السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

مستشار مفتي الجمهورية في كلمته بالأمم المتحدة:الجماعات الإرهابية تتجاهل المقاصد العليا للشريعة الإسلامية..الدول الغربية تخلط بين الفتوى الدينية وتصريحات أئمة التطرف..ويجب التوحد لمواجهة الفكر التكفيري

ابراهيم نجم
ابراهيم نجم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور إبراهيم نجم – مستشار مفتي الجمهورية - أن ظاهرة التطرف والإرهاب لا تعرف وطنًا ولا دينًا وحملت لواءها جماعات إرهابية ذات عقليات مريضة ومنطق مشوه وقلوب جامدة، مضيفًا أنه على المجتمع الدولي أن يتوحد من أجل مواجهة هذه الموجة المرعبة من الكراهية ومواجهة نمو الفكر المتطرف خاصة بعد تزايد انضمام أعدادًا كبيرة لتلك الجماعات من مختلف بلدان العالم.
وأضاف د. نجم في كلمته التي ألقاها في قمة الشباب العالمي التي عقدت أمس في الأمم المتحدة أن الكثيرين في الدول الغربية يخلطون ما بين الفتوى الدينية الصحيحة وبين بعض التصريحات المسيئة التي تصدر من زعماء الإسلام السياسي الذين نصبوا أنفسهم مفتين بغير علم.
وأوضح مستشار مفتي الجمهورية أن صناعة الفتوى هي واحدة من أجَّل المهام التي تقوم بها المؤسسات الدينية الرسمية المعتمدة مثل دار الإفتاء المصرية، والتي تهدف إلى فهم صحيح للعلاقة بين أحكام الإسلام والواقع المعاصر المتغير، في محاولة لتعليم المسلمين أحكام دينهم مع مراعاة الواقع المعيش للمسلمين في مختلف بقاع الأرض.
وقال د. نجم: "إن الفتاوى والمفتين يمثلان جسرا بين الفكر التراثي عبر التاريخ الإسلامي وبين الواقع المعاصر، فالمفتون هم حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، ويستطيعون التفرقة بين الحكم المطلق والمقيد، وما بين الناسخ والمنسوخ وغيرها من الأمور المهمة لإصدار الفتوى".
واعتبر مستشار مفتي الجمهورية أن تصدر غير المتخصصين للإفتاء ممن لا يملكون ما يكفي من المعرفة الدينية الصحيحة، هي واحدة من الظواهر التي قد تفسر السبب الأهم لانتشار التطرف، لأنهم نصبوا أنفسهم كسلطة ومرجعية دينية رغم افتقارهم للمؤهلات العلمية التي تؤهلهم للتصدر لعملية الإفتاء والتحدث في الشريعة والأخلاق.
وأكد د. نجم أن انتشار هذا السلوك المنحرف وفوضى الفتاوى فتح الباب أمام التفسيرات المتطرفة التي لا أساس لها في الإسلام لأن أيًا من هؤلاء المتطرفين لم يدرس الإسلام في مؤسسة علمية إسلامية معترف بها، بل هم نتاج بيئات مضطربة اعتمدت تفسيرات مشوهة ومضللة للإسلام بهدف تحقيق مكاسب سياسية بحتة ليس لها أي أساس ديني، فهم يسعون فقط ليعيثوا في الأرض فسادًا ولنشر الفوضى في أرجاء العالم.
وأشار مستشار مفتي الجمهورية إلى أن هؤلاء المتطرفين يعتمدون المنهج الحرفي للنصوص الدينية دون التعمق في فهم معناها الحقيقي، حيث يتجاهلون قواعد الاستنباط العلمية وأقوال العلماء والجمع بين الأدلة الشرعية، كما أنهم يتجاهلون المقاصد العليا للشريعة الإسلامية مثل حفظ الأنفس والدين والعقل والعرض والمال التي صدرت الأحكام الإسلامية من أجل تحقيقها ودفع الضرر عن الناس في الدنيا والآخرة، وهو ما أدى إلى إفراز تطرف فكري والانحراف عن المنهج الصحيح الذي يؤدي حتما إلى السلوك المتطرف.



