الجمعة 05 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

."بدو سيناء" في عيد التحرير.. عادات وتقاليد فريدة من نوعها.. وتركيبة اجتماعية اختلطت بدماء ضحايا الإرهاب.. ومطالب بتنميتها وتخليصها من قيود كامب ديفيد

منى برهومة - ناشطة
منى برهومة - ناشطة سيناوية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"القصلة.. البرزة.. البرزة المحمولة.. البشعة.. القضاء العرفي.. قصاص الأثر" كلمات لا نقرأها ولا نسمع عنها إلا عند التعرض لحياة إخوتنا المصريين من بدو سيناء، وقد عرف عنهم التزامهم بنظام اجتماعي متفرد وتقاليد وعادات لا توجد إلا في المجتمع البدوي السيناوي لتميزهم عن أي مجتمع بدوي آخر، وقد تعودنا في الإعلام المصري أن يظل "بدو سيناء" في ركن مظلم من الذاكرة الوطنية وفي طي النسيان حتى تأتي ذكرى عزيزة على قلوب المصريين جميعا وهي "تحرير سيناء" فنتجه إلى سيناء وبدوها ونفتح لهم أفقالرواية والحكايات عن حياتهم وغرائبها، لكن تأتي تلك المناسبة هذا العام في أجواء مختلفة تماما حيث الحرب على الإرهاب الدائرة هناك وشهداؤنا الذين يسقطون بين الحين والآخر، كذلك ما حدث للبدو أنفسهم من تهجير من بيوتهم بمنطقة الشريط الحدودي لما اقتضته الضرورة لمكافحة الإرهابيين والتكفيريين "الدواعش"، ليتغير طعم الحديث عن "بدو سيناء" وحياتهم.
في البداية تقر الناشطة السيناوية "منى برهومة" بأن جو الاحتفالات بعيد تحرير سيناء هذا العام مختلف وسط الدماء التي تسقط والحرب الدائرة في كل شبر من سيناء خاصة الشمال، وخسائرها الواضحة بين صفوف شهداء الواجب من جنودنا وأيضا من أهالي سيناء، حيث تمت تصفية وقتل نحو 350 من عواقل وشيوخ وشباب سيناء من قبل المتشددين بحجة أنهم يتعاونون مع الأمن المصري، إضافة إلى ما حدث من إخلاء للمنطقة العازلة ونتائجه على الناحية الاجتماعية والنفسية لأهل سيناء.
وأشارت "برهومة" إلى أن إخلاء تلك المنطقة تسبب في خلخلة التركيبة الاجتماعية والسكانية حيث تفرق المجتمع السيناوى في مدينة رفح المصرية نتيجة ترحيل سكان المنطفة العازلة بطول 14 كم وعمق 1000 متر وبالطبع المواطن في المنطقة العازلة "ملايين الدنيا مش هتعوضه عن بيته وأرضه اللى ولد وتربى وعاش فيها"، بما تحمل له من ذكريات وتاريخ وارتباطه بهذا المكان وقلب المواطن ينزف ويعتصر ألما على فراق منزله.
وأضافت الناشطة السيناوية أن سكان منطقة العازلة سواء المرحلة الأولى أو الثانية وضعوا مصلحة وأمن مصر فوق أي اعتبارات لأن المواطن السيناوى في هذه المناطق جزء من الأمن المصرى، منوهة إلى أن أمن مصر يبدا من سيناء باعتبارها البوابة الشرقيه لها وحال تامينها الجيد تصبح سيناء نقطة قوة واذا حدث العكس تصبح سيناء نقطة ضعف لمصر.
وبينت الناشطة "برهومه" أن بسبب الحدود المخترقة مع إسرائيل والمنتهكة من غزة بسبب انفاق الشر من 2008 حتى 20013، كل هذا جعل من سيناء مناخ خصب للدخلاء واصحاب الفكر المتشدد للاستخباء داخل نجوع وتجمعات وجبال سيناء واستقطاب بعض شباب سيناء من حديثى السن، مؤكدة أن أهالي سيناء فيهم الشرفاء ولكنهم لست مجتمع ملائكى ولكن فيهم بعض العناصر السيئة والخارجة عن قانون الدولة وقانون المجتمع القبلى كمان شانهم شان أي مجتمع في مصر ولكن الإعلام والأمن للاسف الشديد ياخد بمنطق السيئة تعم والحسنة تخص.
واقترحت "برهومة" روشتة لتصحيح الأوضاع في سيناء بمنسبة تحريرها من المحتل حتى تحرر من الإرهاب، بأن يتم التحرر من قيود اتفاقية كامب، ومن الدخلاء والغرباء والسفهاء الذين غزوها بعد ثورة يناير 2011 وتحريرها من التهميش والتجاهل والعنصرية السلبية، واستخرج مواردها المخزونة بباطن الرمال والجبال باستغلالها وتحويلها إلى مشروعات قومية تخدم مقومات البيئة السيناوية وتقضى على البطالة، وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة وجذب آلاف المواطنين من الدلتا للإقامة في سيناء، وإعادة تشكيل واختصاصات المجلس الوطنى لتنمية سيناء ليصبح له دور فعال بدلا من دوره السلبى الحالى، ومشاركة أهالي سيناء في إدارة سيناء وصنع القرار فيما يختص بسيناء ومراعاة طبيعة المجتمع القبلى لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وفتح أسواق محلية داخل الجمهورية ودولية لتسويق التراث السيناوى، وتعويض سكان الحدود بالمنطقة العازلة برفح بأراض على ترعة السلام بديلا عن أراضيهم وزراعاتهم التي جرفت، وفتح صفحة جديدة مع أهالي سيناء وتغيير نظرة الاتهام والتخوين والبعد عن مبدأ السيئة تعم والحسنة تخص وأن تتم معاملة سيناء على أنها ملف اجتماعى اقتصادى أمنى وأن توضع في بؤرة اهتمام المسئول طوال العام وليس يومين في العام.
