في 2002 كان على مشارف عقده الثاني، عندما كان ينهي الشاب العشريني عمله مبكرًا كبائع متجول للعسل لينطلق من قريته في أبو كبير الشرقية إلى المنصورة قاصدًا مركز التوحيد؛ ليحضر مغرب كل أربعاء دروس الداعية السلفي محمد حسان.
إنه عادل محمد إبراهيم محمد، الشهير بـ"حبارة" الذي تم إعدامه فجر اليوم الخميس، بسجن الاستئناف بباب الخلق، بحضور كل من 5 من ممثلي النيابة العامة، بينهم 3 من المكتب الفني للنائب العام، واثنان من نيابة حوادث شرق القاهرة، وطبيب شرعي، وأحد المشايخ، وضابط السجن.
وواجه "حبارة" الذي بدأ حياته الجهادية من التزامه في دروس "حسان"، تهمًا إرهابية أبرزها تورطه في عملية رفح الثانية التي وقعت في 2013 ومات فيها 25 من عناصر الأمن المركزي بسيناء.
سبع عمليات إرهابية
بخلاف التهم الأخيرة التي لفتت الأنظار إلى "حبارة"، هناك 6 تهم أخرى تضاف إلى رصيد الجهادي لتصعد به إلى صدارة القائمة الإرهابيين.
وبدأت العمليات الإرهابية في 2004 عندما تورط في تفجيرات طابا الشهيرة التى أودت بحياة ما لا يقل عن 34 شخصًا وإصابة أكثر من 150 بجراح أغلبهم إسرائيليون، في منتجعين سياحيين في شبه جزيرة سيناء. بعدها تورط في عملية خطف لسبع من مجندي الشرطة في سيناء، كللها باستهداف 3 وقائع لمنشآت أمنية.
في وقت قريب نفذ "حبارة" ما عرف بـ"مذبحة رفح الأولى" التي نفذت على الحدود بين مصر وإسرائيل فى 6 أغسطس 2012، وأسفرت عن استشهاد 16 ضابطًا وجنديًا مصريًا وإصابة 7 آخرين، علاوة على عملية رفح الثانية التي حصل على حكم الإعدام فيها، وتسبب في مقتل 25 ضابطا ومجند أمن مركزي في 2013.
ينسب لـ"حبارة" أيضًا عمله على تجنيد أهالي سيناء لإدراجهم في الجماعات المتطرفة في سيناء، إذ قام على إقناع الشباب بما أسماه "جهاد" وتعطيل للدستور.
لماذا الشرطة والجيش؟
بمراجعة قائمة التهم الموجهة لـ"حبارة" تجدها مركزة على الشرطة والجيش، متجاهلًا القضاة رغم استهداف هذه الفئة الأخيرة من بعض الإرهابيين، ويمكن معرفة السبب في ذلك بالعودة إلى نص اعترافات "حبارة" في قضية رفح الثانية، إذ قال: "إن مؤسسات الدولة كافرة، فهي لا تطبق شرع الله وكذلك القضاء والنيابة العامة، وأما من يحارب تطبيق شرع الله كالجيش والشرطة ومن يقوم عليهما سواء الوزير أو رئيس الحكومة أو رئيس الدولة، فهم نوعان، فالقضاء والنيابة العامة لا يجب قتالهم إلا بعد البيان وإزالة ما لديهم من شبهات لأنهم من غير المحاربين، أما الجيش والشرطة ومن يقومون عليهما فيجب قتالهم؛ لأنهم من المحاربين، وذلك متى توافرت القدرة على قتالهم؛ لأنهم يحاربون شرع الله وأولياء الله ومن ينادون بتطبيق شرع الله".
كيف عرف "حبارة" نفسه؟
وفي سؤال عنه في التحقيقات التي أجريت معه، قال: "اسمي عادل محمد إبراهيم محمد 32 سنة، بائع عسل متجول، وأملك حانوتًا فى منطقة رفح أقوم بتجهيزه كمطعم مقيم حى أولاد فضل أبو كبير الشرقية، وحاليًا بمنطقة خط البحر ما بين منطقة ياميت ومنطقة الشيخ زويد بشمال سيناء".
