أغفل بيان هيئة كبار العلماء الصادر أمس الأول، الحديث عن اقتراحات المؤسسة الإسلامية الأكبر للتعامل مع أزمة الطلاق بصفة عامة، دون الخوض فى تفاصيل جانبية من وقوع لفظ الطلاق من عدمه، حيث مثل حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي، لشيخ الأزهر عن إمكانية البحث عن تشريع يحد من الظاهرة ويجعلها أمام المأذون كى يصلح بين الزوجين، إلا أن الهيئة خرج بيانها منصبًا حول وقوع الطلاق مع إمكانية وجود تشريع للرئيس يلزم بالتوثيق وهو الأمر المتعارف عليه.
وفى عهود الإسلام السابقة شهد اجتهاد الصحابة فى مسألة الطلاق العديد من التغييرات، حيث كان الطلاق على عهد رسول الله وأبى بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر «إن الناس قد استعجلوا فى أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم»، فجعل عمر طلاق الثلاث فى المجلس الواحد واقع لمنع التساهل فى أمره، وقد أجمع العلماء والفقهاء على مر العصور بوقعه لفظًا مع وجود بعض الأعذار لتجنب التفريق بين الزوجين فى حالة الطلقة الأخيرة، منها السكر والغضب وغيرهما، وبإغلاق هيئة كبار العلماء لملف الطلاق الشفهى ووقوعه، بات على المؤسسة أن تبحث فى حلٍ للطلاق وأسبابه بشكل عام.
حديث المؤسسة الرسمية اليوم تمحور حول القوافل والندوات دون ابتكار جديد، فالشيخ عبدالناصر بليح مسئول بأوقاف الجيزة، قال لـ«البوابة»، إن هناك دروسا وقوافل وأمسيات تركز عليها الوزارة لعلاج الخلافات الزوجية، من خلال دروس توعية الأسرة والمجتمع منها تربية الأبناء، وحقوق الأبناء على الآباء، وواجبات الأبناء على آبائهم.
وشدد على أن الجانب الدينى وحده ليس حلًا، وأن هناك أدوارا لمحاكم الأسرة، ومجالس الصلح العرفية فى محاولة الإصلاح بين الزوجين دفعًا للمفاسد المترتبة على الطلاق.
وفى الأزهر لا يختلف الأمر كثيرًا، حيث أكد الدكتور عبدالحليم منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، على أن المؤسسة الدينية معنية باتخاذ مزيد من الإجراءات تحد من ارتفاع نسبة الطلاق فى المجتمع، من خلال الندوات والخطب والقوافل التى تشرف عليها وزارة الأوقاف ودار الإفتاء وجامعة الأزهر؛ لتوعية الشباب خاصة بقدسية الزواج والميثاق الغليظ، وما يترتب على الطلاق من انهيار للبيوت وتشريد للأبناء.
وأوضح لـ«البوابة» أن مناقشة أسباب الطلاق والتحذير من الوقوع فيها، يساهم فى تقليل الظاهرة، مشيرًا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعى وإساءة استخدامها تسببت فى وقوع الكثير من حالات الطلاق؛ ما يتطلب التحذير من تلك الأمور يجنبنا عواقبها، فضلًا عن تعديل المناهج الدراسية ووجود مقرر دراسى على كل طلاب الجامعات لتكريس قيمة الأسرة وتعزيزها فى وجدان الشباب المقبل على الزواج.
سلفيًا أقر سامح عبدالحميد، القيادى بالدعوة السلفية، بجهل شريحة كبيرة من المقبلين على الزواج بأمور الشرع فى شئون الزواج والطلاق، مشيرًا إلى أن المسئولية فى ذلك تقع على عاتق الشاب نفسه والمؤسسات الدينية والاجتماعية، وأوضح أن قضية الطلاق تم تعقيدها بعيدًا عن الشرع بأمور مجتمعية مثل النفقات التى سيعطيها الزوج للمطلقة، ما يدفعه للتحايل على الشرع تجنبًا لدفعها.
وقال عبدالحميد، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إن الحلول فى ذلك ستكون على أكثر من مستوى كأن يتم توفير دورة تثقيفية للمقبلين على الزواج لتعريفهم بأصول المعيشة الزوجية وكيفية حل المشكلات، لاسيما دور أئمة المساجد ووزارة الأوقاف فى تثقيفهم فقهيًا بمصطلحات الطلاق وحالاته ودلالة كل حالة.
فيما ارتأى الشيخ محمد يوسف الجزار، كبير مفتشى الأوقاف بالبحيرة، أن هناك أزمة فى بناء العلاقات بين الشباب المقبلين على الزواج منها أن أغلب العلاقات باتت تقوم على الحب والمتعة بفضل ما تغرسه الدراما ووسائل الإعلام من ثقافة ملخصها، أن الزواج متعة وحب، وليس أسرة وواجبات ومسئوليات، ما يحول دون وجود مساحة فى عقله للوعى بمعنى الحفاظ على الأسرة نواة المجتمع.