الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

القرن الأفريقي يدفع فاتورة صراع النفوذ الأمريكي الصيني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عما إذا كانت منطقة القرن الأفريقى ستدفع فاتورة الصراع الأمريكي الصيني على السيادة على بحر الصين الجنوبي.
وقالت الصحيفة إن الولايات المتحدة والصين تسعيان لتطويق كل منهما للآخر بسياجات أمنية في مناطق عديدة على رقعة "شطرنج العالم" برغم عدم امتلاك كلا البلدين لحدود مشتركة، وما بين حروب اقتصادية وتجاذبات عسكرية في منطقة بحر الصين الجنوبي وحروب الأقمار الاصطناعية والهجمات الرقمية دخلت أفريقيا حيز السباق على الهيمنة بين الصين والولايات المتحدة، حيث صار المتسابقين الدوليين الكبار على الهيمنة "الصين والولايات المتحدة" جارتين في جيبوتي حيث تمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية كبرى هناك وتمتلك الصين منطقة لوجيستية ترى واشنطن أنها ترقى إلى مكانة القاعدة العسكرية المتكاملة الأركان.
وترى واشنطن أن قاعدتها العسكرية في كامب لومينير فيى جيبوتي قد تعطيها موقعًا متقدمًا في إطار الصراع الأمريكي مع الصين في منطقة بحر الصين الجنوبي وذلك لممارسة ضغط على الصين في المنطقة العربية وشمال أفريقيا إذا تهورت الصين بأي تحرك عسكري في بحرها الجنوبي ضد الولايات المتحدة.
وفى أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، أنشأت الولايات المتحدة قاعدتها العسكرية في كامب ليمونير ووضعت فيها أربعة آلاف من قوات النخبة الأمريكية أحيط عملهم بغطاء من السرية والتكتم لا يزال قائمًا إلى الآن وكأنهم يستعدون لشيء ما، لكن تطويرات الصراع في اليمن وتصاعد أنشطة القرصنة فى القرن الأفريقي وتنامى الإرهاب المتأسلم في الصومال كشف جانبًا عن مهمة القوات الأمريكية في قاعدة جيبوتي التي تقع على مقربة من مطار جيبوتي الدولي وتبين أنها قوات متخصصة في مهام الإغارة وأعمال الصاعقة البحرية ويتم توجيهها بسرعة إلى مناطق شتى في الدائرة القريبة من جيبوتي لتنفيذ مهام استكشاف ومكافحة إرهاب.
وترى الولايات المتحدة أن الصين تعمل على تطويق جيبوتي التي تعد أحد أفقر بلدان العالم من خلال قروض صينية بالمليارات ومن خلال بناء تحالفات استراتيجية مع حكومتها، وتعتبر واشنطن أن التمدد الصيني في جيبوتي هو بلا شك يشكل خصمًا من رصيد الولايات المتحدة في هذا الجزء من العالم.
وترى واشنطن أن الصين قد استفادت من التجربة البريطانية قبل قرنين من الزمان عندما أدركت أهمية منطقة القرن الأفريقي استراتيجيًا وهي التجربة التي تحاول بكين إحياءها من جديد بطريقتها الخاصة.
وفضلا عما تمتلكه الصين من انتشار عسكرى يقوم به 2400 من قوات نخبتها في مهام لحفظ السلام في أفريقيا تقوم الصين باستخدام وحداتها البحرية في خليج عدن لتأمين قوافل التجارة البحرية المارة به والبالغ عددها ستة آلاف قافلة بحرية سنويًا، كما باشرت الصين خلال العام منذ العام 2011 مهام إغاثة عسكرية لإخلاء مدنيين صينيين من مناطق صراع في أفريقيا وخليج عدن منها إخلاء 35 ألف صيني من ليبيا عبر جسر إغاثي نفذته بكين فى العام 2011، وفي العام 2015 أخلت الصين 600 من رعاياها من اليمن.