وأضاف: "أنا اتولدت في منطقة الأحراز بأبو كبير محافظة الشرقية، ووالدي شغال موظف طباخ في المدينة الجامعية بجامعة القاهرة، ودرست فى مدرسة الأحراز الابتدائية وبعدين في مدرسة الأحراز الإعدادية وبعد كده درست في مدرسة أبو كبير الثانوية الفنية وتخصصت في إدارة الأثاث وحصلت على دبلوم صنائع في عام 2000، واشتغلت طباخ في بعض المطاعم، وبعد كده وبعد التزامي فتحت مطعم في منطقة أبو كبير".
ولفت إلى أنه عمل فى مقهى بشارع فيصل قبل حمله للقناعات الدينية المتطرفة، ويروي إنه في أحد المرات كان يمر بميدان الجيزة بالقرب من مسجد الاستقامة ولفت نظره كتابان أحدهما فتاوى الشيخ الشعراوي، والثاني الداء والدواء لابن القيم الجوزية كان يعتقد أن الثاني مختص في علاج الأعشاب لكنه بعد ذلك وجده "علاج روحي"، أي يخاطب القلب.
وتابع حبارة: في هذه الفترة تعرف على فتاة من القاهرة تقدم لوالده لكنهم اختلفوا على مكان السكن، ففشل مشروع الخطبة بعدها تعرض لحالة نفسية سيئة دفعته إلى الكتب التى كان قد ابتاعها من الجيزة، قائلا: "منذ هذه الفترة اكتشف حجم تقصيرى فى حق الله".
وواصل: "وفى عام 2002 سمعت عن الشيخ محمد حسان وأنه يلقى درسًا كل يوم أربعاء، بعد صلاة المغرب في مجمع التوحيد بالمنصورة، فكنت أذهب بصفة دورية لحضور تلك الدروس، مضيفًا: "وأنا راكب القطار ورايح الدرس لأنهم كانوا بيركبوا القطار معايا من أب وكبير وبيروحوا يحضروا الدروس بتاعة الشيخ محمد حسان وأنا فاكر إن الناس دى محمد أحمد على العجمى، ومؤمن سالم وشهرته مؤمن الأسود، وأحمد سعيد عطية، وصبرى أبو محجوب، وأحمد المصري، وأحمد بخيت، وأنا علاقتي تطورت بهم في فترة حضور الدروس، وقاطعتهم بعد ثورة 25 يناير لأنهم غيروا مبادئهم، وعملوا ما كانوا يستنكرون على الإخوان المسلمين عمله وراحوا دخلوا في حزب النور على الرغم من أنهم عارفين إن الأحزاب ليست من الإسلام، وصدق في ذلك قول الله عز وجل الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء".
وروى: "أن الدروس التي كان يلقيها حسان كانت تتناول دروسًا في السيرة النبوية، وكان يسأل بعض الأسئلة في العقيدة ومنها سؤال من أحد الحاضرين قال للشيخ إنه وقع في الزنا وماذا يفعل ليطهر نفسه، فأجابه الشيخ محمد حسان بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله وأن الشريعة غير مطبقة في مصر، فتب إلى الله في نفسك وأمرك إلى الله، وخلال تلك المحاضرات تعلمت أمورًا كثيرة عن الدين الإسلامي وأهم ما تعلمته الأصول الثلاثة وهى النسك، والولاء والبراء، ومبدأ الحاكمية". وهي المبادئ نفسها التي يرفعها "داعش" وحلفائه".
حمل السلاح وتكفير الدولة ومؤسساتها
ويشرح أنه احتك بضابط أمن دولة كان يريد استخراج ملف له في أمن الدولة لكنه رفض فتم تتبعه من قريته إلى ليبيا إلى القاهرة، ثم انتقل إلى العريش وهناك نفذ عملياته الإرهابية التي انتهت بالقبض عليه قرب مول حاول أن يفجر نفسه داخله أثناء القبض عليه لكن محاولته تلك فشلت، وبدأت معه التحقيقات، وفي يوليو 2014 حاول الهروب أثناء ترحيله من أكاديمية الشرطة عقب انتهاء أول محاكماته، لكن قوات الأمن تمكنت من ملاحقتهم والإمساك بهم ووضعهم تحت حراسة أمنية مشددة، وترحيلهم إلى سجن العقرب.