الشيخ "على فريج" عضو مجلس الشعب عن شمال سيناء سابقا، قال إن المواطن السيناوي رغم ما استجدت من تطورات وأحداث في سيناء في الأعوام الأخيرة إلا أنه مازال متماسكا كباقي المصريين، رغم ما يلحق به من ضغوط حياتية، أهمها بعض الإساءات من جانب بعض الإعلاميين الذين يصفون بدو سيناء- على إطلاقهم- بالخيانة والعمالة وهذا غير صحيح مطلقا.
وأوضح "فريج" أن المجتمع السيناوي محافظ على تقاليده من الاندثار لأنها هويته ووجوده، وما يعرف عنه من عادات ونظم اجتماعية مثل القضاء العرفي وقص الأثر والبرزة وغيرها من المسميات موجودة بين طبقات المجتمع السيناوي لكن بدرجات، فسكان البادية هم الأكثر تمسكا بها وتطبيقا لها، بينما الذين انتقلوا إلى حياة المدينة اختلطوا بسكان المدن وأخذوا عنهم بعض سلوكياتهم واندمجوا معهم غير ناسين لجذورهم وأصولهم، لكن بحكم المكان قد يندر تطبيق بعض مظاهر الثقافة البدوية مثل البُرزة وهي الخيمة التي يتزوج فيها العروسان ويبقيان فيها لمدة 3 أيام بعيدا عن الأهل، فأين الخيمة في مجتمع المدينة.
وفيما يخص التركيبة الاجتماعية لمجتمع البادية السيناوية بين الشيخ "على" أنها مازالت كما هي لم تمسها أيدي العبث، فما زالت نسبة الطلاق قليلة والزواج أكثر، كذلك القضاء العرفي هو النظام المعمول به في البادية، والفتاة البدوية لا تتزوج إلا البدوي ابن عمها أو أحد أقربائها وإن كان في مدن سينا هناك من تزوج من الرجال بفتيات من خارج العائلة بل ومن خارج البدو لكنه لا ينسى ثقافته وجذوره وعلى تواصل دائم مع أهله في البادية.
وفي محاولة للوقوف على آخر تطورات النظام الاجتماعي البدوي فسر د. محمد عبد الحكيم الخبير الاجتماعي والمتخصص في بحوث المجتمعات الريفية والصحراوية والباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سابقا، ازدواجية مظاهر الحياة في حياة "بدو سيناء" قائلا أن "البدو" تطوروا في نظامهم الاجتماعي وتركيبتهم السكانية بسبب الاختلاط مع حياة المدينة والنقل عنها، فقديما كان المجتمع مغلق وحركته محدودة والتنقل بالدواب فكانت مظاهر التأثر بالمدنية بسيطة، لكن منذ عقود أصبحت السيارة معروفة وتستخدم بكثرة وتساعده على الاحتكاك بمجتمع المدينة، وكعادة أي مجتمع لا يقف عند حدود ثابتة لكنه "ديناميكي" يؤثر ويتأثر، فدخلت عندهم مظاهر الحياة الحديثة من التكنولوجيا سواء أجهزة المحول أو التليفزيونات وغيرها.
ونوه "عبد الحيكم" إلى أنه في الوقت نفسه سرعة التأثر ضعيفة جدا فهو يقف حذرا تجاه أي قيمة اجتماعية أو ظاهرة قد تؤدي إلى خلل في حياته، فنجد تقاليد الزواج ثابته تقريبا باستثناء بعض الذين استقروا في المدن واختلطوا وتزوجوا من خارج القبيلة، لكن ما عدا هذا ففكرهم وقيمهم واحدة وهو ما يجعل نسبة الزواج عندهم أعلى من الطلاق وعندهم الزواج المبكر سمة أساسية تسهم في تقوية وجودهم وهويتهم، ولا تظهر فيهم كثير من الأمراض الاجتماعية التي تنتشر بكثرة في المدينة، كالسرقة أو الاغتصاب أو الزواج العرفي، وهم بذلك نموذج مثالي للمجتمعات الطبيعية "الفطرية".
وأوضح خبير المجتمعات الريفية والصحراوية، أننا نتندر أو نتعجب من بعض تقاليد مجتمع "البادية"، كالبشعة أو القصلة لكنهم أيضا لا يتصورون أن يحدث بينهم زنا محارم على سبيل المثال وهو ما أصبح ظاهرة تقض مضجع المجتمع المصري.