تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
من عرف شيرين في أيامها الأولى يدرك تماما أنها عفوية جدًا.. تتصرف بتلقائية شديدة.. لا أسرار لديها.. لا تجمل من شىء ولا يهمها أن يغضب الآخرون.. فيما بعد وبعد أن أصبحت نجمة.. غير كل شىء.. أصبحت كل كلمة محسوبة.. وكل خطوة.. وكل نبضة قلب أيضا.
زى كل البنات.. أحبت لأول مرة زميلها في الفصل.. لم يكن حبا بالقطع.. لكنها اعتبرته كذلك.. «كان اسمه حسنى.. عيونه غريبة.. عجبتنى عنيه».. وبالقطع لم يعرف حسنى أن الطفلة التي ستصبح نجمة في عالم الغناء ستتذكره.. لكنها لا تنسى أيام طفولتها.. ربما لأنها كانت تريد أن تعيشها بشكل مختلف.. لكن ظروفها لم تسمح لها بذلك.. كانت تجرى بخطوات سريعة جدا نحو «الغناء» عشقها الأول.
وفى فرقة سليم سحاب لم تحب أيا من زملائها الرجال.. بل كانت تغار منهم.. كانت تريد أن تصبح «الصوليست» حتى على الرجال.. لكن هذه الغيرة المحببة لم تمنعها من أن تحب - للمرة الثانية - وعلى طريقتها الخاصة شابًا من سنها اسمه إبراهيم.. وبالطريقة الكلاسيكية بتاعة السينما أحبت شيرين على أغنيات أم كلثوم.. كانت تسمع أغنيات عبدالوهاب التي حفظتها جميعا من والدها - عم سيد - فقد كان يملك صوتا جميلا وعشقا خاصا لعبدالوهاب نقله دون أن يدرى لابنته، حتى طغي على جميع المطربين.. لكن الموهوبة اكتشفت عن طريق حبها لإبراهيم كنزًا آخر اسمه أغنيات أم كلثوم.. ومثلما بدأت قصة إبراهيم انتهت.. وظلت مجرد خاطر يداعبها وتضحك منه وعليه.. لكن الحب الذي ذهب بها للمأذون كان لزميلها مدحت خميس.. الموسيقى والموزع المشهور فيما بعد.. كانت قد أصبحت معروفة على الأقل في أوساط الموسيقيين.. وفى ليالى الأفراح والحفلات الخاصة.. تحلم ببيت سعيد.. وبأطفال أيضا.. لكنها كانت تخاف من المسئولية.. وكان الطرف الآخر متيمًا بها.
شيرين بنت بلد.. دمها خفيف.. وبنت نكتة.. وطباخة ماهرة أيضا.. وتتعامل مع شقيقتها الصغري إيمان وكأنها أمها «الست كريمة».. لكنها لا تريد لنفسها أن تتعرض لما تعرضت له أمها «تعب القلوب والبيوت.. كانت لا تزال شابة تريد كل شىء دفعة واحدة.. النجومية والشهرة والفلوس».. وربما - مثلما سمعت من أهل الفن - سحبتها «حياة الأسرة» بعيدا.. لكن الرجل يريد أن يعرف - رأسه من رجليه - وهى تماطل بلا حجة مقنعة.. وفى النهاية رضخت أو حسب تعبيرها «قلت أخلص من الزن» وتزوجت شيرين.. ولم تدم سعادتها طويلًا.. سنة ليس أكثر.. تركت لها الكثير من المرارات.. لكنها منحتها خبرة وقوة وعنادًا فوق عنادها الطبيعى.. ومنحت صوتها زخما وجرحا بدا واضحا في أغنياتها الأولى حتى منحها البعض لقب «المدافعة عن المرأة».
