يستعرض الدكتور خالد عزب في كتابه "الآثار.. شفرة الماضي اللغز والحل"، الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية قصة غموض الماضي وحياة الإنسان على الأرض منذ العصور السحيقة، كاشفا عن أسرار الآثار التي تقدم إجابات على أسئلة تدور في ذهن كل إنسان.
فعلم الآثار يهدف إلى الحفاظ على المكتشفات التي تعود إلى الماضي السحيق، وكذلك الماضي القريب بالكشف عنها وحفظها، لكن حدوده تتسع إلى محاولة فهم الإنسان وتطور المعرفة الإنسانية، فالمواد التي يعثر عليها علماء الآثار لا تخبرنا بمفردها بكل شيء.
عالم الآثار يضع افتراضيات وتساؤلات ليصل إلى رؤية لما تم الكشف عنه، من هنا يبرز التساؤل: كيف كنا؟ وكيف نحن الآن؟ بين البداية والحاضر مساحة واسعة، سواء من حيث الزمن أو المعرفة، أو التطور الذي لحق بالإنسانية، ويكمن دور علم الآثار في سد تلك الفجوة.
الكتاب يتكون من ستة فصول، أولها علم الآثار وتطور المجتمعات والثاني عن فك طلاسم الماضي وهو فصل يحكي قصة تطور الكتابة وفك شفرات اللغات القديمة، والفصل الثالث يحدثنا فيه خالد عزب عن علم الآثار وغذاء الإنسان، حيث يهتم علم الآثار منذ فترة طويلة بجوانب الطعام المادية التي كانت سائدة منذ العصور الحجرية، عبر تتبع أصول الغذاء وتطوره وانتشاره، ومناقشة وتصنيف ما كان يؤكل، ومن أين كان يأتي؟ وكيف كان ينتج ويوزع؟
المؤلف يجيب في كتابه على كل الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع في فصل كامل، لكن يستدعي الانتباه في هذا الفصل تناوله لطبق الفول أهم أكلة عند المصريين، وهي عرفت منذ عصر الأسرات الأولى الفرعونية، وعثر على بذوره في أحد قبور الأسرة الثانية عشر الفرعونية وفي العديد من الأماكن.
ويشرح المؤلف أن كلمة فول مدمس تعني بالمصرية القديمة "الفول المدفون"، ومنه صنعت الفلافل، والبصارة التي كانت تعرف ب "بسي أورو" أي فول مطبوخ.
الفصل الرابع من الكتاب عن السياق والأثر، يحذر من أن سرقة الآثار من موقعها من قبل اللصوص تفقد القطعة الأثرية جزءا كبيرا من قيمتها، فالسياق الذي يجري فيه الكشف عن القطعة الأثرية وتحليله يساعد علماء الآثار على فهم المجتمعات القديمة وطبيعة النشاط البشري.
ويتعرض الفصل الخامس لتقنيات تأريخ الآثار، بدءا من الزخارف إلى الكتابات إلى المواد التي يصنع منها الأثر إلى طبقات الموقع الأثري إلى استخدام تقنيات المعامل.
وفي الفصل السادس يعود المؤلف إلى رؤية علماء العرب لعلم الآثار، فقد جعل العرب والمسلمون النظر في الماضي للعظة والعبرة، من هنا نستطيع أن نفهم كتاب المقريزي المؤرخ المصري في العصر المملوكي حين وعنوانه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" الذي يذكر فيه آثار القاهرة وما طرأ عليها من تحولات.