الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

معركة الدولة ضد شريعة الإرهاب.. منع أئمة التطرف من صعود المنابر.. إغلاق أماكن بث "السموم الدموية".. وباحث في الإسلام السياسي: المواجهة الأمنية لا تكفي.. والسلاح الفكري هو الحل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كان سقوط نظام الرئيس المعزول، محمد مرسي، إيذانا ببدء مصر "فصل جديد من الإرهاب"، لكنه هذه المرة ظهر "متوحشا"، حصد من أرواح المصريين الكثير، فتارةً يستهدف المدنيين وأخرى يستهدف أكمنة الجيش والشرطة، وهم الأكثر تضحية بدمائهم..
الأرض المصرية كانت خصبة لبزوغ التطرف في شكل جديد، ولم لا وقد شربت إلى حد الارتواء من الأفكار المتطرفة عبر سنوات وسنوات، كان السبيل لها عقول البسطاء، سواء عن طريق التجنيد المباشر أو بعض المساجد التي أضحت منبرا لمن يسوقون الإرهاب للشباب على أنه جهاد في سبيل الله، بعد غياب الدور الرقابي على المساجد. 
الكارثة فطنت لها الدولة وإن كان متأخرا، فبدأت تشن حربا ضارية ضد الإرهاب، بالتصدي لـ"طيور الظلام"، وذلك من خلال سن عدد من القوانين وإجراء التعديلات التي تستهدف تجفيف منابع الإرهاب، واقتلاع جذوره وتفويت الفرصة على الجماعات التكفيرية التي عاثت فسادًا في العديد من الدول العربية. 
أول إجراءات الحكومة في معركتها بدأت بإغلاق العديد من المساجد التي كانت محطة لتصدير الإرهابيين المنضمين لتنظيم داعش وبيت المقدس، مثل مسجد "الحق" بمدينة الزقازيق، ومسجد الهداية بمنطقة الصالحية الجديدة بالشرقية، ومسجد النور بمدينة العاشر من رمضان، إلى جانب ثلاث مساجد بمحافظة المنيا هى النور والرحمن ومسجد يستغله أعضاء التبليغ والدعوة هناك، بالإضافة إلى ضم الآلاف من المساجد والزوايا الأهلية لإشراف وزارة الأوقاف، يوجد منهم 4000 مسجد وزاوية بالقاهرة وحدها، كانت تهدد الأمن المصري بنشر الأفكار الإرهابية الهدامة. 
وساهم الأمن المصري في منع العديد من الأئمة والخطباء ذوي التوجهات السياسية والذين ابتعدوا عن الخطاب الديني الصحيح، وقاموا بالدعوة إلى التصدي للنظام الحالي، وتأجيج مشاعر الكراهية وبث أفكار متطرفة داخل عقول المصريين، ولعل أبرزها منع الشيخ محمد جبريل من إمامة مسجد عمرو بن العاص، وذلك على خلفية تصريحات مناوئة للدولة المصرية، وشمل المنع أيضا الداعية السلفي محمد حسان من الخطابة كونه ليس مؤهلا لها، والشيخ محمد عيسى المعصراوي شيخ عموم مصر والذي يعد أحد أبرز القيادات الدينية الإخوانية.

