الوضع مستفز للغاية، الحكومة لا تريد التقشف، لا تطبق ذلك ولا تسعى لدعم سياسة ربط الحزام للعبور من الأزمة الاقتصادية، قراراتها في الغالب حبر على ورق أشبه بـ"الزبدة"، مع أول نهار جديد تتراجع عنها وبالعامية بـ"تسيح"، قررت وقف دخول السلع الاستفزازية للبلاد، وتستورد الآن مكسرات رمضان لـ"الأغنياء"، الأسعار تقول إن 220 جنيهًا سعر كيلو اللوز في سوق الياميش والبندق بـ 240، مراقبون لم يندهشوا من الأوضاع، وعلقوا: "السوق عرض وطلب"، فيما وصف اقتصاديون الأمر قائلين: "إحنا في أزمة والحكومة غير مدركة".
أرقام الواردات للياميش هذا العام لا تزال في علم الغيب، هناك حالة من التكتم على الأمر، لكن تشير بعض المؤشرات إلى أن حجم واردات العام الماضي من الياميش يقدر بنحو 50 مليون دولار، مقابل 100 مليون دولار فى العام السابق له، بتراجع يصل إلى 50%، مع توقعات أن يتراجع الـأمر قليلا هذا لعام رمضان 2017.
على أي حال، الأسعار نار وربط الحزام الحل، ذلك أول انطباع يأتي إلى ذهنك وأنت تتفقد حال أسعار ياميش رمضان الذي أصبحت أسعاره أعلى من ضعف أسعار العام الماضي، لتسجل معدلات قياسية.
وخلال جولة في السوق يتضح لك الأسعار متفاوتة من مكان لآخر، فعلى سبيل المثال بلغ سعر البلح من 18 جنيه وصولا إلى 45 جنيهًا، كما وصل سعر قمر الدين ما بين 35 إلى 45 جنيهًا، والزبيب 50 جنيها أما المشمشية فقد كسرت حاجز 90 جنيهًا، أما عن سعر اللوز فسجل ما بين 220 إلى 280 جنيهًا، وسجل سعر البندق 240 جنيهًا، كما سجل سعر الكاجو 320 جنيهًا بدلًا من 180 جنيهًا، وسجل الفستق الإيراني سعر الكيلو 280 جنيهًا.
من جانبهم رفع المواطنون شعار التقشف هو الحل كما تم اطلاق العديد من الحملات التي تنادي بمقاطعة شراء الياميش بمباركة عدد من الجهات مثل جمعيات حماية المستهلك، والتجار لسان حالهم ما باليد حيلة، وتحت حجة أن الأسعار غير ثابتة، مبررين ارتفاعات الأسعار بنكبة الدولار وارتفاع سعر الاستيراد من الخارج والعرض والطلب.
وقال خالد حسام، مواطن، ان اسعار الياميش مرتفعة جدا لدرجة الضعف عن ذي قبل، مشيرا إلى أنه يضطر لشرائها من أجل أولاده حيث انها من بين الأساسيات والتقاليد المتوارثة الشائعة خلال شهر رمضان.
وقال محمود السمان، مواطن، أسعار الياميش غالية والبلح غالي وأحنا تعبانين من ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن الأسعار كلها زادت 40% مستنكرا وصول أسعار البلح إلى مابين 15 و20 جنيها والتمر وصل إلى 70 جنيها.
وأضاف أن الأسعار وصلت إلى الضعف لافتا إلى أنه كان يشتري بمقدار كيلو للكثير من الياميش ولكن الآن أصبح يشتري بمقدار نصف كيلو أو كيلو إلا ربع.
وأضاف محمد عبدالله، أحد تجار التجزئة، العقبة عندنا في عقدة الخواجة، متعجبًا من أن قمر الدين المصري أفضل من المستورد ورغم ذلك يأتي المواطن لشراء الياميش المستورد.
وطالب "محمد" بضرورة مساندة المنتجات المصرية والتي إن حدث مساندة لها لن تكون هناك مشكلة يعاني منها المستهلكون، خاصة أن ارتفاع أسعار الياميش سببه استيراد الياميش من الخارج وهو ما يرفع الأسعار.
وعن أسعار الياميش يؤكد أن الأسعار مرتفعة ولكن الكل في متناول الجمهور فمن كان يشتري كيلو من أي صنف معين من أصناف المكسرات من الممكن أن يقلل الكمية بحيث يناسب ميزانيته فمن يشتري كيلو يشتري نصف كيلو فقط.
وأوضح حمدي، تاجر تجزئة، أن أسباب ارتفاع أسعار الياميش والبلح يتعلق باستيراده من الخارج وهو ما يجبر التجار والمستوردين على رفع سعره لافتا إلى أن الياميش يستورد من عدد من الدول مثل إيران، وتركيا، وأمريكا، وإسبانيا، وسوريا.
أكدت سعاد الديب عضو جمعيات الاتحاد النوعي لحماية حقوق المستهلك، أن شراء الياميش عادة رمضانية ولكنها ليست عبادة، لافتة إلى أنه منذ عامين وهناك ارتفاعات في أسعار الياميش بصورة تجعل البعض يعزف عن شرائها، حيث إنه يجب أن نتحكم في أنفسنا طالما هناك بدائل أخرى دون الياميش على حد وصفها، مشيدة بالعروض التي تقدمها المجمعات الاستهلاكية تنفذ عروضًا بأسعار محددة.
وأضافت: الحكومة ترفض تحديد تسعير معين لبعض السلع أو حتى تحديد هامش ربح محدد للتجار وهو ما جاء كرد فعل لرئيس الوزراء الذي رفض ذلك مبررًا ذلك بوجود سوق مفتوحة وبحجة أن الأسعار تخضع لقانون العرض والطلب.
واستنكرت الديب تلك التصريحات، خاصة أن الحكومة من المفترض أن تكون هي الحكم بين الأطراف وبعضها البعض وهي يجب أن تعمل على لقاء الجهات المعنية مع التجار والمنتجين لمعرفة احتياجات السوق وتحديد الأسعار في حدود معينة لأن السوق ليس ملك الحكومة أو القطاع الخاص، فالأطراف الثلاثة لا بد أن يكون هناك توافق بينهم وخصوصا حينما نكون في أزمة مثل الأزمة الاقتصادية الحالية وتكفل تلك الإجراءات عدم زيادة الأسعار على المستهلك ورغم ذلك فيبدو أن الحكومة ترفضها.
واستنكر الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، استيراد ياميش رمضان من الخارج في الوقت الذي من الممكن أن تقوم مصر بتصنيع ياميش رمضان خاصة الفواكه المجففة التي يكون عليها طلب كبير خلال شهر رمضان، مؤكدا أن مصر في الأصل تصدر الفواكه المجففة إلى الخارج فلماذا لا نقوم بتدشين مصانع تقوم تلك المصانع بعرض منتجات رمضان في معارض خاصة تدعمها الدولة والحكومة وتسوق لها لدعم الإنتاج المحلي قبيل رمضان، ولكن هذا للأسف لا ولم يتم في الوقت الذي وصلت فيه معدلات التضخم إلى 85% ونحن ما زلنا نستورد تلك السلع الاستفزازية التي يمكن تصنيعها للأسف، مؤكدا أن مصر من الممكن أن تستفيد جدا من إقامة تلك المصانع والمعارض والتي ستوفر العملة أيضا.