تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
حكاية أحمد جلال (سيف)، أو عزالدين المصرى، زعيم جماعة أجناد مصر، الذى قتل فى شقة بالرحاب، جديرة بالتوقف، فالشاب كان سلفيًا أصيلًا، ولما تحول إلى الجماعات المسلحة، اختار أجناد مصر، وكانت الصداقة عاملاً كبيراً جدًا فى تحولاته الفجائية، التى صنعت منه فيما بعد قائدًا للتنظيم، عقب مقتل همام محمد عطية.
الحكاية بالتفصيل، أن الداخلية نجحت إلى حد ما فى تفتيت تنظيم أجناد مصر، وأوقفته عن العمل منذ أن قتلت خبير المتفجرات، همام محمد محمد أحمد عطية فى شارع فيصل، وكان الرجل، قد سافر إلى سوريا والعراق، وانضم إلى جماعة بيت المقدس، ثم انفصل عنها تكتيكيًا، لخلاف فى التكتيك العسكرى، لكنه لم يختلف معها فكريًا، رغم بيعتها فيما بعد لتنظيم داعش، وزعيمه أبوبكر البغدادى.
كان أحمد جلال أحمد محمد إسماعيل، صديقًا لهمام، وكانت المعادلة الطبيعية لبعض شباب السلفيين، هى التحول إلى حركة حازمون، ومناصرة انتخاب حازم أبوإسماعيل كمرشح رئاسى، وعقب فشلهم فى تنصيبه، تحولت الحركة لأن تكون ثورية مسلحة، وبشكل دراماتيكى تحول جلال مع تحولات الحركة. فى هذه الأثناء تزوج جلال من مروة محمد، وكان يخرج من بيته كثيرًا، إلا أنه كان لا يخبر أهله عن وجهته، فقد كان مهندسًا، ميسور الحال.
غير جلال اسمه، ليصبح حركيًا (سيف)، ولقب نفسه بـ(عزالدين المصرى)، وأصبح هو الذراع اليمنى لهمام محمد عطية، وساعتها كان مسئولًا عن الدعاية والإعلام للتنظيم، وقد تلقى فى ذات الوقت دورات تدريبية مكثفة على التفجير عن بعد، وعلى تركيب القنابل، على يد صديقه البارع جدًا فى هذه المسألة، بعد أن تلقى دورات تدريبية ضخمة عليها بالعراق. توصل الأمن لمكان همام عطية، عن طريق إدلاء عنصر فى أجناد مصر بمعلومات عن مكانه، وتم الوصول إليه فى منطقة فيصل، وعقب موته، كمن التنظيم لعدة أشهر، وظنوا أن الأمن توصل لكل المعلومات عن أجناد مصر، ففضلوا ترتيب الأوضاع من جديد.
تمت تولية أحمد جلال قيادة التنظيم، وكان الشاب عضوًا فى حزب النور رسميًا، ولم يبد عليه أى تغير، فهو من عمله، إلى الحزب، ومن الحزب إلى الالتقاء بالمسئولين التنفيذيين عن العمليات المسلحة فقط.
كانت المجموعات لا تعرف من هو عز الدين المصرى، كل ما كانوا يعرفونه، أن القائد سيف هو زعيم التنظيم، وأن مجد الدين المصرى همام هو من أوصى بتوليته فى حال غيابه.
فر (سيف)، واختبأ لفترة طالت عن العام، لكنه كان يعمل بجد، من أجل إعادة بناء وترميم تنظيم أجناد مصر الذى تلقى ضربة كبيرة بمقتل زعيمه، وضربة أخرى، بمقتل مفكره، مالك الأمير عطا.
كان فى هذه الفترة قد بدأ ما يسمى بتنظيم (العقاب الثورى) عمله، ومعه بعض الكتائب الإخوانية الأخرى، مثل كتائب حلوان، وغيرها من الأسماء الكثيرة، التى خرجت متوالية، لتضليل الأجهزة الأمنية، ولتصعيب المهمة عليها.
استغل أحمد جلال هذه السيولة، فى إعادة برمجة وتشغيل الأجناد من جديد، ولم تكن هناك فروق كبيرة فكرية بين كل الذين يعملون فى هذه التنظيمات، فكلهم يؤمن بما يسمى (شوكة النكاية)، كما كلهم كان يعتقد أن هذا النظام مستبدل للشريعة، وأن رأسه كافر، مستباح الدم والعرض، وأن وزراءه لا يعذرون لا بجهل، ولا بتأويل.
نجح جلال فى إعادة تشكيل وترميم «أجناد مصر»، لكنه إلى حد ما، كان يؤمن بسياسة النفس الطويل، وارتأى أن الكمون لفترة وجيزة مهم لبناء تنظيمه، كما أدرك أن الحصول على المتفجرات، والأسلحة والذخيرة، دائمًا ما يكون البداية التى يصل بها الأمن للأفراد والعناصر المسلحة، فخطط للحصول على الأسلحة من ليبيا، وإدخالها عبر الصحراء الغربية، وقام باستئجار شقق، ومحلات تجارية، ومنها الشقة التى كانت فى شارع اللبينى، وكانت أكبر مخزن للسلاح، حيث وجد بها ٥٠٠ قنبلة مركبة، وجاهزة للتفجير.. كان يريد إحراق القاهرة.
اتخذ أحمد جلال من العقار رقم ٢ شارع الإمام حسن على، المتفرع من شارع عبدالحميد مكى بالبساتين، القاهرة، وكرا للاختباء وتصنيع المواد المتفجرة، والانطلاق منه لتنفيذ عمليات عدائية.
