كشفت آخر إحصائية للجهاز
المركزى للتعبئة العامة والإحصاء صدرت يوليو 2016، عن ارتفاع نسبة الفقراء فى مصر
الى 27.8 %، قالت الإحصائية: إن شريحة هذه النسبة لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم
من الغذاء على الأقل، منهم 57% من سكان ريف الوجه القبلى و19.7 % من ريف الوجه
البحرى.
وجاء بالتقرير، أن أعلى نسبة للفقراء فى مصر فى
محافظتى أسيوط وسوهاج بنسبة 66 %، يليها قنا بنسبة 58 %، وأن أقل محافظة بها فقراء
هى محافظة بورسعيد بنسبة 6.7 %، ثم الإسكندرية بنسبة 11.6 % وأن 18 % من سكان
القاهرة فقراء.
وكشف التقرير، أن 11.8 مليون مواطن يعيشون فى أدنى
فئة إنفاق فى مصر، حيث ينفق الفرد 4 آلاف جنيه سنويا بما يقدر بـ 333 جنيها شهريًا،
فى حين أن 14.7 % من المواطنين يعيشون فى أغنى فئة حيث ينفقون أكثر من 12 ألف جنيه
سنويا، وأن 27.9 % من عائلي الأسر لا يعملون وأن 17.7 % من عائلي الأسر نساء، وأن 2.3
% من الأسر لازالت تستخدم التليفزيون الأبيض والأسود، وأن متوسط الاستهلاك السنوى
للأسرة على الطعام والشراب خلال عام 2015 وصل الى 12.6 ألف جنيه.
ولفت مقرر المجلس القومى
للسكان طارق توفيق، إلى أن هناك تقارير رسمية صادرة عن مركز التعبئة والإحصاء تؤكد
أن خط الفقر لمن دخلهم أقل من 2798 جنيها سنويا طبقا لمسح عام 2012 - 2013 نسبتهم
عالية، كاشفا ارتفاع نسبة الفقر من 25.2 % إلى 27.8 % عام 2015، مؤكدا أن نسبة
الفقر سترتفع الى 35 % اذا لم يتم ضبط الزيادة السكانية، متوقعا ارتفاع خط الفقر
لمن دخلهم 5700 جنيه سنويا إذا زاد السكان.
أوضح مقرر المجلس القومى للسكان، أن معدل زيادة
المواليد فى مصر سنويا وصلت 2 مليون و400 ألف طفل وهذا يقلل من مستوى معيشة الفرد
وخدماته ونصيبه من المياه، موضحا أن نصيب الفرد سنويًا من الناتج القومى 3800 دولار.
وقال محمد أبو الفتوح نعمة
الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية: إن معدلات الفقر
فى مصر مرتفعه للغاية ويعد المصريين الذين يعيشون فى فقر مدقع ولا يستطيعون الوفاء
بالحد الأدنى لمتطلباتهم المعيشية هم أغلبية المصريين، حيث تشير العديد من الدراسات
إلى أن نحو ثلثى المصريين لا يجدون قوت يومهم ويعيشون بأقل من 1.9 دولار للفرد
يوميا، مضيفا أن تقرير الثروه العالمى لعام 2015 يشير إلى أن أغنى 10% من
المصريين يستحوذون على نحو 75% من الثروة بالبلاد، وأن أغنى 1 % يحصلون تقريبا على
50% من الثروة، وأن مصر من أسوأ ثمانية دول فى العالم فى توزيع الدخل، وهو ما يعنى
أن معدلات الفقر فى مصر لا يمكن مقارنتها بغالبية دول العالم، فبرغم أن مصر تعد من
الدول ذات الدخل المنخفض فى مجموعة الدول متوسطة الدخل إلا أن غالبية الدول
الفقيرة ذات الدخل المنخفض التى يقل فيها متوسط نصيب الفرد من الدخل عن نصف مثيله فى
مصر تعد نسب الفقراء بها أقل من مصر كثيرا وتعد مؤشرات توزيع الدخل والثروه بها
أفضل كثيرًا من مصر.
