سادت حالة من السخط والغضب فى أوساط الصوفية، بعد فتوى الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، عن تحريم الاحتفال بأولياء الله الصالحين، وعدم إقامة أضرحة للمتوفين الذين يعتقد أهلهم أو ذووهم أنهم من أولياء الله الصالحين.
اتهمت قيادات الطرق الصوفية «شومان»، بتنفيذ مخطط سلفى داخل الأزهر الشريف، من خلال محو التراث الصوفى وإنكار كرامات الأولياء، ووصفهم بما لا يليق، مما يوضح ويبين حقيقة الدعوة التى يتبناها «شومان» داخل أروقة مشيخة الأزهر.
وكانت حالة من الغضب اجتاحت الطرق الصوفية فور إصدار «شومان» بيانًا له، تحدث فيه عن الأولياء والكرامات، حيث أكد أنه لا يجوز نبش القبور إلا للضرورة القصوى، أو حاجة شديدة كتخريب أرض المقابر بغمرها الماء ونحوه وعدم صلاحيتها كمقابر، أو استخراج الجثة لمعرفة سبب الوفاة متى شكّ فى موته جنائيًا، أو حاجة ماسة لشق طريق يمر بالقبور لتنقل إلى موضع آخر.
وأضاف «شومان» فى بيان له أمس الأول، أن نبش القبور لإقامة الأضرحة لمن يعتقد أنهم صالحون، يعتبر عبثًا ولا أصل له فى الدين، وطواف الناس بالميت بالطبل والزمر قبل دفنه فى موقع مقامه الذى سيبنى بعد ذلك كى يصبح مزارًا، وربما يتحول لمولد سنوى يحتفى به المريدون باعتباره وليًّا أمر غير جائز شرعًا، بالإضافة إلى اكتشاف أهل الميت الذى دفن فى قبره أنه ولى من أولياء الله الصالحين.
من جانبه، أكد قنديل عبدالهادى، من علماء الطرق الصوفية، أن وكيل الأزهر هاجم أولياء الله الصالحين ووصفهم بما لا يليق، وقال إن الناس يخرجون المتوفى من قبره معتقدين أنه من أولياء الله الصالحين، وفى ذلك تجنٍ على أولياء الله وخاصته، وعلى ذلك نوصل رسالتنا إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، هذا الرجل الحكيم الذى يعرف جيدًا معنى كلمة «ولى» وهو من المؤكد لا يقبل إهانة أولياء الله فى حضرته، وخاصة أن شيخ الأزهر الذى يجتمع المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها حوله.
وتابع «قنديل» أنه عندما يتم إخراج متوفى من قبره ليتم وضعه فى قبر آخر، لا يتم فعل ذلك بهذه السهولة، ولكن هناك علامات ودلالات وقرائن تؤكد أن هذا الرجل أو ذاك فعلًا من أولياء الله الصالحين، والأمر ليس بهذه السهولة التى يتحدث عنها وكيل الأزهر الشريف، وعندما يطوف المواطنون بالنعش ويفرحون بذلك، فهم يطوفون بنعش فارغ ليس فيه أحد متوفى، نوع من التعبير عن الفرح عند مريدى الصوفية خلال احتفالاتهم بموالد الأولياء، فى بعض المناطق وليس جميعها، حيث يتم ذلك فى سوهاج وقنا وأسوان، وكل منطقة ولها خصوصياتها، فلا يجب علينا التدخل فى ذلك فهى عادات وتقاليد اعتاد الناس عليها فى بعض الأماكن، ولكن مهاجمة الأولياء ورفض أن تقام لهم أضرحة أمر مرفوض ومستهجن.
وفى سياق متصل، هاجم مصطفى زايد، منسق ائتلاف الطرق الصوفية، الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، متهمًا إياه بتنفيذ مخطط سلفى داخل الأزهر الشريف، هدفه الرئيسى محو التراث الصوفى الذى يستمد الأزهر قوته منه، وذلك خدمة للسلفيين الذين ينشرون أفكارهم بين أساتذة الأزهر الشريف، ووصل الأمر لنشرهم هذا الفكر المنحرف بين قيادات الأزهر الشريف، وهذا الأمر ترفضه الصوفية شكلًا وموضوعًا.
وطالب زايد شيخ الأزهر أحمد الطيب بأن يخرس لسان «شومان» قبل أن يخرسه أولياء الله الصالحون، حيث إنهم لا يقبلون إهانتهم بأى شكل من الأشكال، والرد على «شومان» سيكون عمليًا عما قريب، وخاصة أن الأولياء لهم كرامات عديدة ومعاداتهم أمر خطير جدًا، ورسالتنا إلى «شومان» هي: «احذر غضب الأولياء وتراجع عن فتواك الملعونة وإلا فتحمل ما سيحدث لك من أولياء الله وخاصته».
فى الوقت نفسه، قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية الوافدين بجامعة الأزهر، إن الإسلام لم يقم على الرؤى المنامية، وإنما قام على الحقائق التى أخبرنا بها الرسول صلي الله عليه وسلم، وفيما يتعلق بإيقاف الميت فى الطريق فهو أمر قد يفعله أهل الميت أو جماعة، ولم يرد أنه لم يقف، ولكن ما يجرى أمر غير صحيح، فالميت لا يقف فى الطرقات ومن السنة الإسراع فى دفنه. وأضاف أن تلك الأمور التى يعتقد بها البعض من إيقاف الميت وحده فهى أمور عبثية وليست حقيقة ولا من الدين فى شيء، متسائلًا «لماذا لا توقف السيارة التى تنقله ويوقف حاملوه؟».
وأوضح عميد كلية الوافدين بجامعة الأزهر، أنه فيما يتعلق بأن المتوفى يأتى فى المنام لأحد الأشخاص ويقول افعلوا كذا، فهذا أمر يختص به صاحبه فقط، لكن لا يقال للناس ولا يبنى عليه دليل شرعى، مؤكدًا أن الشرع لا يقوم على المنامات والرؤى والأحلام، وإنما يقوم على كتاب وسنة، وما فعله صحابة النبى والتابعون وعلماء الأمة، فهذا هو الذى نعرفه، وغير ذلك أمور عبثية لا يعرفها ديننا الحنيف، وكما قال الرسول «جئتكم بالمحجّة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك».
وتابع: «الكرامة اعترف بها الإسلام، ومن ينكرها فقد أنكر ما نعرفه فى ديننا، وقد ثبتت فى القرآن والسنة، ودليلها ما جاء عن السيدة مريم فى كتاب الله حين قال «كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله»، كما أنها ثبتت لأصحاب الرسول والعلماء»، مضيفًا أن الكرامة يجب ألا يتحدث بها أو يحكى عنها فالولى يستحى من كرامته ولا يحكى عنها، كما أنها تختص بصاحبها ولا تكون حجّة على الآخرين، فمن عنده كرامة فليكتمها.