الإثنين 08 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

ماذا يفعل رجال مبارك الآن؟

 مبـارك
مبـارك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فتحى سرور.. «طلق السياسة بالثلاثة» ويقضى وقته بين منزله ومكتبه للمحاماة في «جاردن سيتى».. بعد ظهوره في مؤتمر لـ«الجمعية المصرية» قال له المسلمانى «المستشار عدلى منصور بيقولك ياريت تلزم بيتك»
صفوت الشريف.. يكتب مذكراته بعنوان «شهادتى للمصريين» عن عمله بالمخابرات ومقتل سعاد حسنى وحياته في وزارة الإعلام.. ويقيم في فيلّا بالقاهرة الجديدة.. ويعانى من مشكلات صحية في «المثانة» ويتصل بـ«مبارك» و«علاء» و«جمال»
زكريا عزمي.. يعيش في قصره بالتجمع الخامس وسط حراسة أمنية مشددة.. ويسافر إلى مسقط رأسه بالشرقية كل أسبوع.. اختفى بعد ظهوره الوحيد عقب «25 يناير» في الاستفتاء على الدستور
مفيد شهاب.. يرفض الظهور الإعلامي تحت شعار: «أنا مش عايز أتبهدل في آخر أيامى وطول ما أنا ساكت محدش هيقربلى».. ويشرف على مجموعة من الرسائل العلمية ويكتب مذكراته عن فترة حكم «مبارك» ومفاوضات «طابا»
على الدين هلال.. اكتفى بعمله الأكاديمى في كلية الاقتصاد واعتزل السياسة والعمل الحزبي بشكل تام.. وظهر مرتين في عزاء والدة عمرو حمزاوى وممدوح الليثى وصديقه الوحيد صفى الدين خربوش
أنس الفقى.. ابتعد عن السياسة وقال: «أنا عايز الناس تنسانى».. ورفض الإشراف على قناة فضائية.. وامتنع عن حضور الحفلات الخاصة ويعيش في «كمباوند» بطريق «مصر- الإسكندرية» الصحراوى

في «25 يناير»، انزلهم الشعب من «قمة السلطة»، ودفع بهم إلى «أقصى درجات الانكسار»، رجال ملكوا الدنيا وما فيها، ثم أصبحوا خلال أيام قليلة أسرى بين 4 جدران لسنوات ليست بالقليلة بالنسبة إليهم، قبل أن يقول القضاء كلمته ويقضى ببراءة معظمهم. فتحى سرور، وصفوت الشريف، وزكريا عزمى، ومفيد شهاب، وعلى الدين هلال، وأنس الفقى.. كانوا الأكثر قوة وسلطة في عهد الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، أمسكوا بـ«مفاتيح البلاد» في السياسة والاقتصاد والقانون، قبل أن يطيح بهم الشعب. لماذا نفتح هذا الملف الآن؟ يرى البعض أن الزمن قد تجاوز عصر «مبارك»، هذا حقيقى، غير أن هناك ما يقال عنهم، عن حياتهم، إلى أين وصلوا؟ كيف انتهى بهم الزمن؟. هنا نقدم أسرارًا وكواليس ووقائع خاصة عن أبرز رموز نظام «مبارك»، استنادًا إلى معلومات مستقاة من مصادر مقربة إليهم، نجيب عن سؤال: «ماذا يفعل رجال مبارك الآن؟»
كان «المشهد الختامى» بالنسبة للدكتور فتحى سرور أن ينتقل من «قمة المجد»، رئيسًا لمجلس الشعب لأكثر من ٢٠ عامًا، إلى ضحية لـ«سحق الأيام»، سجينًا في قضية قتل المتظاهرين المعروفة إعلاميًا بـ«موقعة الجمل»، ومتهمًا بـ«تحقيق كسب غير مشروع وتضخم الثروة».
ما حدث مع الرجل لم يكن سهلًا، حتى بعد الحكم ببراءته في قضية «موقعة الجمل»، وإغلاق باب التحقيق معه في «تضخم الثورة».
اختار أن يبتعد بإرادته، فكر للحظة في العودة ولو إلى «الحياة العامة» فأجبر ألا يفعل.
بعد خروجه من السجن وكان ذلك وقت حكم «الإخوان المسلمين» ابتعد عن المشهد السياسي والإعلامي بشكل تام، حاول بعض الإعلاميين الوصول إليه طمعًا في حوار صحفى أو لقاء تليفزيوني، غير أنه اعتذر، رافضًا محاولات إقناعه بأن يتحدث الآن، وذلك من قبل صحفيين كانوا مقربين منه، وبينهم من أجرى معه سلسلة حوارات في «أوج الثورة».
ربما كان التخوف من «بطش الإخوان» هو الدافع وراء رفضه الظهور الإعلامي، يدرك أنهم لم ينسوا ما يعتبرونه «ثأرًا» لهم في رقبته، اعتقدت الجماعة أن رجال «مبارك» سيخرجون من السجن إلى القبر، ففاجأتهم الأحكام القضائية بـ«البراءة»، ومن هنا كانوا ينتظرون أي فرصة لـ«الانقضاض على ضحيتهم». أدرك هو ذلك فاختفى تمامًا.
بعد خروجه من السجن اتصل «سرور» بياسر على، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في عهد محمد مرسي - قبل أن تطيح به فضيحة تعلقت بزواجه عرفيًا من إحدى الصحفيات - لـ«توصيل السلام إلى الدكتور مرسي»، بحسب تعبير رئيس مجلس الشعب الأسبق في الاتصال.
عرض «سرور» تقديم «مشورات قانونية» لـ«مرسي»، فجاءه الشكر من ياسر على بـ«شكل لائق»، وانتهى الاتصال وقتها، ووصلت الرسالة إلى «سرور».
لم يبتعد عن الإعلام فقط، وإنما رفض أيضًا الإشراف على رسائل علمية بكلية الحقوق.
دورة حياة الدكتور سرور تتلخص - بحسب معلومات من مقربين منه - في الإقامة لفترات طويلة داخل منزله، والتردد على مكتبه للمحاماة الذي يقع بحى جاردن سيتي، ويديره نجله «طارق»، حيث يشاركه في إعداد مذكرات الدفاع في القضايا المعروضة عليه.