كانت له مجموعة فى منطقة البساتين، كما كانت له أخرى فى الهرم، والمعادى، والعياط بالجيزة، والأولى سقط أحد أعضائها، وعن طريقه توصل الأمن للقيادى (سيف).
رصدوه فترة ليست بالقصيرة، وعرفوا من يقابلونه، وبعدها قاموا باقتحام شقته بمدينة الرحاب، التى كان يدير منها التنظيم، رغم أنه من سكان المعادى.
بادرهم بإطلاق النيران، وبعدها أصيب بطلقة فى رأسه، وقتل وتم نقله لمشرحة زينهم، وبدأ سقوط المجموعات.
سقطت مجموعة الهرم، ثم كرداسة، وأخيرًا المعادى، التى واجهت الأمن بجسارة غريبة، ودامت المعركة المسلحة أكثر من ٥ ساعات متواصلة، حتى قتل بها ٢ من قيادات التنظيم، من أعوان جلال.
كل المجموعات التى توصل لها الأمن كانت مرتبطة بشكل كبير بأحمد جلال، ورغم ذلك، استنكر حزب النور، وقال إن جلال قد أخفته الداخلية قسرياً!!
حزب النور أصدر هذا البيان لأن أحمد جلال كان عضوًا عاملًا به، وأصدرت الإخوان بيانًا مماثلًا، لأن جلال كان يقود كل مجموعات أجناد مصر المسلحة فى الفترة الأخيرة، وكان يتعاون أحيانًا مع ما يسمى المقاومة الشعبية، القريبة من جماعة الإخوان.
الداخلية قالت فى تعقيبها على مقتله: إن أحمد جلال هو قائد جماعة أجناد مصر الحقيقى، الذى تولى قيادتها عقب مقتل همام محمد محمد عطية، وكان أحد معاونيه، وقد تدرب على يد همام عطية على التفجيرات، وكان مسئولًا عن اللجنة الإعلامية للتنظيم، وكان يعمل تحت قيادة همام عطية، تحت اسم أبوبلال القاهرى، وعقب مقتل همام فى شارع فيصل، تولى قيادة الجماعة، وأطلق اسمًا حركيًا على نفسه (سيف) كما روج أتباعه على أنه (عزالدين المصرى). وأشارت إلى أن قائد أجناد مصر، قتل فى مدينة الرحاب، فى إحدى الشقق التى اتخذها وكرًا لقيادة التنظيم، وأن الداخلية بحثت فى ظروف مقتله، وتوصلت لمعلومات خطيرة بشأن بقايا التنظيم، ومنها خلايا المعادى، والهرم، وكرداسة، وهى الخلايا التى كانت مرتبطة به بشكل مباشر، وكانت ستقوم بأعمال إرهابية ضخمة داخل محافظتى القاهرة والجيزة. كما أن مخزن السلاح الذى وجد فى شارع اللبينى بالهرم، من أكبر مخازن السلاح، وكانت به ٥٠٠ قنبلة متفجرة، وكان جلال يعدها لبدء حملة تفجيرات إرهابية تطال العاصمة، عن طريق المجموعات التى نجح فى تشكيلها مؤخرًا، بعدما نجح فى التنسيق مع كتيبة حلوان، والعقاب الثورى، وضم عددًا كبيرًا منهما إلى التنظيم، وبعثه من موته، عقب مقتل قائده همام، المتخصص فى التفجيرات.
توافرت معلومات عقب موت أحمد جلال حول اتخاذ مجموعة من العناصر الإرهابية المسلحة، والمرتبطين تنظيميًا به، من إحدى الشقق السكنية الكائنة بالعقار رقم ٢ شارع الإمام حسن على من شارع عبدالحميد مكى البساتين القاهرة، وكرًا للاختباء وتصنيع المواد المتفجرة كما كانت مجموعة أخرى اتخذت من أحد المنازل المستأجرة بقرية الكريمات مركز أطفيح بمحافظة الجيزة، وكرًا للاختباء وتصنيع المواد المتفجرة.
أسفرت المواجهات فيما بعد عن مصرع كل من الهارب محمد عباس حسين جاد (٣٣ سنة) مقيم عزبة الوالدة، ومحمد أحمد عبدالعزيز عبدالكريم (٢٥ سنة) مقيم بالعياط بالجيزة، ووجد معهما عبوات ناسفة، ولوحات معدنية (هيئة سياسية) تابعة لسفارة ماليزيا، بالإضافة إلى كمية من المواد المستخدمة فى تصنيع العبوات المتفجرة.
الغريب أن النائب أحمد خليل خيرالله، عضو مجلس النواب، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب النور، تقدم ببيان عاجل لوزير الداخلية لكشف ملابسات مقتل الشاب أحمد جلال، رغم أنه بعد موته بأيام، اعترفت المجموعة التى كانت مع الشاب «عمر» - شاب فى منتصف الثلاثينيات، كان يستأجر شقة بالعقار رقم ٢ فى شارع «الإمام حسن على»، من شارع «عبدالحميد مكى» بمنطقة «البساتين» بالقاهرة - بأنه كان يخطط لعمل عدة تفجيرات ردًا على مقتل زعيمهم جلال.
أرسلت مروة محمد، زوجة جلال، رسالة إلى جماعة الإخوان، قالت فيها إن زوجها علمها الجهاد، وإنه مات عقب علمه بخبر حملها بأسبوع، وإنها ستكمل الطريق بعده.. نشروا الرسالة فى كل المواقع، وتحدثوا فى بكائيات على كل الفضائيات، لأنه بالفعل بموت هذا الشاب انتهى تنظيم أجناد مصر تمامًا، وأصبح من الماضى.