كشف اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد بين جمهورية مصر العربية وصندوق النقد الدولي" والمعروفة إعلاميًا باتفاقية قرض صندوق النقد الدولي التي تنفرد "البوابة" بنسخة منه، عن الشروط التي التزمت بها الحكومة للحصول على القرض الذي يبلغ إجمالي المبلغ 12 مليار دولار.
ووفقًا لتقرير خبراء صندوق النقد الدولي، المرفق بالاتفاقية، فإن هذا القرض يهدف إلى علاج ثلاث مشاكل رئيسية ملحة يعاني منها الاقتصادي المصري، والتي تتمثل في عجز ميزان المدفوعات وتصاعد الدين العام، انخفاض النمو وارتفاع البطالة.
ووفقًا لما ورد في التقارير المرفقة بالاتفاقية، فقد جاءت موافقة مجلس ادارة الصندوق على الاتفاق، مقابل 422% من حصة مصر في رأس مال الصندوق، وذلك بقيمة 12 مليار دولار أمريكي، على 3 سنوات، مقسمة على 6 شرائح.
وقد حصلت مصر على الشريحة الأولى في نوفمبر 2016، وسوف يعقبها إتاحة باقي الشرائح وفقًا للجدول المدرج بالاتفاق، وتبلغ رسوم الإقراض والخدمة السنوية على هذا القرض نحو 1.5 – 1.7% من قيمته.
ويدخل الاتفاق حيز النفاذ من تاريخ اعتماد مجلس إدارة صندوق النقد الدولي للاتفاق، ويتضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به الحكومة المصرية عددًا من الإجراءات والخطوات التي من شأنها حصول مصر على الشريحة الأولى من القرض، ومنها برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به الحكومة للحصول على القرض.
ووفقًا لما ورد بالتقرير فقد تم اعتماد القرض بناءً على برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به الحكومة والذي تضمن عددًا من الإجراءات الإصلاحية، التي التزمت بها الحكومة، والتي تهدف إلى إصلاح الاختلالات المالية، والخلل القائم في ميزان المدفوعات، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وذلك من خلال العمل على عدد من إصلاح الخلل القائم فيما يتعلق الإيرادات العامة للدولة، والمصروفات، وإعادة النظر في الدعم الموجه للطاقة، والعمل على حل المشكلات المعوقة لعملية الصناعة الاستثمار في مصر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح المنظومة الإدارية وبرامج الحماية الاجتماعية.
ومن أهم الإجراءات التي التزمت الحكومة باتخاذها لزيادة إيرادات الدولة، هي تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، أو ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة في موعد أقصاه نهاية العام المالي 2017/2018، ووضع نظام ضريبي جديد ومبسط للمشروعات متوسطة وصغيرة الحجم، مع الالتزام برفع سعر ضريبة القيمة المضافة إلى 14% مع العام المالي 2017/2018، وتستهدف تلك الإجراءات زيادة الإيرادات العامة للدولة بنحو 0.4% - 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي عن العام 2018/ 2019 من خلال توسيع القاعدة الضريبية، وتحسين كفاءة الإدارة، والتحصيل الضريبي، واستكمال الإصلاحات الضريبية والجمركية، ومعالجة الاختلالات في المجتمع الضريبي، وفض التشابكات المالية بين الجهات العامة.
وفيما يتعلق ببند المصروفات فقد التزمت الحكومة بضبط السياسة النقدية، وترشيد الإنفاق العام (الحكومي) لضمان بقاء الدين العام في حدود يمكن تحملها والسيطرة عليها.
كما التزمت بتطوير منظومة التعينات في القطاع الحكومي بالدولة، وإصلاح منظومة الدعم عبر التوسع في مخصصات برامج الدعم النقدي وبرامج الحماية الاجتماعية على المدى المتوسط عن طريق معاشات الضمان الاجتماعي، ومعاشات الأطفال، والإسكان منخفض التكاليف، والتأمين الصحي، ودعم الأدوية، بالإضافة إلى دعم ألبان الأطفال والأدوية، والتغذية المدرسية، والتدريب المهني للشباب، وإعانات النقل للطلاب، والمناطق ذات الدخل المنخفض.
