أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن العلاقات مع الولايات المتحدة هي شراكة استراتيجية ذات فائدة كبيرة للبلدين وللشعبين المصري والأمريكي، معربًا عن تطلعه لدفع هذه الشراكة نحو آفاق أوسع على أسس من التعاون والاحترام المتبادل، وبما يسهم بفعالية في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
جاء ذلك خلال لقاء الرئيس بمقر إقامته بواشنطن، اليوم الأربعاء، بمجموعة من الشخصيات المؤثرة في المجتمع الأمريكي، والتي تضم مسئولين سياسيين وعسكريين سابقين، بالإضافة إلى قيادات مراكز الأبحاث ودوائر الفكر وقيادات المنظمات اليهودية الأمريكية.
وأضح الرئيس السيسي أن المباحثات الإيجابية والمثمرة التي تمت مع الرئيس "ترامب" بالبيت الأبيض، عكست رغبة مشتركة لاستعادة الزخم في العلاقات وتدشين شراكة جديدة بين البلدين.
واستعرض الرئيس خلال اللقاء التطورات على الساحة الداخلية، مشيرًا إلى أن مصر بلغت درجة كبيرة من الاستقرار والأمن بعد عدة سنوات من التقلبات السياسية، مؤكدًا استمرار العمل بشكل منظم ومنهجي على تحقيق المزيد من التطور في كل المجالات والإصلاح على جميع المستويات.
وأكد الرئيس أن مصر تستكمل تنفيذ برامج الإصلاح المختلفة فى الوقت الذى تدرك فيه التحديات الكبيرة التي تواجهها وتواجه المنطقة، لا سيما قوى الإرهاب الراغبة في هدم الدولة الوطنية، ولذلك تراعى مصر تحقيق التوازن بين المزيد من التطوير والإصلاح من جهة، والتصدي لتلك المنظمات الإرهابية وعدم السماح لها بإعاقة خطط التنمية والتقدم على الجانب الآخر، معربًا عن ثقته في أن المجتمع الأمريكي يدرك الحجم الحقيقي للتحديات القائمة.
وتطرق الرئيس إلى الجهود التي تقوم بها مصر في سبيل مكافحة الإرهاب، وما تقوم به المؤسسات الدينية المصرية من أجل تصويب الخطاب الديني وتنقيته مما شابه من أفكار مغلوطة كأحد محاور محاربة الفكر المتطرف.
كما أكد الرئيس حرص الدولة على الحفاظ على وحدة النسيج الوطني ومنع أية محاولات للنيل منه وتعزيز ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش.
ودار حوار مفتوح بين الرئيس والحضور، حيث رحب المشاركون فى اللقاء بزيارة الرئيس الأولى لواشنطن، وتوجه الإدارة الأمريكية الجديدة نحو إعادة العلاقات مع مصر إلى مسارها الصحيح وتحقيق انطلاقة جديدة بها، كما طرحوا عددًا من الاستفسارات إزاء التطورات المتعلقة بالقضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، مشددين على ثقتهم في خطى الرئيس السيسي في النهوض بالدولة المصرية والعمل لحل الأزمات الإقليمية.
وأشار الرئيس السيسي في هذا الصدد إلى أن الشرق الأوسط يواجه تحديين رئيسيين يتمثل الأول في الإرهاب الذى أصبح يمثل تهديدًا للعالم أجمع، والذي وجد فراغًا كافيًا داخل العديد من دول المنطقة التي عانت من عدم الاستقرار خلال السنوات الأخيرة، والتحدي الآخر هو ضعف مؤسسات الدولة الوطنية فى تلك الدول وعدم قدرتها على الاضطلاع بمسئولياتها تجاه المواطن.
وأكد أنه يتعين العمل على مواجهة هذين التحديين في ذات الوقت، سواء من خلال تضافر جهود المجتمع الدولي لمواجهة الإرهاب ووقف تمويله ومده بالسلاح والمقاتلين، أو من خلال مساندة الدول التي تمر بأزمات وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لإعادة بناء تلك الدول وتوفير حياة كريمة لأبنائها.
ولفت الرئيس السيسي في هذا الصدد على أهمية عودة الولايات المتحدة للقيام بدور فاعل في دفع جهود التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة بالمنطقة.
وأشار إلى أن التحرك المصري حيال مختلف الملفات الإقليمية، ولا سيما سوريا وليبيا، تحكمه مجموعة من المبادئ تتمثل في الحفاظ على مفهوم وكيان الدولة الوطنية، ووحدة وسلامة أراضيها، والحيلولة دون انهيار مؤسساتها كخطوة مهمة وأساسية تحول دون انزلاق المنطقة نحو المزيد من الانقسام والتشرذم.
وأكد عدم إمكانية حل النزاعات عسكريًا، وأهمية التمسك بالحلول السياسية بما يمكننا من المضي قدمًا في جهود بناء وإعادة إعمار الدول التي تشهد نزاعات من أجل إنهاء معاناة شعوبها، وعدم إتاحة الفرصة لوجود بيئة خصبة تستخدمها المنظمات الإرهابية.
وبالنسبة لعملية السلام، أوضح الرئيس أن القضية الفلسطينية ستظل محورية لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، مؤكدًا وجود فرصة حقيقية لتحقيق السلام، وأن مصر تتواصل مع كل الأطراف من أجل الدفع قدمًا بجهود إحياء عملية السلام.
وأكد أن التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يقوم على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة من شأنه أن يوفر واقعًا جديدًا بالمنطقة وسيُحقق الأمن للجانبين.
وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأمريكية أكد الرئيس حرص مصر على تعزيز العلاقة بين البلدين على المستوى الشعبي، مشيرًا إلى أهمية تكثيف العلاقات بين البرلمانين، فضلًا عن تعزيز دور الأزهر الشريف والكنيسة القبطية في الولايات المتحدة.
وأشاد الرئيس بتصريحات الرئيس ترامب التي عكست رغبته في تعزيز العلاقات مع مصر واستعادة طابعها الاستراتيجي، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات لاقت ترحيبًا من جانب الرأي العام المصري وتُدشن مرحلة جديدة فى العلاقات بين البلدين.