وشملت رقابة الدولة عددا من قيادات الدعوة السلفية والذين استغلوا تأييدهم للنظام في فرض السيطرة على العديد من المساجد الهامة بربوع مصر ونشر الفكر السلفي والذي انبثق منه العديد من الافكار المتطرفة كفر التكفير والهجرة، حيث تم منع الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي من الخطابة بجانب الدكتور ياسر برهامي الداعية السلفي ونائب رئيس الحزب. 
وجاء القرار الأخير لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة بإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ليدعم جهود الدولة في مواجهة تسويق الفكر المتطرف، ويهتم المركز بجميع البحوث والدراسات التي تواجه الفكر المتطرف.
 ومن المنتظر ان يكون باكورة أعمال المركز كتاب "أباطيل الإرهابيين وتفنيدها"، ويتوقع إصداره نهاية فبراير أو أوائل مارس 2017م، كما سيهتم المركز بإقامة الندوات والمحاضرات الخاصة بمواجهة الفكر المتطرف وستسند رئاسته لأحد الشباب لتدعيم تواجد الشباب في الفترة المقبلة.
وفي السياق ذاته، حاصرت الدولة خلال 2016 كافة منافذ دعم وتمويل وتسلل الإرهابيين وخاصة بسيناء، حيث تمكنت القوات المسلحة بالتنسيق مع الشرطة من فصل الحدود المصرية عن الحدود مع غزة التي تعتبر المتهم الاول في قضية تسلل ودعم الارهاب بسيناء، وذلك من خلال بناء جدار عازل علي تلك الحدود وإغلاق كافة الخنادق والأنفاق المنتشرة على طول الحدود وغمرها بالمياه، لتغلق بذلك السلطات المصرية بابا رئيسيا لتهريب وتسلل الإرهابيين والأسلحة لسيناء.
لكن لا يزال الصراع متأججًا بين الجيش والشرطة من جانب والتنظيمات الإرهابية في سيناء وأبرزها ولاية سيناء "أنصار بيت المقدس" المبايع لتنظيم داعش الإرهابي من جانب آخر.

وقال إيهاب نافع الباحث في شئون حركات الإسلام السياسي: إن وزارة الأوقاف نجحت في رفع يد كافة الجماعات والتيارات الدينية رسميا عن مسألة الإشراف المباشر على المساجد على مستوى الجمهورية وظهر ذلك بشكل واضح في نجاح الوزارة في اختراق المساجد التي كانت تخضع لإشراف كامل ومباشر من جمعية أنصار السنة والجمعية الشرعية بالإضافة للجمعيات الأخرى المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، واستطاعت أخيرًا أن تمكن أئمتها من اعتلاء منابر تلك المساجد التي كانت عصية على الاختراق طوال السنوات الماضية.
وأكد نافع، لـ"البوابة نيوز"، أن بعض تلك المساجد ساهم في صناعة أجيال كثيرة تشربت الفكر المتشدد والتي استغل بعض منها كنواة لتكوين بعض الجماعات المسلحة والمتطرفة التي مارست عنفا بشكل ممنهج ضد أفراد الدولة من جيش وشرطة ومدنيين، مستدركا "النجاح الذي حققته وزارة الأوقاف كان شكليا بنسبة كبيرة لأنها تفتقر إلى البوادر الكافية لملء الفراغ الكبير لتلك الجماعات في مساجدها التي تتخطى حاجز الخمسة آلاف مسجد على مستوى الجمهورية وهو الأمر الذي يستوجب تعيين أئمة جدد وإعادة تأهيل الكوادر الموجودة إلى جانب الاستعانة بالكوادر القادرة على القيام بتلك المهام من أساتذة ووعاظ الأزهر الشريف".
ولفت نافع إلى أن حالة الفراغ الدعوي بسبب غياب أو حتى قصور بعض أئمة الأوقاف ينتج عنه عمليات اختراق مثلما حدث في مدينة 6 أكتوبر التي شهدت القبض على أكثر من خلية إرهابية، مطالبا بمراجعة فورية من خلال خريطة المساجد، مؤكدا أن سيطرة الأوقاف على المساجد يساعد في تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على التشدد في العقول البسيطة.
وأكمل نافع حديثه: رغم النجاحات التي حققتها المواجهة المسلحة إلا أن المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب والتي لم تبدأ بعد للأسف هي السبيل لدحر الإرهاب.
وأشاد الباحث في شئون حركات الإسلام السياسي بقرار وزارة الأوقاف بإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف قائلا: "أخيرًا تنبأت الوزارة لهذا القصور، أتمنى ألا يكون عمل المركز شكليًا فقط وأن يكون حقيقيًا في مواجهة الإرهاب والتطرف".