تعتمد الكاتبة مريم نعوم على موهبتها الإبداعية فى أخذ الفكرة من عقل صانعها، وإعادة تدويرها بما لا يضعها تحت بند السرقة، باحترافية عالية، ويبقى الرد دوما منها أن التيمة ليست حكرًا على صانعها ويمكن استغلالها، لكن ربما ينطبق الأمر على القضايا الاجتماعية الشائعة وليس على التفاصيل النفسية التى لا تخضع لمبدأ التيمة الرئيسية، وهو ما حدث العام الماضى حيث أخذت التيمة الرئيسية لرواية «ربع جرام» لمؤلفها عصام يوسف الصادرة عام ٢٠٠٨ والتى تدور حول الإدمان وتأثيره نفسيا على الخاضعين لتعاطى العقار المخدر وأدرجتها فى سيناريو درامى لمسلسل «تحت السيطرة»، ليبقى التساؤل دائما مع أعمال مريم: هل تقع تحت بند سرقة الأفكار أم توارد الأفكار؟
اتبعت نعوم نفس الأمر هذا العام فى مسلسل «سقوط حر» للنجمة نيللى كريم، فاعتمدت على التيمة الرئيسية لفيلم «شاتر أيسلاند» أو «جزيرة الصراع» للنجم العالمى ليوناردو دى كابريو والمأخوذة عن رواية «دينيس ليهان» التى تناول فيها فكرة تأنيب الضمير والهروب من الواقع من خلال تخيل أحداث لم تحدث عاشها بطل العمل «أندرو لايديس».
يبدأ «سقوط حر» بمشهد مقتل زوج نيللى كريم وشقيقتها بينما تجلس فى حالة صمت تام من هول صدمتها من ارتكاب تلك الجريمة، لتبدأ مرحلة التخيلات النفسية وتوهم رؤيتها لأشياء لا تراها بالفعل، بل يبقى الأمر فى مخيلتها فقط، ويأتى هروبها من الواقع على خلفية اكتشافها بالفعل خيانة زوجها مع شقيقتها، للتوهم أنها قتلتهما، لتنقلب الأحداث رأسا على عقب حين تكتشف أن كل ما تعيشه هو وهم خلقه ذهنها للهروب من الواقع الذى لا تستطيع مواجهته، لتعرف بمرور الأحداث أن الزوج والشقيقة على قيد الحياة وأنها من توهمت الأحداث بالكامل داخل مصحة نفسية.
نفس الفكرة تجدها بفيلم «جزيرة الصراع» التى توهم فيها ليوناردو دى كابريو أنه محقق شرطة داخل مصحة نفسية يبحث عن سر اختفاء النزيلة ريتشل، لتسخر الأحداث بالكامل لخدمة ذلك الوهم الذى عايشه وحده هربا من عقدة تأنيب الضمير بعد قتله زوجته التى عانت من اضطراب نفسى دفعها لقتل أبنائها الثلاثة غرقا، ما لم يدركه عقل زوجها، فينتقل لمصحة نفسية لتلقى العلاج من خلال رسم الدكتور «كولي» لأحداث وسيناريو يعيشه المريض حتى يصطدم بالواقع ليعترف بالنهاية أنه سيظل مريض الهروب من العالم، بعد استيعابه أنه ليس محققا وأنه نزيل رقم ٦٧ بالمصحة ويتلقى العلاج ليواجه الدكتور المعالج بطبيعة مرضه.