كما التزمت الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات لإصلاح المنظومة الإدارية بالدولة، وأهمها وضع خارطة طريق لإصلاح نظام المعاشات، من مساعدة فنية عن طريق الشركاء الدوليين، بهدف ضمان الاستدامة المالية لصناديق المعاشات على المدى الطويل، ومراجعة الأداء المالي والوظيفي للهيئات الاقتصادية للتأكد من اتباعها المعايير الدولية، كما أكدت على تنفيذ خطط الإصلاح في قطاع الطاقة باعتباره أهم القطاعات المؤثرة على الأداء المالي والاقتصادي للدولة، وذلك من خلال الالتزام بإصلاح منظومة دعم الوقود بهدف تحقيق متوسط سعر قبل الضريبة إلى التكلفة 85% في 2017/2018، 100% 2018/2019، فضلًا عن إلزام الهيئة العامة للبترول بعدم تراكم أي متأخرات مالية جديدة لديها، والسعي لعقد اتفاقية مع الدائنين على الجدول الزمني لسداد المتأخرات الحالية بشكل تدريجي، ووضع خطة عمل تضمن وضع الهيئة في وضع مالي مستقر.
فضلًا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة إنتاج الغاز من 3.8 مليار قدم مكعب إلى 4.9 مليار قدم مكعب في العام 2016/2017، على أن يرتفع إجمالي الإنتاج خلال ثلاث سنوات إلى 7.7 مليار قدم مكعب يوميًا.
كما أكد على اتخاذ بعض الإجراءات الهيكلية لإصلاح منظومة الصناعة والاستثمار، من خلال اعتماد قانون التراخيص الصناعية الجديد، بما يضمن إلغاء التراخيص الصناعية باستثناء الصناعات التي تؤثر على المصالح العامة الحيوية.
واقتصار طلب مرفقات الحريق والدفاع المدني على المرافق عالية الخطورة فقط، بالإضافة إلى وضع خطة عمل لتحسين نظام تشجيع الصادرات والحد من العوائق التجارية والجمركية مع تبسيط إجراءات الإفلاس والتصفية وفقًا لأفضل المعايير الدولية المتبعة.
كما التزمت الحكومة بالاستمرار في برنامج طرح الأصول العامة للاكتتاب العام على مدار الخمس سنوات المقبلة، مع وضع خطة مفصلة تشمل قائمة الشركات المحتمل الاكتتاب فيها، في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية، وقطاع النفط والغاز، والبتروكيماويات، ومواد البناء، والتطوير العقاري.
وفيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية، فقد التزمت الدولة بتشكيل لجنة مشتركة من وزارات "العمل، والتضامن، والمالية، والتجارة والصناعة، فضلًا عن ممثلين من مجلس المرأة والأوساط الأكاديمية" للعمل على استهداف زيادة نسبة مشاركة المرأة.
وإلى جانب التزام الدولة بإنفاق 250 مليون جنيه لتوفير دور حضانة، ومرافق عامة أخرى تعزز من قدرة المرأة على الحصول على وظائف مناسبة وتجنيب 1% من الناتج المحلي الإجمالي من الوفورات المحققة في عام 2016/2017، بما لا يقل عن 25 مليار جنيه إنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، والتغذية المدرسية، والتأمين الصحي، ودعم الأدوية.
ومن جانبها أكدت اللجنة البرلمانية المشتركة المشكلة من لجنة الخطة والموازنة واللجنة الاقتصادية، المكلفة بدراسة الاتفاقية، أن هذا الاتفاق سوف يسهم في القضاء على الخلل في ميزان المدفوعات، وتحسين عمل أسواق النقد الأجنبي، وتخفيض عجز الموازنة، وخفض معدلات الدين العام وأعباؤه، فضلًا عن رفع معدلات النمو، وخلق فرص عمل للمرأة والشباب، إلى جانب دعم برنامج الحماية الاجتماعية.
كما أكدت اللجنة في تقريرها أن كثرة الاقتراض الحكومي من المحلية، يقلص الموارد المالية المتاحة للقطاع الخاص، ولذلك فإن قرض صندوق النقد الدولي كشكل من أشكال الاقتراض الخارجي، له ميزة إضافية تتمثل في إتاحة مجال أكبر أمام البنوك المحلية لإقراض القطاع الخاص، لا سيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر عاملًا أساسيًا لخلق فرص العمل، وتشجيع النمو الاحتوائي.
وأشارت اللجنة إلى أن برنامج الصندوق قد ركز على الإصلاحات الهيكلية، واستهداف جزء من الإصلاحات الاقتصادية الضرورية خلال فترة زمنية مناسبة، وأن تلك الفترة الزمنية تتميز بضمان فترة سداد أطول، تتوافق مع تحقيق نتائج الإصلاحات المشار إليها بالاتفاقية.
وبناءً على ذلك أقرت اللجنة بالموافقة على الاتفاقية، ودعت المجلس للموافقة عليها.