التنظيم السرى الوحيد والشرعى لإنقاذ مصر كان هو تنظيم الضباط الأحرار، الذى فجَّر وقاد ثورة يوليو ١٩٥٢ من أجل تحريرها من الاحتلال الإنجليزى، والإطاحة بالملك الفاسد وحاشيته والأحزاب الفاسدة، وكان لدى أعضائه مبررات عديدة لإصباغ السرية على نشاطهم وأعمالهم واجتماعاتهم، لنبل الهدف الذى كانوا يسعون إليه، وهو إنقاذ مصر..
وبعد انتهاء مهمة هذا التنظيم السرى الشرعى، ونجاح ثورة يوليو ١٩٥٢ بدعم ومساندة الشعب المصرى، وأصبح عدد من قادة هذا التنظيم فى مواقع القيادة العليا ورئاسة الجمهورية، وهما الزعيمان الراحلان جمال عبدالناصر وأنور السادات..
وتاريخ مصر منذ يوليو ١٩٥٢ وحتى الآن حافل بظهور العديد من التنظيمات السرية المسلحة وغير المسلحة، ولكنها غير شرعية، لأن هدفها هو قلب نظام الحكم، والعديد منها تم اكتشافه ومحاكمة أعضائه، لأن دعم مصر وإنقاذها لا يتم عبر أساليب العصابات وبطريقة المؤامرات وإسالة الدماء، ولكن دعم مصر يتم بالعلانية وتحت مظلة الدستور ومساندة الشعب لمن يسعون لذلك.
وفى ظل الدستور الحالى دستور ٢٠١٤، دستور ثورة يونيو العظيمة، التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، والنص على تشكيل وظهور الائتلافات السياسية تحت قبة مجلس النواب، ظهر على الساحة السياسية والبرلمانية ائتلاف دعم مصر، الذى حصل على تأييد ومباركة مجلس النواب، وأصبح يقود الأغلبية البرلمانية من أجل دعم مصر.
وتصور الجميع أن ائتلاف دعم مصر سوف يستفيد من تجارب الماضى البعيد والقريب، وأن ينفتح على جميع المصريين من خلال إقامة شبكة اتصال قوية مع رجال الصحافة والإعلام، وأن يفتح أبوابه أمام أجهزة الصحافة والإعلام لنقل كل الحقائق والأنشطة والأعمال الخاصة بالائتلاف حتى يضمن المساندة الشعبية له.
وللأسف الشديد، مع مرور الوقت، اتبع ائتلاف دعم مصر أساليب التنظيمات السرية فى إدارة نشاطه واجتماعاته وأعماله، وأغلق الأبواب بالضبة والمفتاح أمام رجال الصحافة والإعلام، خشية تسرّب أخباره إلى أجهزة الأمن، فتقوم بمداهمة مقار اجتماعات التنظيم، وتلقى القبض على قيادات وأعضائه بتهمة دعم مصر سرًا وليس علانية.
فائتلاف دعم مصر حتى الآن ليس لديه متحدث رسمى يلتقى برجال الصحافة والإعلام ليشرح لهم وجهات نظر الائتلاف إزاء القضايا القومية، وأيضًا يلتقى بالمراسلين الأجانب للدفاع عن مواقف الائتلاف تحت قبة مجلس النواب، وتفنيد الشائعات والرد على الأكاذيب وتقديم صورة حقيقية لدور هذا الائتلاف البرلمانى الشرعى.
ومما يؤكد أن الائتلاف يعمل بأسلوب التنظيمات السرية أنه عقد مؤتمرًا موسعًا مؤخرًا فى مدينة الغردقة، بحضور ومشاركة نحو ٣٥٠ نائبًا بالبرلمان أعضاء بالائتلاف، لحضور ورش عمل فى إطار تنظيم وهيكل الائتلاف، دون توجيه الدعوة لأى إعلامى أو صحفى، خاصة من المحررين البرلمانيين لمتابعة وحضور هذا الاجتماع والمؤتمر الموسع.
ولم يقدم قادة ورموز الائتلاف أي مبررات مقنعة حول هذا الإجراء ورفض حضور رجال الصحافة والإعلام لهذا المؤتمر المتوقع أن يشهد وضع وإعداد خريطة سياسية جديدة لإدارة وعمل هذا الائتلاف فى المرحلة المقبلة، مع قرب بدء العد التنازلى لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة وفكرة تأسيس وإشهار حزب سياسى جديد.
فمن يسعى لدعم مصر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا لا يمكن أن ينجح ما دام يفرض على نشاطه واجتماعاته السرية، ويغلق الأبواب أمام رجال الصحافة والإعلام، مما يفتح الباب واسعًا أمام التسريبات الحقيقية وغير الحقيقية، وأيضًا القيل والقال، ويضطر لإصدار بيانات النفى والتكذيب، ويضطر للجوء لرجال الصحافة والإعلام.. ووقتها سوف يعطى الإعلام ظهره للائتلاف السرى لدعم مصر.