فى سابقة
برلمانية هى الأولى من نوعها، لم تشهدها الحياة البرلمانية منذ 150 عامًا، أقر
مجلس النواب مشروع القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قوانين السلطة القضائية ومجلس
الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية وإهدار المبادئ الدستورية المستقرة،
والخاصة بأخذ رأى الهيئات القضائية، حيث رفضت جميع الهيئات القضائية هذا المشروع
فى خطابات موثقة ومرسلة إلى المجلس، وآخرها خطاب رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس
القضاء الأعلى القاضى مصطفى جمال الدين محمد شفيق فى 20 أبريل برفض مجلس القضاء الأعلى
لهذا المشروع بالإجماع.
وسبق هذا الخطاب خطابات رئيس مجلس الدولة ورئيس هيئة النيابة الإدارية
وقضايا الدولة برفض هذا المشروع، الذى يمثل اعتداء من السلطة التشريعية على السلطة
القضائية وعدم الالتفات إلى ما يمكن أن يسببه هذا القرار من مجلس النواب من عواقب
وصدام مع السلطة القضائية.
وجاءت عملية التصويت على مشروع القانون بالمخالفة للقواعد
البرلمانية والاكتفاء بوقوف المؤيدين له وعدم التصويت إلكترونيا وسط اعتراضات
وصراخ عدد من النواب، وفى مقدمتهم الدكتور عبدالرحيم علي، الذى أعلن انسحابه من
قاعة المجلس احتجاجًا على هذا الموقف وتبعه جميع نواب تكتل 25-30 وعدد آخر من
النواب المستقلين، الذين أعلنوا أن مجلس النواب سوف يتحمل مسئولية تاريخية أمام
الشعب المصرى بسبب العناد والإصرار على إصدار هذا القانون المرفوض من جميع الهيئات
القضائية وضاربا بعرض الحائط كل
المبادرات التى طرحت
خلال الفترة الماضية لنزع فتيل هذه الأزمة، ومنها مبادرة الدكتور عبدالرحيم علي، الذى
التقى رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادى القضاة؛ محاولا السعى لاحتواء هذه الأزمة.
وقد كشف سليمان وهدان وكيل المجلس خلال محاولته احتواء ردود الفعل الغاضبة
للنواب المعارضين أنه حاول على مدار العشرة الأيام الماضية بذل كل الجهود الممكنة
لاحتواء هذه الأزمة، إلا أنه لم ينجح فى تلك الجهود التى بذلها داخل المجلس، وقد
أظهرت جلسة المجلس أمس أن ائتلاف دعم مصر برئاسة النائب محمد السويدى، قد قام بحشد
غالبية أعضاء الائتلاف لحضور تلك الجلسة وتمرير هذا المشروع تحت أى ظرف من الظروف
فى رسالة واضحة إلى قضاة مصر، أن مجلس النواب هو الأقوى، وهو القادر على لى ذراع أى
سلطة فى مصر حتى لو كانت السلطة القضائية وأن مجلس النواب كسلطة تشريعية هو السلطة
الأولى فى مصر قبل السلطة التنفيذية والقضائية، حيث تبادل عدد من أعضاء الائتلاف
التهانى خارج قاعة المجلس فور التصويت على القانون، وأعلن عدد منهم بصوت مرتفع نحن
سلطة التشريع، وأن السلطة القضائية لا تفرض رأيها علينا.
فى نفس الوقت، تجمع النواب المعارضون، خاصة أعضاء كتلة 25-30 خارج القاعة،
وحذروا من أزمة متوقعة سوف تهدد بنيان الدولة المصرية وجبهة ثورة 30 يوينو التى أطاحت
بالإخوان، وأن ما حدث اليوم من مجلس النواب فشل فيه نواب وبرلمان الإخوان الذين
سوف يعتبرون هذا اليوم يوم عيد لهم، وستكون هناك عواقب وخيمة بسبب هذا القرار من
مجلس النواب، وأن الرهان الوحيد الآن على الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتباره الحكم
بين السلطات برفض التصديق على هذا القانون وإعادته مرة أخرى إلى مجلس النواب
لإعادة النظر فيه فى ضوء مواقف وملاحظات الهيئات القضائية وخاصة مجلس القضاء الأعلى.
شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة د. على عبد العال، حالة من الغضب،
بعد تصويت أغلبية المجلس على القانون المقدم من النائب أحمد حلمى الشريف، بشأن
اختيار الهيئات القضائية، رغم رفض جميع الهيئات القضائية لهذا القانون، في انسحب
بعض النواب اعتراضا على طريقة التصويت.
واعترض نواب 25-30 على قرار رئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال بإقرار
القانون، قبل الاستماع لرأى النواب، مطالبين بإعادة التصويت عليه مرة أخرى، فيما
عقب الدكتور على عبدالعال على النواب الغاضبين قائلًا: خلاص القانون تمت الموافقة
عليه".
من جانبهم، انسحب
الدكتور عبدالرحيم علي، عضو
مجلس النواب، من الجلسة، مؤكدا أن طريقة التصويت على التعديلات لم تتم بالصورة
القانونية، حيث دعا رئيس المجلس الأعضاء للتصويت وقوفا، وكان عدد الواقفين أقل بكثير من النسبة
القانونية التى حددها الدستور بموافقة ثلثى أعضاء المجلس.
وطالب عبدالرحيم علي بضرورة إعادة التصويت على مشروع قانون تعديلات السلطة
القضائية إلكترونيا، حتى يطمئن جميع النواب لصحة التصويت، واصفا الموافقة على
القانون بأنه مثابة تخريب للبلد، لأنه سيحدث صداما بين السلطة التشريعية والقضاء.
وتابع: لم يقف أحد للتصويت على القانون والجميع رأى أن نسبة المصوتين لم تصل إلى
الحد القانونى.
ورفض النائب هيثم الحريرى، عضو
مجلس النواب، طريقة التصويت، مؤكدا أن المجلس خالف الإجراءات المتبعة، ولم يتح
الفرصة للنواب المعترضين على القانون للحديث، فى الوقت الذى انسحب من الجلسة ومعه
عدد من أعضاء ائتلاف 25-30.
ومن جانبه، هدد خالد عبد العزيز شعبان، عضو مجلس النواب، بالاعتصام فى مكتب رئيس المجلس، الدكتور على عبد
العال، لحين تنفيذ مطالبهم فى التصويت الإلكتروني، والتأكد من موافقة ثلثى الأعضاء،
على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائي.
فيما قال محمد العتمانى عضو التكتل فى تصريحات خاصة إن رئيس مجلس النواب لم
يعطيهم الكلمة حتى يعبروا عن رأيهم فى القانون، ما أدى لانسحابهم.