وضع تامر حبيب سيناريو خاصا جدا تخوض به شيرين عبدالوهاب تجربتها الأولى في الدراما.. وكالعادة يتوقع المشاهدون أن تفاجئهم البطلة بقصة كفاح مهولة حتى تصعد إلى سلم الشهرة، وربما لا يفعل تامر حبيب ذلك على اعتبار أنها موضة وبطلت، لكنى وبحسم أجزم أنه لو كان كتب قصة نجاح شيرين نفسها لكانت أفضل.
ولحصد نجاحا يفوق خياله.. فالقصة الحقيقية لهذه السمراء أكثر تشويقا بكثير، ودليل حى على أن أحياءنا الشعبية مليئة بالمواهب الضخمة.
تذكرت وأنا أتابع تترات المسلسل ما أعرفه عن شيرين.. ما رأيته بعينى وسمعته بأذنى.. حكاية منه ــــ أو حكايتان بالأكثر ـــ كافية لأن تمنحها بطاقة التأهل لموقع الصدارة.
كنا في بداية التسعينيات.. رمضان كالعادة فرصة للمبدعين.. على الشاشة.. وفى سراداقات قصور الثقافة وحديقة الحوض المرصود واحد من هذه السراقات يذهب إليها أبناء السيدة.. والدرب الأحمر والحلمية للتنفس ساعات قليلة بعد الإفطار.. مع الموسيقى والساحر.. والمنشدين...
وفى ليلة رمضانية من هذه الليالى.. كانت هناك بنت صغيرة بيتها قريب جدا من الحديقة، والحوض المرصود بالمناسبة اسم لأهم مستشفى يعالج الأمراض الجلدية في مصر، وما زال رغم سوء حالته.. والدها ساءت ظروفه الاقتصادية.. وترك للأم المكافحة ثلاثة أطفال.. كان صاحب ورشة يقيم في أحد شوارع منشية ناصر.. البنت التي لم تبلغ العاشرة صوتها حلو جدا.. أحد أقاربها أخذها إلى هناك.. للحوض المرصود لتغنى.. وقفت مرعوبة.. كل شىء هنا يخطفها من عالمها الصغير.. تخيلت نفسها نجمة.. وبدأت تغنى.. وللصدفة وجدت نفسها -ع النوتة الصحيحة- لم تخطئ.. وصفق الجمهور للطفلة التي لفتت أنظار موسيقى شاب حصل على اسمها وعنوانها.. ليأخذها إلى الأوبرا حيث سليم سحاب.
كانت في قمة سعادتها. طفلة.. يصفق لها الكبار، لكنها لا تعرف ماذا تعنى الفلوس.. ولا معنى أن الأم قد لا تجد ما تطبخه لهم.. وجدت أمها تبكى.. ودموعها الغزيرة تبلل خديها.. قالت في ضعف الفلوس خلصت.. هنعيش إزاى بس يا رب.. وردت الطفلة في براءة.. أكيد ربنا هيرزقنا.. ثم خرجت تلعب في الشارع مع صديقاتها من بنات الحتة.. كن يلعبن الحجلة.. غطيان صغيرة لعلب الورنيش.. يدفعنها بطريقة منتظمة وقدم مرفوعة، فيما تضرب القدم الأخرى ذلك «الحلق».
كانت شيرين التي تحكى لى الواقعة، وهى على باب النجومية في مدخل الأوبرا، وأنا أهنئها بمناسبة حصولها على عشرة آلاف جنيه دفعة واحدة من منتجها نصر محروس، بعد نجاح ألبومها الأول المشترك مع تامر حسنى.. كنت قد سألتها عما فعلت بالفلوس، فقالت في براءة.. اشتريت بيها كلها هدوم ليا ولأمى، ودفعت ثمن الدروس الخصوصية لأختى إيمان.. ثم أضافت: «ياض ربك ده كريم أوى».. ثم أكملت قصة لعبة الحجلة: يومها فضلت ألعب وناسية خالص حكاية أن بيتنا مافيهوش فلوس.. أنا قلت الكلمتين لأمى ومشيت.. وأنا بلعب رجل خبطت في حاجة حادة في التراب.. بميل أشوف إيه اللى عورنى.. لقيته حلق.. ماكنتش أعرف إنه ذهب.. أنا خدته وجريت ع البيت.. قلت لأمى شوفى ده.. قالتلى دى فردة حلق دهب.. منين جبتيها.. إوعى تكونى خديتها من حد.. قلت لها ببراءة أنا لقيتها في الأرض وأنا بلعب، والله ما شفت حد رماها، أمى ضحكت وخدتنى في حضنها، وبكت وهى تقول صحيح.. ربنا اللى بيرزق.. تبتسم شيرين، وتضيف: «أنا عمري ما نسيت حكاية الحلق دى.. ودايما عندى إحساس إن ربنا هيرزقنى» وانطلقت لتكمل طريقها.. الذي لم يكن سهلًا على الإطلاق.
