الأحد 15 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

نصر الدين علام في حواره لـ"البوابة": إسرائيل وقطر تمولان "سد النهضة" ونعيش "عصر العطش"

وزير الرى الأسبق وصف إدارة الملف بـ"العقيمة"

نصر الدين علام في
نصر الدين علام في حواره لـ"البوابة"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إثيوبيا أنفقت ما يعادل ربع ميزانيتها على البناء حتى الآن والموقف الحالى فى غاية السوء
الخيار العسكرى «فوضوى» ولا بديل عن المسار السياسى وتشكيل «اللجنة الثلاثية» أضر بالملف
الوفود الشعبية هدفها التنزه وشراء البُن.. والإعلام يتعامل مع الأزمة بـ«جهل» وعدم فهم

قال الدكتور نصر الدين علام، خبير الموارد المائية، ووزير الرى الأسبق، إن مصر مهددة بالتعرض للجفاف خلال سنوات قليلة، مشيرًا إلى أن البلاد تعيش فى الفترة الحالية عصر العطش، مؤكدًا أن سوء إدارة النظام الحالى والحكومة للملف أدى إلى طمع الجانب الإثيوبى، مؤكدًا ضرورة أن تضم لجان التحكيم خبيرًا دوليًا من أجل حل الأزمة وحماية حقوق مصر فى مياه النيل، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن توجيه ضربة عسكرية إلى إثيوبيا أمر غاية فى التهور.

■ كيف ترى التطورات الأخيرة فى ملف سد النهضة؟
- للأسف الموقف الحالى غاية فى السوء والخطورة، بل ويزداد سوءًا مع مرور الأيام، وذلك بسبب عدم الاستقرار الداخلى الذى تعانى منه مصر، علاوة على أعمال العنف والإرهاب المستشرى فى المجتمع والتى تهدد استقرار البلاد وأمنها، سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى، علاوة على سوء أداء الحكومات المتعاقبة، والتى تعاملت مع الملف منذ قيام ثورة يناير، بداية من المجلس العسكرى، أو حكومة هشام قنديل، ثم الحكومات التى أتت بعد ثورة الثلاثين من يونيو، ويجب على مصر سرعة التحرك لوضع حلول جذرية لعلاج الأزمة حتى لا نتفاجأ بكارثة تضر بالبلاد، ونستطيع القول إن إدارة الملف فى الفترة الحالية هى إدارة عقيمة لا تستطيع أن تضع حلولًا.
■ ما الأخطاء التى ارتكبت فى أزمة سد النهضة من وجهة نظرك؟
- أخطاء عديدة وراء الأزمة التى نعانى منها، بدأت بتشكيل اللجنة الثلاثية، والتى ضمت دول حوض النيل الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، وكانت تهدف إلى خلق تبادل وتقييم البيانات الأساسية للسد للوصول إلى تفهم مشترك لآثار السد الإيجابية والسلبية، ولكن التنازلات التى قدمتها مصر، لاسيما عدم إصرارها على وجود خبير دولى يمتلك القدرة على التحكيم بين الدول المتنازعة، وراء تفاقم الأزمة.
■ كيف ترى تلويح البعض بالتدخل العسكرى ضد إثيوبيا؟
- قرار التدخل العسكرى يعبر عن عجز الدولة، فهو قرار فوضوى وأهوج، واللجوء إليه يدل على أن الدولة لا تمتلك إدارة سياسية جيدة وواعية للأزمة، فاللجوء للعنف والتدخل العسكرى، دائمًا ما يكون حلا وقرارا أخيرا، فمن شأنه أن يورط البلاد والقوات المسلحة فى معركة لا طائل من ورائها فى الوقت الحالى، علاوة على عدم جاهزية واستعداد مصر لخوض حرب، وهى تعانى من حرب داخلية ضد الإرهاب، وجبهات أخرى مفتوحة فى عدة جهات أخرى.

