خرجت تظاهرات حاشدة في عدة مدن ليبية، للمطالبة بتنحي المبعوث الأممي إلى ليبيا "مارتن كوبلر"، وتسليم ملف الأزمة الليبية إلى دولة مصر والجامعة العربية.
وقال وهبي بووذن، أحد مشايخ مدينة بنغازي، في تصريح خاص لـ "بوابة العرب" إن التظاهرات التي خرجت في مدن شرق ليبيا أصدرت بيانا مشتركا تطالب فيه بإسقاط حكومة الوفاق، وسحب الملف الليبي من أروقة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن وتسليمه لدولة مصر وجامعة الدول العربية.
وأضاف بووذن: "على مدى 5 سنوات فشل المجتمع الدولي وعبر أكثر من 3 مبعوثين دوليين في الوصول إلى تسوية سياسية، للأزمة الليبية، فالأوضاع تزداد سوء والمشهد تتصدره المليشيات الإرهابية المدعومة، من أطراف إقليمية ودولية، وحتى الأمم المتحدة تبدي انحياز علني وصريح للمليشيات الإرهابية وتعمل على تمكينهم من إدارة الدولة رغم انف الشعب الليبي".
وتابع أحد مشايخ مدينة بنغازي: "يبدو أن الضغوط الشعبية سواء من داخل مصر أو ليبيا على السواء بدأت تتزايد على الدولة المصرية وتطالبها بدور أوسع من أجل تسوية الأزمة الليبية، نظرًا لطبيعة العلاقات المتشعبة بين البلدين بعيدا عن السياسات التقليدية في إطار الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي والتي لم تجد نفعا بقدر ما ساهمت في تفاقم الأزمة وتعقدها وفي هذا الإطار".
فيما طالب النائب مهدي العمدة عضو مجلس النواب المصري، عن دائرة مطروح بتدخل مصري مباشر من أجل تسوية الأزمة الليبية، قائلًا: "التدخل المصرى المباشر والسريع ينهى الأزمة الليبية".
وأضاف العمدة: "الوقت يخدم المليشيات الإرهابية التي بسطت نفوذها على مقدرات الدولة وأصبحت تمثل تهديد حقيقي للأمن القومي لدول الجوار الليبي لا سيما مصر"، مشيرًا إلى أن انعكاسات الأزمة الليبية على مصر على مدى الخمس سنوات الماضية واضح إضافة إلى حركة الجماعات الإرهابية عبر الحدود بين البلدين.
وأشار عضو البرلمان، إلى أن حركة المرور عبر المنافذ الحدودية اصبحت أزمة، فهناك أكثر من مليون و200 ألف علاقة نسب بين الأهالي في البلدين، علاوة على علاقات القرابة، وهذه العائلات تتواصل مع بعضها البعض، لكن في ظل تفاقم الأزمة والتشديد على المنافذ الحدودية وصعوبة الحركة والمرور، أصبح يمثل أزمة ومشكلة بالنسبة للعديد من الأسر المصرية والليبية على السواء.
وتابع العمدة: "هناك أكثر من 700 ألف لاجيء ليبي في مصر لديهم مشاكل تتفاقم بمرور الوقت، ومشاكل تتعلق بالسكن والصحة والتعليم"، مشددًا على أن القرار المصري في ليبيا يجب أن يكون مستقل وقوي وينطلق من عمق العلاقات المتشعبة بين البلدين وليس في إطار سياسات المجتمع الدولى.
وأكد محمود القناشى، المتحدث الإعلامي باسم اتحاد القبائل العربية بمصر، أن العلاقة الاجتماعية بين مصر وليبيا نتيجة التداخل الديموغرافي الكبير بين البلدين لها أهمية كبيرة، في كثير من النواحي الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار القناشي، في تصريح خاص لـ"بوابة العرب"، أمس الأحد، إلى أن هناك أكثر من 15 مليون مصرى من أصول ليبية ولديهم حقوق تاريخية في ليبيا لن تسقط بالتقادم يعيشون في مصر، مضيفًا أن هذه القبائل لديها أقارب في ليبيا يقتلون، ويذبحون من قبل الميليشيات الإرهابية وهو الأمر الذي يدفعهم لبذل مساعٍ كبيرة من أجل الوصول إلى تسوية عاجلة للأزمة، المندلعة منذ 5 سنوات من أجل حقن دماء الليبيين وعودة الأمن والاستقرار إلى كل أنحاء البلاد.
وأضاف المتحدث الإعلامي باسم اتحاد القبائل العربية بمصر، أن العلاقة بين مصر وليبيا ليست مجرد علاقة جوار أو علاقة سياسية تقليدية، لافتًا إلى أن القبائل المصرية تعمل عبر الأجهزة الرسمية من أجل تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.
وأشاد القناشي، بالجهد السياسي الذي تبذله الدولة المصرية في إطار مساعيها المستمرة من أجل إنهاء الصراع في ليبيا، مؤكدًا أن البعد الأمني للأزمة الليبية هو المسيطر، نتيجة تفشي وباء الإرهاب، الذي يستغل حالة الفوضى والإنفلات الأمني اللذين ضربا البلاد عقب أحداث 17 فبراير.
ويقول الدكتور سعيد رشوان السياسي الليبي، إن الملف الليبي مصري بالدرجة الأولى، مؤكدًا أن العلاقة بين مصر وليبيا ليست علاقة جوار تقليدية نتيجة العمق الديمغرافي بين الدولتين؛ فالعلاقة بين ليبيا وأي من دول جوارها تختلف في طبيعتها تمامًا عن العلاقة بين ليبيا ومصر.
وأضاف الخبير السياسي أنه يجب أن يكون هناك وعي كامل بطبيعة العلاقات الاجتماعية بين البلدين، فحتى الستينيات كان سوق الليبيين الرئيسي في مدينة الإسكندرية، مشيرًا إلى أن العلاقة متشعبة وعميقة على كل المستويات الاجتماعية والأمنية والاقتصادية لكن من الملاحظ أن التركيز كله منصب على البعد السياسي في العلاقات بين البلدين رغم أنه الأضعف بالمقارنة مع قوة وعمق العلاقات الاجتماعية والأمنية.
وأشار رشوان إلى أن المظاهرات التي خرجت الجمعة في مدينة طبرق وأمس السبت في مدينة بنغازي تطالب بأن يكون لمصر دور أكثر حيوية من أجل عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا؛ فهي معنية أكثر من غيرها بتسوية الأزمة الليبية وتدهور الأوضاع في ليبيا سيكون له انعكاسات مباشرة على الدولة المصرية.
وحول لقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري بممثلين عن مجلس النواب الليبي اليوم الأحد بالقاهرة قال رشوان: "إن اللقاء يأتي في إطار الجهود السياسية التي تبذلها مصر من أجل تسوية الخلاف القائم بين الأطراف السياسية في ليبيا والمتمثلة في البرلمان الشرعي وحكومة الوفاق للمجلس الرئاسي، والتي لم تنل ثقة البرلمان حتى اليوم".
وتابع: "حقيقية الخلاف القائم هو أن الغرب ينحاز لطرف دون الآخر؛ فهو ينحاز لحكومة المجلس الرئاسي للوفاق الوطني من أجل إعادة تدوير الميليشيات الإسلامية ودمجها في الجيش العربي الليبي وهو أمر لن يقبل به الليبيون، فلا يمكن أن يتم وضع الجيش تحت سيطرة الجماعات المتشددة".