الإثنين 31 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

رجل أعمال غامض يستولى على 300 مليون جنيه من أموال الدولة

قصة واحد من "مليونيرات الظل" مدعومة بالوثائق والمستندات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشرف عرفة تعاقد مع بنكى «مصر والقاهرة» لإدارة فندق تابع لهما مقابل 8 ملايين دولار سنويًا
تهرب من السداد طوال 5 سنوات وحرر شيكات بدون رصيد لصالح «التجاريين للتنمية السياحية»
صدرت ضده أحكام قضائية بالحبس لكنها اختفت ووكل عصام سلطان للدفاع عنه

بدون مقدمات.. فالتفاصيل وحدها كافية للاشمئزاز من الصمت الرسمى عن العبث الذى يجتاح حياتنا، وكاشفة فى الوقت ذاته عن حجم الفضيحة التى تورطت فيها الأجهزة الرقابية والأمنية لحماية أحد أباطرة البيزنس، عبر تمكينه من الاستيلاء على المال العام بعدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحبسه عشرات السنوات، رغم صدور عدة قرارات من النيابة العامة بضبطه وإحضاره لتنفيذ تلك الأحكام.
بلغت الفوضى فى التعامل مع هذه القضية حدا لا نملك أمامه سوى طرح علامات الاستفهام، بحثا عن إجابات شافية ربما تزيح الستار عن اللغز الذى صار عصيًا على الفهم.
أما اللغز فهو إخفاء تلك الأحكام من «كمبيوتر» وزارة الداخلية، بما يعنى أن هناك أيدى خفية تلعب دورًا عمديا فى التستر عليه بما يتيح له التنقل من مكان إلى آخر بحرية تامة دون توقيف.
رجل الأعمال اسمه «أشرف أحمد عبدالمقصود عرفة»، تعاقد على تأجير وإدارة واستغلال فندق ٥ نجوم بمدينة شرم الشيخ لمدة ٥ سنوات- بدأت فى مايو ٢٠١٠- مملوك لبنكى مصر والقاهرة، وفق السجل التجاري، وهما من البنوك العامة المملوكة للدولة.
القصة تبدأ من تأسيس البنكين مع بعض صغار المساهمين شركة أطلق عليها «التجاريين للتنمية السياحية» بغرض إنشاء فندق «جراند أوازيس»، بمنطقة مرسى أم مريخة. 
تعاقدت الشركة مع رجل الأعمال أشرف عرفة على إدارة الفندق مقابل حصولها على نسبة ٨٥٪ من عوائد التشغيل المقدرة بـ٨ ملايين دولار سنويا «٤٠ مليون دولار مقابل ٥ سنوات» بما يوازى ٣٠٠ مليون جنيه مصري. 
جرى الاتفاق بين الطرفين على تحرير شيكات تمثل ضمانا للحد الأدنى من عائدات تشغيل الفندق، كمستحقات ثابتة للشركة المالكة بقيمة ٥ ملايين دولار سنويا، على أن يتم سدادها فى جدول زمنى يتضمن ٣ دفعات خلال السنة. 
بموجب هذا التعاقد قام أشرف عرفة، بتحرير الشيكات المتفق عليها وقيمتها ٢٥ مليون دولار أمريكى إلى جانب ٣ ملايين دولار كتأمين، وجميع الشيكات محسوبة على البنك التجارى الدولى cib.
عقب استلام رجل الأعمال للفندق بكامل محتوياته وبعد البدء فى تشغيله، ماطل فى سداد مستحقات الشركة المالكة سواء حقوق العوائد الأساسية أو الحد الأدنى منها، الأمر الذى دفع الشركة للقيام بتحصيل الشيكات من البنك التجارى الدولى فى المواعيد المحددة، لكن تبين أنها بدون رصيد.
من هذه النقطة بدأت الشركة المملوكة لبنكى مصر والقاهرة فى اللجوء إلى الإجراءات القانونية، وتوالى نزيف الأحكام القضائية، لكن الغريب فى الأمر أثناء محاولات تنفيذ الأحكام المتراكمة بحبس رجل الأعمال (منها على سبيل المثال، الحبس ٣ سنوات فى القضية ٢٢١٩ لسنة ٢٠١٤، و٣ سنوات أخرى فى القضية ١٥٣٨٩ لسنة ٢٠١٢، إلى جانب عدد من الأحكام الأخرى) فإن أصحاب الشأن ظلوا يصطدمون دائما بالنفوذ الذى يعوق التنفيذ واختفاء اسمه بقدرة قادر من كمبيوتر تنفيذ الأحكام.