ولحصد نجاحا يفوق خياله.. فالقصة الحقيقية لهذه السمراء أكثر تشويقا بكثير، ودليل حى على أن أحياءنا الشعبية مليئة بالمواهب الضخمة.
تذكرت وأنا أتابع تترات المسلسل ما أعرفه عن شيرين.. ما رأيته بعينى وسمعته بأذنى.. حكاية منه ــــ أو حكايتان بالأكثر ـــ كافية لأن تمنحها بطاقة التأهل لموقع الصدارة.
كنا في بداية التسعينيات.. رمضان كالعادة فرصة للمبدعين.. على الشاشة.. وفى سراداقات قصور الثقافة وحديقة الحوض المرصود واحد من هذه السراقات يذهب إليها أبناء السيدة.. والدرب الأحمر والحلمية للتنفس ساعات قليلة بعد الإفطار.. مع الموسيقى والساحر.. والمنشدين...
وفى ليلة رمضانية من هذه الليالى.. كانت هناك بنت صغيرة بيتها قريب جدا من الحديقة، والحوض المرصود بالمناسبة اسم لأهم مستشفى يعالج الأمراض الجلدية في مصر، وما زال رغم سوء حالته.. والدها ساءت ظروفه الاقتصادية.. وترك للأم المكافحة ثلاثة أطفال.. كان صاحب ورشة يقيم في أحد شوارع منشية ناصر.. البنت التي لم تبلغ العاشرة صوتها حلو جدا.. أحد أقاربها أخذها إلى هناك.. للحوض المرصود لتغنى.. وقفت مرعوبة.. كل شىء هنا يخطفها من عالمها الصغير.. تخيلت نفسها نجمة.. وبدأت تغنى.. وللصدفة وجدت نفسها -ع النوتة الصحيحة- لم تخطئ.. وصفق الجمهور للطفلة التي لفتت أنظار موسيقى شاب حصل على اسمها وعنوانها.. ليأخذها إلى الأوبرا حيث سليم سحاب.
كانت في قمة سعادتها. طفلة.. يصفق لها الكبار، لكنها لا تعرف ماذا تعنى الفلوس.. ولا معنى أن الأم قد لا تجد ما تطبخه لهم.. وجدت أمها تبكى.. ودموعها الغزيرة تبلل خديها.. قالت في ضعف الفلوس خلصت.. هنعيش إزاى بس يا رب.. وردت الطفلة في براءة.. أكيد ربنا هيرزقنا.. ثم خرجت تلعب في الشارع مع صديقاتها من بنات الحتة.. كن يلعبن الحجلة.. غطيان صغيرة لعلب الورنيش.. يدفعنها بطريقة منتظمة وقدم مرفوعة، فيما تضرب القدم الأخرى ذلك «الحلق».
كانت شيرين التي تحكى لى الواقعة، وهى على باب النجومية في مدخل الأوبرا، وأنا أهنئها بمناسبة حصولها على عشرة آلاف جنيه دفعة واحدة من منتجها نصر محروس، بعد نجاح ألبومها الأول المشترك مع تامر حسنى.. كنت قد سألتها عما فعلت بالفلوس، فقالت في براءة.. اشتريت بيها كلها هدوم ليا ولأمى، ودفعت ثمن الدروس الخصوصية لأختى إيمان.. ثم أضافت: «ياض ربك ده كريم أوى».. ثم أكملت قصة لعبة الحجلة: يومها فضلت ألعب وناسية خالص حكاية أن بيتنا مافيهوش فلوس.. أنا قلت الكلمتين لأمى ومشيت.. وأنا بلعب رجل خبطت في حاجة حادة في التراب.. بميل أشوف إيه اللى عورنى.. لقيته حلق.. ماكنتش أعرف إنه ذهب.. أنا خدته وجريت ع البيت.. قلت لأمى شوفى ده.. قالتلى دى فردة حلق دهب.. منين جبتيها.. إوعى تكونى خديتها من حد.. قلت لها ببراءة أنا لقيتها في الأرض وأنا بلعب، والله ما شفت حد رماها، أمى ضحكت وخدتنى في حضنها، وبكت وهى تقول صحيح.. ربنا اللى بيرزق.. تبتسم شيرين، وتضيف: «أنا عمري ما نسيت حكاية الحلق دى.. ودايما عندى إحساس إن ربنا هيرزقنى» وانطلقت لتكمل طريقها.. الذي لم يكن سهلًا على الإطلاق.