وقال د. نجم: "من أجل كل هذا.. فقد كان لزامًا على دار الإفتاء المصرية أن تواجه هذا التهديد العالمي عبر إعلانها حربًا فكرية ضد هذه الأيديولوجيات والمعتقدات المشوهة، ومواجهة تلك التفسيرات المقززة للنصوص الدينية التي يقوم المتطرفون بليِّ عنقها وتشويهها ونزع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة من سياقها".
واستعرض مستشار مفتي الجمهورية مجهودات دار الإفتاء المصرية في تفكيك الأفكار المتطرفة عبر عدة آليات وطرق بعضها إلكتروني والبعض الآخر عبر إصدار الكتب والمقالات التي نشرت، إضافة إلى المشاركة في العديد من المؤتمرات الدولية لمكافحة الفكر المتطرف والأيديولوجية المنحرفة.
وأشار إلى أن دار الإفتاء من أجل ذلك قد أنشأت مرصدًا لرصد وتفكيك الفتاوى المتطرفة والآراء الشاذة للجماعات الإرهابية، والذي أصدر العديد من الفتاوى المضادة التي كشفت عن التعاليم الصحيحة والسمحة للدين الإسلامي، وأكدت على أن تلك الأيديولوجيات المتطرفة الشاذة بعيدة عن تعاليم الإسلام الحقيقية نصًا وروحًا على حد سواء.
وأضاف د. نجم أن المرصد قد أصدر العديد من التقارير التي تبين مدى انحراف هذا الفكر المتطرف كان من أهمها إظهار مدى بشاعة المعاملة التي يتعامل بها المتطرفون مع النساء خاصة في العراق وسوريا، حيث يتم اخضاعهن بالقوة للزواج القسري والاغتصاب والإهانة، مما يكشف الوجه الهمجي القبيح للمتطرفين ضد النساء.
ولفت إلى أن دار الإفتاء قد عرضت عبر تقاريرها لأوضاع الأطفال الذين يتم تغذيتهم بالفكر المتطرف ومشاعر الكراهية وغرس العداوة والبغضاء في قلوبهم ضد كل من يعارض فكرهم الشاذ، وهو ما يمثل خطرًا كبيرًا لأن هؤلاء الأطفال هم بذور جديدة للتطرف تنمو لتصبح جيلًا جديدًا من الإرهابيين القادرين على القتل وسفك الدماء بدم بارد، حيث يتم تدريبهم على كيفية استخدام الأسلحة واستهداف المدنيين، بدلًا من تعليمهم الأخلاق الإسلامية الصحيحة التي تغرس في الأطفال مشاعرة الرحمة تجاه الآخرين.
وأضاف مستشار مفتي الجمهورية في كلمته أن دار الإفتاء أطلق أيضًا حملة إلكترونية عبر موقعها ومواقع التواصل الاجتماعي تتطالب فيها وسائل الإعلام الغربية والمجتمع الدولي إلى عم استخدام مصطلح "الدولة الإسلامية" "ISIS" عند الحديث عن الجماعة الإرهابية في العراق والشام واستبدالها بمصطلح "منشقي القاعدة في العراق والشام" "QSIS"، لأن ربط اسم تلك الجماعة الإرهابية باسم الإسلام، هو جريمة خطيرة ينبغي ألا نمر عليها مرور الكرام، لأن هذه المجموعة المتطرفة تبذل جهودها لتوفير الشرعية للأعمالها الشنيعة التي ترتكبها ضد الإنسانية عن طريق استغلال الدين لتناسب أجندات الشر، ونحن يجب أن نكون يقظين أمام هذه المحاولة الملتوية لاستخدام الدين لتبرير الأعمال الإرهابية الشنيعة.
وقال د. نجم: "إن دار الإفتاء في معركتها ضد التطرف، وفي محاولة لرفع مستوى الوعي ومنع الشباب من الوقوع فريسة لأفكار متطرفة كاذبة، أصدرت الدار مجلة "Insight" التي تصدر بشكل شهري لتفكيك الفكر المتطرف والعقائدية الخطيرة التي تعتمدها الجماعات الإرهابية، وتأتي هذه المجلة ردًا على المجلة شهرية التي يصدرها تنظيم "منشقي القاعدة" المعروف إعلاميًا بـ "داعش" كأداة ترويجية لتبرير معتقداتهم البشعة.



كما استعرض مستشار مفتي الجمهورية في كلمته مجهودات دار الإفتاء على المستوى الدولي في مواجهة التطرف، عبر نشر سلسلة مقالات في كبريات الصحف العالمية مثل صحيفة وول ستريت جورنال، لوموند، واشنطن بوست، جنبا إلى جنب مع الصحف الكبرى في العالم لتصحيح الصورة المشوهة عن الإسلام، ومناشدة المجتمع الدولي بعدم إتاحة الفرصة للمتطرفين في استخدام الدين كأداة ترويجية لأنشطتها غير الإنسانية.
وتحدث عن واحدة من أحدث الإسهامات من دار الإفتاء في تفكيك الفكر المتطرف، حيث أصدرت الدار كتابًا نشر تحت عنوان "The Ideological Battlefieldl: Egypt's Dar al- Iftaa combats radicalization"، وهو كتاب يحتوي على تحليل دقيق للخلل الأيديولوجي للعقلية المتطرفة، وتفنيد استدلالاتهم الفكرية التي يبنون عليها معتقداتهم المختلة التي تبني العنف وسفك الدماء. إضافة إلى إنشاء صفحى على موقع التواصل الاجتماعي بعنوان: "داعش تحت المجهر"، لتفنيد فتاوى المتطرفين للحيلولة دون انضمام الشباب إلى الجماعات المتطرفة وفضح منطقهم المختل في فهم النصوص الدينية والآراء الفقهية التي تستخدم بشكل خاطئ كقاعدة للمتطرفين لجذب الشباب لتصبح دروعًا بشرية في إقامة دولتهم الوهمية الإرهابية.
وأشار مستشار مفتي الجمهورية إلى أن دار الإفتاء قد اتخذت مبادرة عظيمة من خلال الجولة الأوربية الناجحة لفضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية-، وكذلك إلقائه كلمة أمام البرلمان الأوربي من أجل التأكيد على أن هناك تهديدًا وشيكًا من التطرف، وضرورة توحيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وفي ختام كلمته، أكد د. إبراهيم نجم أنه إذا اعتبرنا واعترفنا برأي كل شخص غير مؤهل يتصدر للفتوى، فإننا بذلك نكون قد فقدنا أداة حاسمة في قدرتنا على كبح جماح التطرف والحفاظ على الفهم الوسطي المتوازن للإسلام، خاصة أنه في السنوات الأخيرة، استغلت شخصيات غير مؤهلة علميًا ولا شرعيًا الوسائل التكنولوجية ونصبوا أنفسهم علماء وقادة إسلاميين، وأصدروا العديد من الفتاوى والآراء التي تبرر العنف بكافة أشكاله وصوره مثل مهاجمة الكنائس، وإثارة الفوضى، والإساءة للنساء.
وشدد على أن علماء الدين الحقيقيين والمؤسسات الدينية يقفون بحزم أمام تلك الأفعال والممارسات الاستغلالية، التي تسعى لتحقيق أغراض سياسية تحت ستار الدين.