دخلت جماعة الإخوان أزمة جديدة، على خلفية البيان الذي وجهه فريق القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، محمود عزت، إلى القمة العربية، المنتهية فعالياتها في الأردن، الأربعاء الماضي، إذ تضمن البيان الاعتراف بإسرائيل كدولة، عندما ورد فيه عبارة: "منذ تأسيس الجامعة العربية في عام 1945 وقبل قيام دولة إسرائيل بثلاث سنوات".
وتسبب البيان في حالة استنكار داخل صفوف الشباب وبعض القيادات التاريخية، إذ طالب عضو التنظيم الدولي للجماعة، والقيادي الإخواني الفلسطيني الجنسية، عزام التميمي، بغلق مكتب الجماعة في لندن والمعروف بـ"مكتب كريكلوود" الذي خرج عنه البيان.
وقال "التميمي" في مقال له تحت عنوان"هذا ما كنت سأفعله لو كنت صاحب قرار في جماعة" إن هذا المكتب معروف بضعف إمكانياته، إذ أوضح إنه كان قبل أحداث 2011 كان "بمثابة مقر لأمانة عامة لما كان يعرف بالتنظيم الدولي"، متابعًا إن "مهمته كانت مختصرة بالدرجة الأولى في الترتيب لاجتماعات التنظيم، من حيث إجراءات سفر واستقبال المندوبين، وما يتعلق بأمور إقامتهم وضيافتهم أثناء وجودهم في لندن أو حيث يعقد اللقاء" وأضاف "لم يكن يصدر عن هذا المكتب إلا النزر القليل مما يمكن أن يهتم له أحد في وسائل الإعلام أو الوسط السياسي.
وما صدرت عنه فيما بعد من نشرة مطبوعة ثم إلكترونية تعرف باسم "رسالة الإخوان" كانت جهدًا متواضعًا، لا يضر وإن كانت فائدته محدودة، ولعل بعضنا كان يعتبره اجتهادًا أدبيًا مشكورًا، رغم ضعفه وعدم اكتراث كثير من الناس به، لمن يشكلون طاقم مكتب الخدمات هذا".
ولفت إلى إنه عقب 2011 تصدر هذا المكتب المشهد وبات يقوم بأعمال لم يكن على قدر أهميتها ما تسبب في سقوطه في إخفاقات كان أخرها الإشارة إلى إسرائيل بـ"الدولة".
وعلى ذلك طالب القيادي الفلسطيني بغلق هذا المكتب وإلغاء القرارات التي نجم عنها فصل أو تجميد عضويات بعض أعضاء الجماعة في إشارة إلى القرارات التي اتخذتها جبهة "عزت" مؤخرًا في حق صف الشباب، علاوة على مطالبته بعدم قصور الأنشطة الهادفة لخدمة الجماعة على فئة معينة وهي جبهة محمود عزت.
وتسبب المقال في صدمة داخل جبهة القائم بالأعمال، ليرد عليها "التميمي" مجددًا قائلًا: "إلى الإخوان الذين فاجأهم أو أزعجهم ما كتبته بالأمس وما اقترحته من إجراءات لوقف التدهور السريع في أوضاع الجماعة، أسألكم بالله أن تجيبوني بكل تجرد ونزاهة: هل يوجد ضمن قيادات الجماعة، سواء في هذا الجناح أو ذاك، في الداخل أو في الخارج، من هو معصوم وفوق المساءلة والمحاسبة؟"، وتابع إن الجماعة تعيش تحت سيطرة حفنة من القيادات لا تنظر إلى مصلحة التنظيم.
وفي رد فعل على ذلك كتب عصام تليمة، الإخواني المقيم في تركيا، ساخرًا من القيادات التاريخية، مشيرًا إلى إنها ستتخلى عن مناصبها وستنسحب من المشهد، ثم تبع حديثه بعبارة "كذبة ابريل" في إشارة إلى استحالة حدوث ذلك.
من جانبه، دافع إبراهيم الزعفراني، عضو مجلس الشورى بجماعة الاخوان السابق، في بيانين متعاقبين عن الاعتذار الذي قدمته الجماعة على لسان المتحدث باسمها طلعت فهمي، إذ أكد الأخيرة فيه على حقوق القضية الفلسطينية وموقف الجماعة منها. ووصف "الزعفراني" الاعتذار بالشجاعة، قائلًا عن صف الشباب: "مطلوب من الجناح الإخواني الذي تحلى بالشجاعة وأصدر تقويما للماضي، أن يتحلى بذات الشجاعة ويحدثنا عن موقفه من اللجان النوعية.. هل كانت خطأ أم صوابا؟ وكذلك فكرة العنف وموقفه منها".
وتابع معترفًا بعلاقة شباب الجماعة باللجان النوعية، قائلًا: "قد يغضب طلبي هذا الكثير، ولكنها أمانة التجربة والتاريخ نسطرها بحلوها ومرها لنتركها لأجيال قادمة تقرأها على صورته الحقيقية بغير مساحيق تجملها او عبث يغيرها".
بدورها برّرت جبهة "العواجيز" على لسان إبراهيم منير نائب المرشد العام للجماعة، والأمين العام للتنظيم الدولي، استخدام مصطلح "دولة إسرائيل" في الرسائل التي وجهتها جبهة عزت للقمة العربية، حيث أكد منير في لقاء تليفزيوني عبر قناة الجزيرة القطرية، أن الهدف منه هو التقريب بين الشعوب العربية وحكامهم حاولنا فى هذه الفقرة أن نقرب الشعوب إلى القادة، وأن نقرب القادة إلى الشعوب مشيرًا إلى أن معظم الدول العربية الآن فى حوارات معلنة أو سرية مع إسرائيل؛ حسب قوله.
وتعليقًا على ذلك قال طارق أبو السعد، الإخواني المنشق، إن بيان القمة العربية لا يمكن فهمه في سياق الخطأ الفني، مشيرًا إلى إنها خطوة ممنهجة من الجماعة لتقديمها في صيغة أكثر اعتدالًا تغازل بها أمريكا والغرب عمومًا. وأوضح أن ذلك يتسق مع التقارير المتكررة عن اتجاه حركة حماس، فرع الإخوان في فلسطين، إلى تغيير جلدها في سبيل عدم حظرها دوليًا.
وشدد على أن الجماعة تشهد مرحلة صعبة للغاية دفعت حتى المنشقين إلى الدخول في المشهد، في إشارة لإبراهيم الزعفراني، مشددًا على أن جبهة عزت تفهم ما تفعله وخروج البيان بهذا الشكل ثم الاعتذار عنه كان مخطط له مسبقًا.
وتطرق إلى مطالب "التميمي" بإغلاق مكتب لندن، مؤكدًا إنه طلب سليم لكن الجماعة لن تضعي بمركز نفوذها في لندن.
من جانبه قال سامح عيد، الإخواني المنشق، إن الأزمة التي تمر بقها الجماعة حاليًا تمس أدبياتها، مرجحًا أن تكون جبهة "عزت" قد تراجعت ولو ظاهريًا عن دعم القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن المنهج "البرجماتي" في الجماعة يساعدنا على تفهم ذلك.
ولفت إلى أن المشهد داخل الجماعة طاح ودخل فيه منشقين عن الجماعة، ودفع بعضهم إلى التأكيد على علاقة الشباب باللجان النوعية التي طالما ما رفضت الجماعة الاعتراف بعلاقتها بها. وشدد على أن ذلك سيكون لصالح الشأن العام الذي يكشف أكاذيب الجماعة.