أجرت شبكة CNN الإخبارية العالمية حوارًا مهمًا مع فضيلة الدكتور شوقي علام – مفتي الجمهورية - تحدث فيه عن موقف الإسلام والمسلمين من الهجمات الإرهابية التي وقعت في عدد من دول العالم والتي كانت آخرها في العاصمة الفرنسية باريس وراح ضحيتها المئات ما بين قتيل وجريح.
وأكد مفتي الجمهورية في حواره لشبكة CNN أننا نتألم كثيرًا لما يحدث من عمليات إرهابية يروح ضحيتها الكثير من الأبرياء، وتتم باسم الدين، رغم أن الإسلام ينبذ تلك الأعمال الإجرامية ويعتبر مرتكبوها من المفسدين في الأرض ويجب معاقبتهم وردعهم بالقانون.
وأضاف فضيلته أن الجماعات المتطرفة على رأسها "داعش" تقوم باستغلال النصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة لتبرير أفعالهم الإجرامية، لأنهم غير مؤهلين لتفسير تلك النصوص، بل يلوون عنقها ويسخرونها لتحقيق مصالحهم السياسية.
وشدد فضيلة المفتي في حواره لشبكة CNN أن دار الإفتاء المصرية عبر مرصدها الذي أنشأته لرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التي تعتمد عليها الجماعات المتطرفة، قامت برصد ما يقرب من خمسين آية استغلتها داعش للقيام بالعمليات الإرهابية، مشيرًا إلى أن الدار قامت بالرد على تلك الشبهات وتفنيد ونقد تفسير داعش المشوه لها، وبيان المعنى الحقيقي لهذه الآيات.
وأوضح مفتي الجمهورية أن آيات القرآن الكريم والمبادئ الأساسية التي يرتكز عليها الإسلام تدعو إلى احترام الإنسان مهما كانت عقيدته أو جنسه أو لونه، وتدعو إلى حرية العقيدة وإلى التعايش المشترك بين البشر والتعاون من أجل عمارة الكون.
وأشار فضيلته خلال الحوار أن مصر حذرت من قبل دول العالم من خطر التطرف والإرهاب، ونصحت دول العالم بأن تأخذ قضية الإرهاب مأخذ الجد، وبدأ تعاون منظم على كل المستويات بين الدول من أجل مواجهة هذا الإرهاب الأسود الذي يهدد العالم أجمع.
واستعرض مفتي الجمهورية مجهودات دار الإفتاء التي بذلتها من أجل مواجهة الفكر المتطرف ونشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة، ومنها إنشاء مرصدًا لرصد فتاوى التكفير وتفنيدها والرد عليها، وإنشاء مجلات إلكترونية باللغة الإنجليزية والعربية ترد على المجلة التي أنشأتها "داعش" لنشر أفكارها، إضافة إلى عدد من الصفحات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي بلغات مختلفة ومنها الإنجليزية والتي تحظى بتفاعل كبير خاصة من فئة الشباب من مختلف بلدان العالم.
وقال فضيلة المفتي أنه بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة في باريس، وانتشار موجات "الإسلاموفوبيا" ووقوع العديد من الاعتداءات على المسلمين في عدد من دول أوربا، أطلقت دار الإفتاء المصرية مبادرة عالمية بعنوان: "Not in the name of Muslims" طالبنا فيها بعدم تحميل المسلمين ضريبة التطرف والإرهاب، ونسعى من خلالها أن نوضح للعالم موقف الإسلام من الإرهاب ونصحح العديد من المفاهيم الإسلامية التي شوهتها جماعات التطرف.
وفي ختام حواره مع شبكة CNN العالمية، وجه فضيلة المفتي عدة رسائل مهمة إلى الشباب العربي والغربي بألا ينخدعوا بدعوات داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية المتطرفة، وأن يرجعوا إلى أهل الاختصاص من العلماء الوسطيين ليعرفوا صحيح الإسلام، لأن داعش تحرف النصوص والتعاليم الإسلامية، لتخدم مصلحتها، وليس مصلحة الإسلام أو العالم.
وأضاف: "نحن نؤكد للشباب، أن الإسلام لم يكن يومًا داعيًا للقتل والتخريب والدمار، بل جاء لعمارة الأرض وخدمة الإنسانية، ومن أجل تحقيق السلام العالمي ونشر الرحمة في العالمين".
كما وجه مفتي الجمهورية رسالة إلى المسلمين في الغرب حثهم فيها على ضرورة الاندماج في مجتمعهم الأوربي اندماجًا إيجابيًا مع المحافظة على القيم الإسلامية، وأن يكونوا أعضاء فاعلين فيه من أجل بناءه وتطويره، مؤكدًا أنه إذا تم ذلك فإنهم سيكونون حائط صد ودفاع عن الإسلام ضد هذا الفكر المتطرف المنحرف، لأن حينها سيظهر المسلمون بأفعالهم ونفعهم للمجتمع الوجه الحقيقي للإسلام.
وفي رسالته لحكومات وشعوب أوربا والدول الغربية قال مفتي الجمهورية: "إننا جميعًا نعيش في سفينة واحدة، وعلينا جميعًا أن نتعاون من أجل مواجهة التطرف والإرهاب لنصل إلى بر الأمان بتحقيق العدل والسلام والتعايش المشترك، فالمسئولية بيننا مشتركة".
ودعا مفتي الجمهورية دول العالم إلى الاستفادة من التجربة المصرية في مواجهة التطرف والإرهاب، مؤكدًا أن المؤسسات الدينية الوسطية الرسمية مثل دار الإفتاء المصرية جزء من الحل، وأن الدار تمد يديها للتعاون مع كل الدول والمؤسسات من أجل كشف فساد هذا الفكر المتطرف وتصحيحه، ونشر قيم الإسلام السمحة التي تدعو للتعايش والسلام ونشر الخير في الكون.