فيما السؤال، وما هى أسباب زيادة الفقراء فى مصر؟
ويجيب نعمة الله، أن السبب الأول المباشر للفقر فى مصر هو البطالة بأنواعها وخصوصا
البطالة السافرة التى تعانى منها نصف قوة العمل فى مصر، إضافة إلى غياب سياسات
فعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية واستحواذ القطاع الحكومى على الجانب الأكبر
من التمويل المتاح لتمويل الموازنة والإنفاق الحكومى مع تدنى فعالية الإنفاق
الحكومى لحد بعيد، وانتشار الفساد وغياب العدالة الضريبية ووجود سياسات رسمية للنهب
العام طوال عقود دون وجود أى إجراءات رقابية فعالة لمكافحة الفساد، والحد من إهدار
المال العام، وغياب رشادة اتخاذ القرار لحد بعيد فى مختلف مؤسسات الدولة وغياب دور
البحث العلمى فى تنمية أهم قطاعات الاقتصاد الحقيقى.
تابع نعمة الله، أن الكثير
من المخططين ومتخذى القرار فى غالبية قطاعات الاقتصاد الحقيقى لا يعلمون بأهم
التطورات التقنية التى حدثت فى تلك القطاعات طوال عقود ربما تصل لأكثر من خمسين
عاما فى الكثير من الحالات، موضحا أنه لعلاج مشكلات الفقر والقضاء عليه يجب القضاء
على مسبباته وهنا نجد العجز الفاضح لمختلف مؤسسات الدولة التى لا تعترف بالمشكلة
بل وتنكر وجودها فنجد المعدلات المعلنة للبطالة لا تتجاوز 13 % ونجد معدلات الفقر
تقف عن معدل 322 جنيها طبقا للتعريف الحكومى فمن يحصل على اقل من 322 جنيها يمثلون
أكثر من 27 % من المصريين هم من تعترف الحكومة بفقرهم برغم أن العيش دون حد الكفاف
يستلزم أضعاف هذا الرقم.
أوضح نعمة الله، أن الحكومة لا تستطيع الاعتراف بحجم
المشكلة لأنها تقليدية تحتاج إلى عدة تريليونات لمواجهة أزمة البطالة وحدها طبقا
للمفاهيم التقليدية لدى المخطط ومتخذى القرار، بينما نجد العديد من التقنيات
والقطاعات المهدرة التى يمكن أن تحل المعضلة بإمكانات متاحة وبتقنيات محلية
لاستغلال ثرواتنا المهدرة وما أكثرها، فمثلا لدينا معدلات أمطار تصلح لزراعة أكثر
من 15 مليون فدان من الغابات والمراعى الطبيعية والعديد من أنواع الحبوب والمحاصيل
الاستراتيجية باستخدام سلالات حديثة ونوعيات نباتية غير معروفة فى مصر إلى الآن
بكل أسف برغم انتشارها فى العديد من دول العالم، كذلك هناك تطورات ضخمة فى مجال
الزراعة بماء البحر مباشرة وبدون تحلية.