هذه الأغاني الأولى التي كتبها هانى عبدالكريم ولحنها أحمد محيى.. صارت لقبًا لها يناديها الناس به «شيرين آه يا ليل» وجاءت لها بالنجومية وبالسينما التي دخلتها مرتجفة ومرعوبة.. وخرجت منها بتجربة جديدة وأصدقاء جدد في مقدمتهم أحمد السقا وأحمد حلمى ومحمد هنيدى.. والأخير كان يصور فيلما اسمه «همام في أمستردام» ظهر فيه شاب وسيم في دور صديق أحمد السقا.. كان يعمل منظما للحفلات.. حاصل على الجنسية الأمريكية وتعرفت عليه شيرين.. ليتحدث الوسط الفنى عن «حب جديد» لم تخجل شيرين من التصريح به.. وظهرت في حلقة تليفزيونية مع هالة سرحان، لتؤكد تفاصيل الخطوبة التي جاءت سريعا.. والغريب وقتها أن حفل الخطوبة لم يحضره أحد من أهل شيرين - في إشارة واضحة لرفضهم الزيجة - واكتفت شيرين الصغيرة بوجود منتجها نصر محروس.
في تلك الأثناء لم يستغرب أحباء وأصدقاء شيرين أن تحب مجددًا.. وأن تسعى للزواج.. فهذا أمر بديهى وطبيعى جدا، لكن إعلانها أن الزواج سيتم بعد ٣ سنوات كان أمرا مدهشا.. وظهر الخطيب في كل حفلات شيرين تقريبا لمدة عام.. وفجأة وفى أولى حفلاتها الصيفية بمارينا ظهرت بمفردها.. واختفي الأمريكى الغامض الذي لم ينظم حفلا واحدا في القاهرة لتعلن شيرين بنفسها خبر انفصالها.
من الطبيعى أن يحب البشر.. العاديون منهم والنجوم.. لكن الفنانين يحتاجون للحب والعطف أكثر مما يحتاجه الآخرون.. تقلباتهم.. وانهياراتهم.. أحزانهم.. وأفراحهم القليلة تحتاج دوما إلى شريك محب.. وقد يكون ذلك الرجل أو تلك المرأة موجودا بجوارنا، لكننا لا نشعر به.. يؤدى دوره الكامل دون أن يشعرنا بأنه يمن علينا بذلك. وهذا ما كنا نشعر به جميعا في المرات التي نشاهد فيها شيرين ومحمد مصطفى معًا.
كان مصطفى واحدًا من أهم موزعى جيل التسعينيات.. شاب «جنتل» ابن ناس.. دمث جدًا.. وموهوب حتى النخاع.. يلحن أحيانا.. لكنه دوما صديق لمن لا صديق له.
وكان من الطبيعى أن نشعر بمودته لـ«شيرين».. وأن تدرك هي ذلك.. كنا في استديو هانى مهنى «جولدن كاسيت» في شارع السودان.. ومصطفى ينجز لحنًا لمطرب شاب اسمه أسامة الشريف.. وجاءت شيرين.. فالجميع أصدقاؤها.. وبدا أننا على وشك سماع نبأ سعيد لكنها أنكرت.. ولم تمض أيام حتى فوجئت بعد منتصف الليل بمن يخبرنى أن شيرين ستتزوج الليلة.
طلبتها على الموبايل دون جدوى.. فطلبت منزلها ورد والدها الذي أخبرنى بسعادة أن مصطفى طلبها للزواج من فترة.. لكنها لم تحدد موعدا.. وأن التفاصيل لديه ولديها.. فطلبت محمد مصطفى الذي فاجأنى بأنه في الطريق لبيت شيرين في المعادى - كانت شقة بالإيجار انتقلت إليها مع أسرتها عقب نجاح ألبومها الأول، وأن شيرين ستغادر بعد كتب الكتاب مباشرة إلى تونس لارتباطها بحفل هناك.. وأنها أخيرا وفيما كان يحدثها في التليفون قالت له «هات المأذون وتعالى».
وكتبت شيرين كتابها قبل أذان الفجر.. لتنطلق بعدها إلى تونس.. ومن هناك تخبرني أنها مع صديقة لها.. وأنها ستعلن زفافها بعد عودتها مباشرة.. ليستمر زواجها بمحمد مصطفى ٥ سنوات كاملة.