وتبني الصين حاليًا خط سكك حديد سريع يربط بين جيبوتي والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا وهو ما يعتبره الخبراء بمثابة رابط استراتيجي مهم في هذه المنطقة، والأهم أن فاتورة تلك الخطط الصينية لتثبيت أقدامها عسكريًا واستراتيجيًا في أفريقيا بعد أن ثبتتها اقتصاديًا لا تشكل عبئا على كاهل الموازنة الصينية إذ إن الصين بصدد اعتماد موازنة للدفاع الاستراتيجى والوطني تصل إلى 233 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2020 وهو إنفاق عسكري يتجاوز مجموعة ما تنفقه دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة على أغراض الدفاع ويزيد بمقدار الضعف عن موازنة الدفاع الصينية في العام 2010.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن موازنة الدفاع الأمريكية للعام 2016 بما في ذلك المهام الخارجية بلغت 622 مليار دولار أمريكي.
وما بين إنفاقين كبيرين للصين والولايات المتحدة، تجد جيبوتي فرصة لاستغلال موقعها الاستراتيجي واستثماره لتحقيق تنمية سريعة ورفع مستوى معيشة أبنائها وهو الأمر الذى قد يستغرق عقودا طويلة إذا تم اعتماده على القدرات الذاتية لموارد الاقتصاد الجيبوتي القائم على التجارة وصيد الأسماك وتلتهم ديونها 60 فى المائة من ناتجها المحلي الكلي.
ويقول الخبراء إن جيبوتى وهى تسعى إلى هذا الهدف تقدم ثمنا قليلا للغاية بالسماح للصين بتطوير منشآت لوجيستية على أراضيها، وتقع المنشآت الصينية اللوجيستية التى تعتبرها واشنطن قاعدة عسكرية على مساحة تقل عن 90 فدانًا على سواحل جيبوتي بنظام الإيجار لمدة عشرة أعوام بواقع 20 مليون دولار سنويًا ويقوم عمال صينيون منذ عامين بالبناء عليها بشكل هندسي يستغل ضآلة هذه المساحة فى استيعاب آلاف من الجنود.
كما جددت واشنطن عقد تأجير قاعدة لومينير كامب للولايات المتحدة لمدة 20 عاما لقاء 63 مليون دولار امريكى سنويا مع ضخ استثمارات أمريكية فى انشاءات القاعدة تقدر بنحو مليار دولار تضمن اكتفاءا ذاتيا للقوات الأمريكية معيشيا وترفيهيا تعادل ما هو مفروض من قيود على حركة القوات الأمريكية المرابطة فى هذا المعسكر داخل المدن الجيبوتية حيث لا يبعد المعسكر الأمريكى سوى عشر دقائق فقط بالسيارة عن وسط مدينة جيبوتى العاصمة حيث أماكن تمضية اوقات الراحة و النوادى الليلية والأسواق.
تجدر الإشارة إلى أن الصين والولايات المتحدة ليستا الدولتين الوحيدتين اللتين لهما قواعد مستأجرة فى جيبوتي، فإلى جانبها توجد معسكرات ومراكز تعبوية لعدد من القوات الأجنبية فى مقدمتها حامية فرنسية من قوات العمليات الخاصة ومكافحة الارهاب تتمركز فى جيبوتى منذ العام 1977 عندما استقلت جيبوتى عن فرنسا التي كانت تستعمرها لعقود، كذلك أشارت مصادر أمريكية إلى وجود قوات ايطالية وبريطانية ويابانية فى قواعد صغيرة تستضيفها جيبوتى كما تسعى تركيا ودول شرق أوسطية أخرى إلى إقامة قواعد أو مراكز استيعاب ذات طابع عسكرى ولوجيستي في جيبوتى التى – بحسب ما يراه بعض المراقبين – تستشعر دفء الأمن باحتضان تلك القواعد على اراضيها فى مواجهة تهديدات إقليمية من جيرانها فى إثيوبيا وارتيريا وتهديدات إرهابية من الصومال.