أشار نعمة الله، أنه لديه تقنيات مسجلة فى تلك
القطاعات تكفل تحقيق طفرة تنموية هائلة وزراعة أهم المجموعات السلعية على مياه
البحر كمحاصيل الأعلاف والمحاصيل الزيتية والمحاصيل السكرية والعديد من أنواع
الحبوب ومحاصيل الرحيق والمحاصيل الاقتصادية والطبية وعشرات الأنواع من الخضر
والفاكهة ومحاصيل الوقود الحيوى والأخشاب ومحاصيل الألياف وغيرها، وجعل مصر فى
مقدمة دول العالم فى تلك التقنيات لأنها الأكثر احتياجا لها، وهذه المشروعات يمكن
من خلالها حل مشكلة البطالة جذريا بأقل تكلفة لانخفاض تكلفة تلك الزراعات وارتفاع
مردودها بالمقارنة بالزراعات التقليدية، كذلك لدينا العديد من التقنيات والقطاعات
الواعدة التى يمكن لمصر أن تكون فى المقدمة فى تلك المجالات كمجالات إنتاج الوقود
الحيوى بتقنيات حديثة لتوافر العديد من المزايا النسبية لمصر والتى يصعب منافستها
عالميا وكذلك فى مجالات إنتاج الطاقة الحرة شبه المجانية والمحركات ذاتية الحركه
ومجالات تحلية مياه البحر وتوليد الكهرباء وغيرها فضلا عن تنمية البحيرات والمصائد
وتنقية مياه الصرف وجميع تلك المجالات لدى شخصيا براءات اختراع مسجلة فيها، وتقدمت
بعدة مشروعات قومية فى تلك المجالات أشادت بها وبجدواها وأهميتها مراكز البحوث
الرسمية وأوصت بسرعه تطبيقها وبرغم أن إنشاء تلك المشروعات لن يكلف الدول بأى
أعباء بل ستكون شريكا فى العائد إلا أن البيروقراطيه المصرية دائما تعرقل أى
مشروعات تنموية جادة.
وقال الدكتور جمال صيام،
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: إن نسبة الفقر بعد تعويم الجنيه زادت عن 27.8 %
وهو الرقم الذى أعلنه جهاز التعبئة والإحصاء، مضيفا أن ارتفاع نسبة التضخم الى 30% فى يناير الماضى وارتفاع الأسعار بشدة تسبب فى نقل عدد من الملايين لتحت خط
الفقر متوقعا إرتفاع نسبة الفقر فى مصر الى ما لا يقل عن 40 % من السكان بما يقدر
بـ 40 مليون نسمة تقريبا، نضيف عليهم نسبة 10% على هامش خط الفقر وفى أى ارتفاعات
أخرى فى الأسعار سينتقلون لتحت خط الفقر.
أضاف صيام، أن ارتفاع معدل التضخم وارتفاع الأسعار
السببين الأساسيين لزيادة نسبة الفقر لتأثيرهم المباشر على الدخل الحقيقى، فجزء
كبير من المصريين انخفض لدخلهم لأقل من 50%، كما أن هناك أسباب تاريخية قديمة
للفقر فى مصر منها فقر الريف عن الحضر بنسبة وصلت لـ 70 % تقريبا لانخفاض دخول
المزارعين وقلة الموارد الزراعية ومشاكل الزراعة فى الريف، إضافة إلى سياسات
الدخول التى ترسخ الفقر لوجود تحيز للأغنياء على حساب الفقراء وهذا يحدث حاليا فلا
يوجد سياسات للضرائب التصاعدية فيتحمل الفقير أعباء الإصلاح الاقتصادى نسبيا مما
يتحمله الأغنياء، اضافة لعدم وجود سياسة الحماية الاجتماعية فيتواجد منها فقط
الدعم، وبدأ يقل جدا سواء بإلغاء بعض البطاقات التموينية ورفع أسعار بعض السلع
التموينية، مؤكدا أن النمو الاقتصادى المنخفض أيضا سببا فى زيادة الفقراء فى مصر،
إضافة لتهدور التعليم والصحة وزيادة نسبة البطالة التى تخطت أكثر من 13
%.
ومن ناحية كيفية تقليل
الفقراء فى مصر، أكد صيام أن ذلك يتم عن طريق زيادة معدلات النمو الاقتصادى من
ناحية إضافة إلى تواجد سياسات لمكافحة الفقر عن طريق قطاع الزراعة أولا كما أثبتته
تقارير دولية أنها أسرع من الصناعة والتكنولوجيا، فلابد من زيادة البحوث
والتكنولوجيا وتنمية السياسات الزراعية والاهتمام بهذا القطاع ودعم الفلاح، وتوفير
الرعاية والتعاونيات الزراعية للفلاح.