على خلفية المماطلة ظهرت على السطح بوادر نوايا تشير إلى أن الرغبة تتجاوز الإفلات من سداد المستحقات إلى التهام الفندق برمته عبر وسائل مختلفة، حيث عمل رجل الأعمال على الدخول فى نزاعات قانونية بهدف إرباك الشركة والضغط عليها لاسترداد الشيكات المحررة منه.
فى هذه الفترة انسحب «وكيل أشرف عرفة» فى القضية بعد تيقنه من رغبة موكله فى الاستيلاء على المال العام «أموال البنوك» فأسند رجل الأعمال أمر «المناكفات» القانونية لـعصام سلطان.
على إثر ذلك بدت المشاهد الأولى لتنفيذ خطة الاستيلاء على الفندق بأكمله «قيمته توازى ٥ مليارات جنيه» وليس التهرب من دفع المستحقات فقط.
فى سبيل تحقيق المراد لجأ عصام سلطان لاستخدام كافة أساليب الإرهاب ضد الشركة المالكة، إذ أرسل إنذارا كنوع من إثبات الحالة طالب فيه باسترداد الشيكات والإسراع فى استلام الفندق.
الإعلان تم «أمريكاني» أى أنه مثبت فى السجلات لكنه لا يصل للطرف الآخر، وهذه الطريقة تتم غالبا عبر الاتفاق مع المحضر ولكى لا يظهر هو- أى سلطان- أو مكتب الإرشاد فى الموضوع. 
أما الهدف من ذلك فهو الادعاء بأن موكله طلب رسميا تسليم الفندق لكن المالك لم يبادر بالموافقة. 
الإنذار حمل عبارات تشير إلى ضرورة التزام الصمت وعدم الحديث عن مستحقات أو غير ذلك لأن البلد به ثورة وظروف اقتصادية مرتبكة. 
بعد عزل الإخوان من الحكم ودخول عصام سلطان السجن فى العديد من القضايا، لم يتوقف سيل القضايا المتبادلة التى توزعت بين المحاكم أو هيئات التحكيم حسبما نص العقد المبرم بين الطرفين.
كل محاولات استرداد الشيكات للإفلات من الأحكام باءت بالفشل، أيضا كل القضايا كانت تذهب أحكامها لصالح الشركة المالكة للفندق، لعل آخرها الحكم الصادر بتاريخ ٢٥/٨/٢٠١٥ من هيئة التحكيم التى تشكلت بناءً على طلب رجل الأعمال، فالإجراءات القانونية المتبعة فى هيئات التحكيم تقضى اختيار محكمًا لكل طرف من طرفى النزاع إلى جانب المستشارين القانونيين الممثلين للدفاع عن كل طرف.
وفق هذه القواعد اختار المدعى «أشرف عرفة» المستشار عبدالناصر أبوالعزم، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة محكما عنه، والطرف الثانى اختار محكما وتم الاتفاق والتراضى على اختيار الدكتور محمود الشرقاوى رئيسا لهيئة التحكيم.
جرى تداول القضية فى عدة جلسات، استعرض خلالها المستشار «أشرف عبدالحليم» تفاصيل تلاعب رجل الأعمال للاستيلاء على المال العام المملوك للبنوك عبر استمرار بقاءه فى استغلال الفندق، والمطالبة باستلام الشيكات التى حررها دون دفعها لإسقاط الأحكام الصادرة بحبسه. كما طلب ممثل رجل الأعمال المستشار القانونى «أشرف يحيي» من هيئة التحكيم التى تنظر القضية استلام الشيكات نظرا للأوضاع الاقتصادية إلا أن الهيئة قضت بسداد مستحقات الشركة المالكة للفندق وعدم الأحقية فى الحصول على الشيكات التى حررها بمعرفته، فضلا عن إلزامه بـ٣ ملايين جنيه تعويض وكذلك إلغاء التعاقد وإلزامه بتسليم الفندق بالحالة التى كان عليها وقت الاستلام. 
ورغم صدور كل تلك الأحكام إلا أنها لا تنفذ الأمر الذى يطرح سؤالا.. من يحمى أشرف عرفة فى مباحث تنفيذ الأحكام؟