■ الرئيس السودانى لمح إلى استعداده للوساطة بين مصر وإثيوبيا حال تنازلنا عن حلايب وشلاتين.. ما ردك؟
- السودان منذ فترة كبيرة وهى تضغط بتلك النقطة، فهى تسعى لتحقيق أكبر المكاسب من وراء الأزمة، علاوة على أن لها أطماعًا كبيرة فى المنطقة وتستغل حاجة مصر لوجودها كمحور لحل الأزمة فى تحقيق مصالحها الخاصة فى المنطقة.
■ بِمَ ترد على قول البعض بأن سد النهضة فى مصلحة الدولة المصرية؟
- هراء وكلام فارغ، ينم عن جهل أو عدم فهم لخطورة الموقف، ومن يردد ذلك إما جاهل أو عدو للوطن وللمصلحة المصرية، ولا يريد بها خيرًا، ويجب عدم الالتفات لمثل هؤلاء، وتنصيفهم فى خانة أعداء الوطن، فالقاصى والدانى يعلم خطورة بناء السد على حصة مصر من المياه، والخطر الداهم الذى سوف تتعرض له.
■ هل ترى شبهة تورط إسرائيل فى دعم إثيوبيا لبناء السد؟
- بالطبع، ومن ينكر ذلك جاحد ولا يدرى خطورة دولة إسرائيل، فهى العدو الاستراتيجى الأول لمصر فى منطقة الشرق الأوسط، ولن تدخر جهدًا فى العمل على ضرب استقرار البلاد وأمنها، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، والجميع يعلم أن إسرائيل تقدم دعما ماديا وسياسيا لإثيوبيا من أجل الاستمرار فى بناء السد، للإضرار بمصالح مصر المائية وحرمانها من حقها فى مياه النيل، لخلق حالة من التوتر وزعزعة استقرار المنطقة ككل.

■ كيف ترى إدارة وزير الرى الحالى حسام المغازى لملف سد النهضة؟
- إدارة مترهلة وغير واعية، فالوزير الحالى لا يجيد التعامل مع الملف، بل يفتقد الخبرة والدراية السياسية والتفاوضية لحل الأزمة، ويجب على الرئيس السيسى التدخل بنفسه من أجل حل الأزمة، لاسيما أن المغازى قدم العديد من التنازلات فى إطار التفاوض مع الجانب الإثيوبى.
■ هل مصر مهددة بالتعرض للجفاف؟
- مصر بالفعل تعيش عصر العطش، والجفاف يطل برأسه على مصر خلال سنوات، فهناك العديد من الأزمات التى تحيط بمصر فى الفترة الحالية، ويجب تقليل زراعة الأزر من أجل توفير المياه حتى نستطيع مواجهة الجفاف.
■ هناك من يلمح إلى وجود أياد قطرية ودولية فى بناء السد.. هل هذا صحيح؟
- لا أستبعد ذلك، لاسيما أن دولة قطر تكن كرها شديدا لمصر، منذ سقوط نظام جماعة الإخوان، فهناك شبهات عديدة على وجود تمويل قطرى لإثيوبيا من أجل الاستمرار فى بناء السد، علاوة على تمويل من قبل عدد من الدول الغربية التى لها مصلحة فى الإضرار بأمن مصر، وعلى الجميع أن يعلم أن هناك تواطؤًا دوليًا من قبل الدول الغربية والتى ترتبط بمصالح مشتركة مع إثيوبيا تعمل من أجل دعمها فى بناء السد، والدليل على ذلك أن إثيوبيا صرفت ما يقرب من مليارى ونصف المليار دولار حتى الآن على بناء السد، فى الوقت الذى تبلغ فيه ميزانية دولة إثيوبيا كلها فى الأساس ١٠ مليارات دولار فى العام الواحد، ما يؤكد وجود دعم مادى من قبل عدد من الدول المعادية لمصر، والتى من مصلحتها الإضرار بالبلاد والمنطقة بشكل عام.
■ ما السيناريوهات المتوقعة للاجتماع الثلاثى يوم ٧ نوفمبر المقبل؟
- لا جديد، علينا ألا ننتظر شيئًا من تلك الاجتماعات لأنها لم ولن تحل الأزمة، نظرًا لافتقادها المعايير والأسس السليمة لمفاوضات حل الأزمة، ومن وجهة نظرى أعتقد أن الاجتماع لن يتم من الأساس، لاسيما أنه ليس الاجتماع الأول الذى يتم تحديده ثم التراجع عنه وتأجيله مرة أخرى.

