منذ عشرات السنين ونحن نتحدث عن ضرورة دخول مصر في عصر التكنولوجيا النووية وضرورة امتلاك مصر لمحطة نووية للاستخدامات السلمية، ولم يجد جديد بشأن هذا المشروع الذي كان دائما يحالفه سوء الحظ، أما إرجائه لوقوع حادثة تشيرنوبل وهيروشيما ونجازاكى وأما لانفجار ثورة الخامس والعشرون من يناير قبل الإعلان عن المناقصة العالمية لاقامة المشروع النووى في مصر بأيام معدودة، وبين ما تمثله الظروف من عائق وتدخلات بعض القوى الخارجية لتحيل دون امتلاك مصر لهذه التكنولوجيا، بدا الحلم يتحقق على أرض الضبعة.
كشف مصدر رفيع المستوى باللجنة التوجيهية للإشراف على المشروع النووى والمنوط بها إنشاء كيان جديد لإدارة أول مفاعل نووى في مصر بالضبعة، عن أنه بالرغم من وجود العديد من العوامل التي تعوق دخول مصر عصر التكنولجيا النووية، والتي أدت إلى أن تكون هيئة المحطات النووية هيئة صغيرة بقدرات وكوادر محدودة، جعلت قدرة الهيئة على القيام بدورها بمفردها بشان إدارة المشروع النووى أمر صعب، كان من الضرورى بعد أن تم توقيع التعاقد المبدئى مع الشريك الروسى على إقامة أول مفاعل نووى في مصر لإنتاج الكهرباء في نوفمبر 2015، أن يتم إنشاء كيان قومى ضخم لإدارة المشروع لدعم هيئة المحطات النووية".
وأضاف المصدر، أن الأمر تطلب تضافر جهود جميع الجهات المعنية بالدولة وكل من له دخل بهذا المشروع في تشكيل هذا الكيان، بموافقة من القيادة السياسية، موضحًا أن أعضاء اللجنة الوزارية بعضوية الجهات والهيئات المعنية بالمشروع النووى، جميعها ممن شاركوا في جميع مراحل المفاوضات بالمحطة النووية، وحصلوا مسبقًا على موافقة من الجهات السيادية، كما شاركهم الرئيس عبدالفتاح السيسى في أحد مراحل المفاوضات مع الجانب الروسى، والتي أسفرت عن خفض القيمة الكلية للمشروع قرابة 11.5 مليار دولار.
وحول دور هيئة المحطات النووية في ظل إنشاء كيان لإدارة المشروع النووى قال المصدر:" في السنوات الماضية كانت جميع الانشطة التي تقوم بها الهيئة تنحصر في الأمور المتعلقة بالبحوث والدراسات والتخطيط والتطوير فقط، وليس للهيئة أي خبرة في تتنفيذ مشروع ضخم مثل المحطة النووية، إضافة إلى عدم وجود خبرة في الإنشاءات وعومل الدراسات المسحية والحقلية والتربة والجيولوجيا، نظرًا لبعدها عن هذه الأعمال والدراسات الإستيراتيجية"، مضيفًا:" وكل هذه الأمور يعول عليها لدى الإستشارى العالمى "ورلى بارسونز"، الذي تم الاتفاق معه وهيئة المحطات النووية لتدريب العديد من الكوادر والعاملين الجدد على هذه الأعمال".
ولفت المصدر إلى أن مصر وقعت اتفاقية بتكلفة 4.5 مليون دولار مع شركة روسية لعمل مسح لموقع الضبعة وقياس عوامل الأمان وقياس درجات الحرارة وفحص التربة ومعرفة مدى تحمل التربة والأرض للأساسات والأحمال والإنشاءات.
وأوضح المصدر، أنه في ظل غياب هذه الخبرات داخل هيئة المحطات النووية، لاح في الأفق سؤال هام وهو، هل تقف الدولة مكتوفة الأيدى ام تمد يد الدعم لهذه الهيئة المالكة للمشروع والمشغلة له دون غيرها؟، وملكيتها وفقًا لقانون إنشائها، مع العلم أن إنشاء كيان جديد لا يتطلب إجراء أي تعديل أو تغيير أو إضافة على قانون إنشاء هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء رقم 13 لسنة 1976 الصادر في 12 فبراير عام 1976، والذي نص على:" أن الهيئة أنشأت كهيئة عامة لها الشخصية الاعتبارية، يرأس مجلس إدراتها وزير الكهرباء والطاقة بمقتضى القانون رقم 13 لسنة1976 الذي حدد اختصاصات الهيئة"، والتي تمثلت في اقتراح إنشاء واستخداماتمحطات القوى النووية في توليد الكهرباء وإزالة ملوحة المياه في إطار سياسة الدولة العامة، والبحوث والدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء محطات القوى النووية، ووضع أسس مواصفات مشروعات إنشاء المحطات وتهيئتها للتنفيذ، وتنفيذ مشروعات إنشاء المحطات والمشروعات المرتبطة بها والإشراف على إدراتها بإتباع أحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية والوقائية، والقيام بإعمال الخبرة وتنفيذ المشروعات التي تدخل في اختصاص الهيئة في الداخل أو الخارج مع إمكانيات الهيئة والخبرات التي تتوفر لديها أو بواسطتها.
