والحرية المطلقة فى الدين» بناء على تأجيل الحكم فيما يخص الدين إلى يوم الدين أمام الله جل وعلا رب العالمين، وبين شرائع المسلمين التراثية، خصوصًا الوهابية السُّنّية.
- المسلمون فى معظمهم يقدسون «المصحف» وليس القرآن، فهم لا يؤمنون بالقرآن إلا إذا كان معه كتاب بشرى يجعلونه حكمًا على القرآن، أى أعلى من القرآن، فمثلًا فى القرآن الكريم حوالى 150 آية قرآنية تنفى شفاعة النبى ولا يؤمن بها المسلمون، تمسكًا ببضعة أحاديث تزعم شفاعة النبى، بل يتطرف بعضهم فيزعم أن أحاديث السُّنة تنسخ (أى تلغى) أحكام القرآن، أى يرفعون البخارى ورواة الأحاديث فوق رب العزة جل وعلا، وهذا يجعلهم أسوأ من قوم الرسول الذين اتخذوا القرآن مهجورًا، والاضطهاد الذى يتعرض له «أهل القرآن» لمجرد دعوتهم الإصلاحية إلى الاحتكام للقرآن الكريم أكبر دليل على أن مَن يضطهدنا يكفر بالقرآن.
■ وما سبب اتهام بعض الأزهريين لك بالرِّدة؟
- لهم دينهم ولنا ديننا، بدأت بتمحيص التصوف فى رسالتى للدكتوراه، وأنا مدرس مساعد، فتعرضت لاضطهاد استمر ثلاث سنوات، وانتهى بأن حذفت ثلثى الرسالة، وهى كلها منشورة فى موقعنا، ثم بدأت فى غربلة الأحاديث، وإصلاح ما يُعرف بالسُّنّة، فأسفر الأمر عن محاكمتى خلال عامين، ثم تركى الأزهر وإدخالى السجن (1985: 1987)، وأسفر هذا عن وصولى إلى ما أؤمن به الآن وهو القرآن وكفى، وألفت كتاب «القرآن وكفى» ونشرته عام 1990، وهو منشور فى موقعنا بالعربية والإنجليزية والفرنسية.
■ كيف ترى الأزهر والإصلاحيين؟
هم يملكون السلطة ولا يملكون الحُجّة، نحن نملك العلم والحجة ومستضعفون، كل منا يحارب بما لديه، نحن نواجههم بالعلم والحُجّة وهم يواجهون أهل القرآن بالحبس الاحتياطى والسجن بتلك التهمة المضحكة «ازدراء الأديان».. المذاهب الإسلامية الأرضية من متصوفة وسُنّة وشيعة كلها تختلف مع بعضها، وكلها تتفق فى تناقضها مع الإسلام الذى نزل به القرآن، بدءًا من تقديس البشر والحجر إلى اختراع شرائع تستحل الحرام وتحرم الحلال، ألا يكفى أنهم يحرمون الغناء الحلال ويستحلون قتل النفس البريئة؟
■ هل ترى منهجك قادرًا على حل أزمة الخطاب الدينى؟
- لو تبنى النظام المصرى ما أدعو إليه لتم إصلاح الأزهر وتحجيم خطر الوهابية وأطيافها من سلفيين وإخوان وتنظيمات إرهابية لا أول لها ولا آخر، ولتبوأت مصر مكانتها وريادتها بدلًا من أن تجعل السعودية المولودة عام 1932 الشقيقة الكبرى لمصر «أم الدنيا» وأقدم دولة فى العالم! وبالمناسبة، «تجديد الخطاب الديني» مصطلح سياسى خاطئ مثله مثل مصطلح «التغيير»، قد يكون التغيير إلى الأسوأ، وقد يكون تجديد الخطاب بإحلال التشيع مكان الوهابية، أو إحلال التصوف بديلًا عن هذا أو ذاك، لا بد من ضبط المفاهيم أولًا، فنقول «الإصلاح الديني»، وهو لا ينفصل عن الإصلاح السياسي، وهو مؤسس على إصلاح تشريعى دستورى وقانونى ينقى التشريع من كل ما يعوق حرية الفكر والدين، وقد كتبت فى إصلاح الأزهر فى كتاب «مبادئ الشريعة الإسلامية وكيفية تطبيقها» و«دين داعش الملعون» و«شاهد على عصر السيسى»، إضافة إلى مقالات متفرقة منشورة مؤخرًا، أرجو الرجوع إليها فى موقع «أهل القرآن».. الخطاب الدينى الإصلاحى الذى يحتاجه العالم الإسلامى اليوم هو توضيح التناقض بين الإسلام وشريعته القرآنية وقيمه العليا السامية «العدل والإحسان والرحمة وكرامة الإنسان والحرية المطلقة فى الدين» بناء على تأجيل الحكم فيما يخص الدين إلى يوم الدين أمام الله جل وعلا رب العالمين، وبين شرائع المسلمين التراثية، خصوصًا الوهابية السُّنّية.