■ كيف ترى تحرك الوفود الشعبية إلى إثيوبيا؟
- الوفود الشعبية تذهب للتنزه فقط، فهى لا تجيد لغة التفاوض، ولا تمتلك أرضية من الأساس للتفاوض، فهم يذهبون فقط للتنزه وشراء البن الإثيوبى، فمنذ بدء الأزمة وهناك العشرات من الوفود التى ذهبت إلى إثيوبيا وعادت دون أن تحرز أى تقدم فى طريق حل الأزمة.
■ كيف ترى تأثير ثورة يناير على أزمة سد النهضة؟
- ثورة يناير أضرت بملف سد النهضة ضررًا بالغًا، لاسيما أن إثيوبيا استغلت حالة التخبط وانهيار المؤسسات فى مصر فى بناء المرحلة الأولى من السد ووضع حجر الأساس، فعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، تعرضت مصر لحالة تخبط إدارى، وعدم وجود مؤسسة أو قيادة قادرة على التفاوض، ناهيك عن سقوط البلاد فى قبضة نظام جماعة الإخوان، التى أضرت هى الأخرى بالملف بشكل كبير، وكانت نواة اندلاع الأزمة.
■ معنى ذلك أن فترة حكم الإخوان كانت سببًا فى تفاقم أزمة سد النهضة؟
- بالتأكيد.. إثيوبيا استغلت وجود جماعة الإخوان فى الحكم والرئيس الأسبق محمد مرسى، لا سيما أن الجماعة كانت تدير الدولة بعشوائية شديدة، وبالفعل بدأت دولة إثيوبيا فى تحويل مجرى النيل الأزرق، ثم بدأت بعدها فى البدء الفعلى فى إنشاء جسم السد وذلك فى عدم اكتراث باجتماعات اللجنة الثلاثية ونتائجها، والتى كانت قيادات من قبل نظام جماعة الإخوان تشارك فيها، ولم يكن لمصر رد فعل مناسب، والجميع يذكر الاجتماع الهزلى فى هذا الشأن، أثناء اجتماع الرئيس السابق محمد مرسى، مع بعض النخب السياسية، والذى تمت إذاعته على الهواء، وتسريبه بشكل غامض، وتم فيه تبادل عبارات عدائية لإثيوبيا نجم عنها مشكلات وأزمات عديدة للبلاد، وتسبب فى أزمة سياسية كبيرة.
علاوة على ذلك فإن التهديدات بتوجيه ضربات عسكرية هوجاء، بدلًا من حث إثيوبيا على وقف بناء السد، فالجماعة ونظام المعزول مرسى فشلا فى إدارة الملف، ولم يمتلكا خطة أو أجندة لحل الأزمة، كما أن هشام قنديل، رئيس الوزراء حينها، وقع على الاتفاقية مع إثيوبيا، دون وعى أو فهم للموقف، واستند فقط إلى التصريحات الحكومية والرئاسية الصادرة من الحكومة الإثيوبية، والتى تعهدت فيها بعدم الإضرار بحصة مصر المائية، بينما فى الأصل لا تعترف إثيوبيا بهذه الحصة، ومعها بقية دول منابع حوض النيل، وساهمت تصريحات المسئولين المصريين فى تطميع الجانب الإثيوبى فى مصر بل زادت من طموحاته فى السيطرة على مياه النهر بشكل أكبر.

■ ولكن أزمة سد النهضة لها جذور تاريخية؟
- بالفعل، فالأزمة تعود إلى عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حين تقدمت إثيوبيا بشكوى رسمية ضد مصر عام ١٩٥٩، بسبب قيام الرئيس الراحل بإنشاء السد العالى من أجل تخزين مياه نهر النيل، وقامت إثيوبيا بقطع العلاقات مع الكنيسة القبطية المصرية فى نفس العام، وتبع ذلك العديد من المصادمات، ولكن الرئيس عبدالناصر كان زعيمًا قوميًا وساهم فى دعم العديد من حركات التحرر فى إفريقيا، وساهم فى إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية فى أديس أبابا، وأنشأ شركة النصر للاستيراد والتصدير لتعزيز التبادل التجارى مع إفريقيا، وكان ممثلًا لإفريقيا فى معظم المحافل الدولية، ونجح فى احتضان الدول الإفريقية وتحويل مصر إلى زعامة يخشى منها الجميع فى المنطقة.
■ هل هناك من يتعمد توصيل المعلومات إلى الرئيس السيسى بشكل خاطئ؟
- لا أعلم من هم مستشارو الرئيس بالتحديد، فهناك حالة من اللغط حول مستشارى الرئيس، ولا أستبعد أن يكون هناك البعض منهم ليس على دراية كاملة بالقضية وبإدارة ذلك الملف الخطير، وقد طلب منى الرئيس مرات عديدة التدخل فى الأزمة، وحينها لم أتوان عن تقديم حلول لمعالجة الموقف.
■ كيف ترى دور الإعلام فى التعامل مع أزمة ملف النهضة؟
- الإعلام المصرى تسيطر عليه حالة من الفوضى وعدم الوعى فى التعامل مع الأزمة، بل وفى كثير من الأحيان يطلق عبارات تحريضية دون وعى فى نتائج تلك العبارات، ويجب على وسائل الإعلام كافة أن تقوم بدورها المنوط بها، من أجل علاج الأزمة وتوصيل الصورة للمواطن المصرى بشكلها الحقيقى، فدور الإعلام المصرى سلبى إلى حد كبير فى التعاطى مع أزمة سد النهضة.