مرحلة الإنشاءات .
واجاب المصدر على السؤال قائلًا:" كان من غير الجائز أن يترك المكتب الإستشارى العالمى "ورلى بارسونز"، يقوم بعملية استلام المحطة النووية من الخبراء الروس، ونحن كمصريين نقف كمتفرجين، وإذا كانت هيئة المحطات النووية ليس لديها كهيئة الخبرات التي تؤهلها للقيام بهذا الدور فأن مصر الدولة لديها من الخبرات ما لا يسمح بأن يقوم المكتب الاستشارى باستلام المحطة في غياب الخبراء المصريين، لذا كان من الضرورى إنشاء كيان جديد يضم الكفاءات من المهندسين المصريين للقيام بهذا الدور، تحت مسمى هيئة أو شركة أو كيان أو جهاز تنفيذ للمشروع النووى، وهذا الإجراء لا ينتقص من دور هيئة المحطات النووية في شئ، ولكنه بمثابة الدعم لهيئة المحطات النووية ودعم لوزارة الكهرباء ودعم لمصر، ولا مجال للانتقاد بشأن إنشاء هذا الكيان، خاصة وأن قرار رئيس مجلس الوزراء سمح للجنة المشكلة المنوط بها دراسة إنشاء الكيان الجديد حرية الاستعانة بأى كفاءة من أبناء مصر في الداخل أو الخارج يمكنها أن تقدم الدعم لانجاح هذه المشروع الضخم، وهناك".
وأشار المصدر إلى أن في كل مراحل التفاوض بشأن إقامة أول مفاعل نووى مصرى كان العمل داخل لجنة التفاوض المكونة من جميع الوزرات والهيئات المعنية في صورة جماعية، خلال الإطلاع على التكنولوجيات المختلفة للطاقة النووية في العالم، وزيارة العديد من المحطات النووية، وظهر هذا خلال مراحل التفاوض مع الدول الثلاثة التي تقدمت بعروض لآنشاء المحطة النووية في مصر، لافتًا إلى أن أعضاء اللجنة المشكلة لانشاء الكيان الجديد، جميعهم بذلوا الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية من أجل تنفيذ المشروع النووى، وشاركوا في التفاوض مع الجانب الروسى بداية من توقيع اتفاقية تنمية المشاريع في فبراير 2015، واتفاقية عائد الأعمال المسحية والحفرية في 20 أكتوبر 2015، والاتفاقيات الثلاثة في مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسى في 19 نوفمبر 2015، كان جميع أعضاء اللجنة على قلب رجل واحد يد بيد، ومشاركتهم اليوم في اختيار كيان جديد لا يعنى خلق كيان موازى لتهميش هيئة المحطات النووية.
وأن هذا الكيان الجديد حالما يتم الاتفاق عليه بعد تكوينه بأى شكل من الاشكال سوف يكون دعم كبير جدًا لهيئة المحطات النووية وليس انتقاص من قدرها وشأن العاملين بها، تعيين 120 مهندس متخصص في الطاقة النووية.
وكشف المصدر عن إجراءات تعيين 120 متخصص بناء على الإعلان الذي تم نشره منذ 15 يوم، وتم الإعلان عنه على الموقع الأليكرتونى لكل من وزارة الكهرباء والطاقة والشركة القابضة لكهرباء مصر وهيئة المحطات النووية، أن تعيين هذا العدد من المهندسين لدعم العمالة الحالية بالهيئة لزيادة القدرات بالمحطة، لذلك كان من غير المسموح أن يتقدم لهذا الإعلان العاملين بالهيئة، لأن الغرض من الإعلان هو دعم العاملين بزملاء جدد، وتم الاستعانة بشركة متخصصة في اختيار العمالة دون أي تدخل من أي جهة لتعيين 120 مهندس.
الاستفادة من تجربة "سيمنس" في اختيار المهندسين
وكشف المصدر، عن اقتراح الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء الاستفادة من تجربة الشركة القابضة لكهرباء مصر فيما اتخذته من إجراءات في اختيار نحو 250 مهندس للتدريب لدى الشركة الالمانية سيمنس منذ شهرين للعمل بالمشروعات التي تقيمها الشركة في مصر في إعادة هيكلة هيئة المحطات النووية، ولقي اقتراح الدكتور شاكر ترحيب من قبل أعضاء اللجنة، وتم الاستعانة بالمهندس جابر الدسوقى رئيس الشركة القبضة والمهندس محسن خلف العضو المتفرغ لشئون الموراد البشرية والتدريب بالشركة القابضة، وسيتم تعيين المهندسين لصالح هيئة المحطات النووية.