السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بداية النهاية «٣»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى إطار هذا الرصد التاريخى الذى نقوم به لأحداث سنة كاملة مرت على مصر، توقفنا فى المقال السابق عند شهر مارس ٢٠١٣، حيث كنا نعيش حالة أشبه ما تكون بالحرب الأهلية، وقد رأينا ذلك تفصيلًا، وذكرنا أن الدكتور محمد البرداعى قد بعث فى هذا التوقيت بنداء ثالث عبر تويتر للجيش المصرى، كى يتدخل لإنقاذ مصر من الجماعة التى تحكمها، وبينما كان أغلب مؤسسات الدولة محاصرة بعصابات حازم أبوإسماعيل وبشباب الإخوان، وبينما كانت أصوات التهديد والوعيد من جانب الإخوان تارة ومن جانب جبهة الإنقاذ تارة أخرى والاعتداءات على مقار الأحزاب، وعلى بعض الشخصيات العامة من طرفى الصراع مستمرة، وبينما كانت شوارع القاهرة عامرة بالقمامة والكهرباء تواصل انقطاعها ليل نهار، وعربات الكارو تنتشر فى شارع الهرم كبديل للميكروباص الذى لا يجد وقودًا، بينما كان يحدث فى مصر كل هذا، كان الرئيس مرسى يطلب من اللواء رأفت شحاتة الاطلاع على الملفات الموجودة بالمخابرات، والخاصة بالتنظيم الدولى للإخوان، وكذا الخاصة بحركة حماس، وتهرب الرجل من فعل هذا بلباقة، فاستدعى مرسى المهندس أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط الذى خرج من رحم الإخوان، ليخبره بأن جهاز المخابرات العامة يمتلك جيشًا من البلطجية يزيد تعداده على ثلاثمائة ألف رجل، وفى السادس والعشرين من مارس، وفى لقاء إعلامى قال أبوالعلا ماضى بكل ثقة «لقد أخبرنى الرئيس مرسى بأن جهاز المخابرات العامة يمتلك تنظيمًا من البلطجية قوامه ثلاثمائة ألف، وأن هذا التنظيم هو الذى ينزل الشارع ويظهر فى الأحداث المختلفة»، وأذيعت هذه التصريحات على نطاق واسع فأحدثت بلبلة فى الرأى العام ما بين مصدق ومكذب، وبات على الرئيس أن يؤكد أو ينفى، لكنه آثر الصمت فى الوقت الذى قررت فيه المخابرات اتخاذ الإجراءات القانونية حيال هذا التصريح. فما كان من مرسى إلا أن صرح فى الرابع من إبريل ٢٠١٣ فى مؤتمر صحفى عقد بالاتحادية قائلا بالحرف الواحد «إن جهاز المخابرات جهاز وطنى، نكن له كل التقدير والاحترام»، فلما سأله أحد الصحفيين عن تصريح أبوالعلا ماضى قال «اسألوا من أدلى بالتصريح»، وشعر ماضى بالحرج فأصدر الحزب بيانًا يؤكد فيه أن ما أشار إليه المهندس أبوالعلا كان المقصود به نظام مبارك، ولكن هذا البيان لم ترض عنه المخابرات ولا الجيش، وبات الأمر يسير نحو تقديم بلاغ للنائب العام ضد صاحب التصريح، ولأن هذا البلاغ سيفتح ملفات كثيرة تدخل مرسى فورًا، ودفع ماضى للتراجع عما سبق وصرح به، وفى هذا التوقيت خرج مرسى بأشهر أقواله فردد فى اجتماعه مع الجالية المصرية فى قطر على هامش مؤتمر القمة العربية «اللى هيمد صباعه فى مصر هاقطعهوله وأنا شايف صباعين تلاته بيتمدوا» ومما قاله أيضًا «جراب الحاوى مليان، مرة يطلع حمامة وفى المرة الجاية يطلع إيه؟.. طيب لو مات القرد.. القرداتى يشتغل إيه؟» وفى خضم كل هذا تصدر محكمة استئناف القاهرة فى السابع والعشرين من مارس ٢٠١٣ حكمًا تاريخيًا بإلغاء القرار الجمهورى الخاص بتعيين طلعت إبراهيم نائبًا عامًا، وإعادة المستشار عبدالمجيد محمود إلى منصبه، وذلك استنادًا إلى قانون السلطة القضائية الذى ينص على أن النائب العام لا يعزل، وأصبح مرسى فى مأزق قانونى ودستورى، وبينما هو فى قصر الاتحادية يناقش هذا الحكم مع خبراء القانون من جماعة الإخوان، جاءه الخبر بأن الرئيس عمر البشير قد صرح للإعلام بأن مرسى قد تعهد له بضم مثلث حلايب وشلاتين للسودان، وفى تعليقه على هذا الخبر قام مهدى عاكف بتوريط مرسى أكثر وأكثر فقال «نحن أمة مسلمة والحدود فرضها علينا الاستعمار فلا مانع من أن نتنازل عن عدة أمتار هنا أو هناك للأشقاء». ولا شك أن كل هذه التصريحات قد ساهمت فى انخفاض شعبية مرسى وأوصلتها إلى الحضيض حتى جاء الاحتفال بعيد تحرير سيناء، والذى أقيم فى مسرح الجلاء يوم الثامن والعشرين من إبريل، وقد كان لى شرف حضور هذا الاحتفال المهيب الذى اختلطت فيه مشاعر حب الوطن بالخوف على مصيره المحتوم فى ظل الأحداث التى نعيشها، وانسالت الدموع أثناء الأغنيات التى قدمت على المسرح، وبكى الجميع خوفًا على مصر وحزنًا عليها. وهنا خرج لأول مرة الفريق أول عبدالفتاح السيسى عن صمته، وظهر أمامنا كبارقة أمل تلوح فى الأفق، وظلت أيدينا تصفق وقلوبنا ترتعد ودموعنا تنسال وهو يردد «الإيد دى تتقطع قبل ما تتمد على مصرى»، «مصر أم الدنيا وهتفضل قد الدنيا».. كلمات بعثت الروح فى ملايين المصريين ودفعتهم للتفاؤل من جديد، فثمة ضوء يلوح هناك.. ثمة بصيص أمل.. فمصر لن تسقط ما دام هذا الجيش العظيم يحميها، وها هو الفارس المنتظر يخرج فيلتف حوله أبناء الشعب، ففى غضون ساعات أصبحت شعبية الفريق أول عبدالفتاح السيسى جارفة واستبدل الملايين صورهم الشخصية بصورته وهو بزيه العسكرى لتكون صورة البروفايل الخاص به على مواقع التواصل الاجتماعى، ولا شك أن هذا قد أزعج مرسى والإخوان كثيرًا.. وللحديث بقية .