وقت وجوده في السجن، كان قد بدأ في إعداد مجموعة من الأبحاث والدراسات القانونية، تتعلق بـ«الإصلاح الدستورى في مصر»، ومؤلفات أخرى تتعلق بالاقتصاد والسياسة والقانون، وهو في هذه الأيام تفرغ لمؤلفاته القانونية كأستاذ وكعالم في القانون الجنائى. بعض المقربين من الرجل عرضوا عليه العودة إلى الحياة العامة مرة أخرى، لكنه أعلن بشكل واضح اعتزاله الحياة السياسية، بل أعلن «طلاقه بالثلاثة للسياسة».
قصة اعتزال «سرور» الحياة السياسية تستحق أن تروى هنا، فالرجل كان ينوى اعتزال الحياة السياسية قبل انتخابات مجلس الشعب عام ٢٠١٠، بالتحديد سعى لأن يكون آخر عمل سياسي له في ٢٠٠٥.
المقربون منه وقتها نصحوه بعدم الانسحاب من الساحة السياسية في هذا التوقيت، خاصة في ظل ترشح «مبارك» للانتخابات الرئاسية، خوفًا من وقوع صدام بينه وبين الرئيس، وهو أفضل من يعلم أن «مبارك» حينما يغادر رجاله المسرح من دون استئذانه فالعقاب شديد، أمام ذلك تراجع عن رأيه وخاض انتخابات ٢٠١٠.
بعد ثورة «٣٠ يونيو»، ظهر «سرور» للمرة الأولى، وكان ذلك يوم ١ يناير ٢٠١٤، في مؤتمر لـ«الجمعية المصرية للسياسة والاقتصاد والإحصاء والتشريع» التي يترأسها، تحت عنوان «مكتسبات الشعب بعد ثورة ٣٠ يونيو»، وذلك لمناقشة الاستفتاء على دستور ٢٠١٣.
تصاعدت الاعتراضات بعد ظهوره بشكل علنى للحديث في أمر سياسي، واتخذ بعض «المشككين» من «سرور» فرصة لـ«الكيد للنظام»، والقول بسماحه بعودة رجال «مبارك» مرة أخرى، خاصة أن الجمعية كان قد صدر قرار في عهد الوزير أحمد البرعى بـ«حلها»، قبل أن تصدر الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، قرارًا بعودتها مرة أخرى.
تفاعلت رئاسة الجمهورية مع الغضب، واتصل أحمد المسلمانى، الذي كان يشغل منصب مستشار رئيس الجمهورية للشئون الإعلامية، بـ«سرور»، وأبلغه رسالة من الرئيس الانتقالى المستشار عدلى منصور أن «الزم بيتك».
اختفى «سرور» بشكل تام بعد أن بشر البعض بعودته للحياة العامة والسياسية، ولم يظهر بجسده إلا مرتين، الأولى في ١٤ يونيو ٢٠١٤، في حفل تخرج حفيدته «سارة طارق سرور»، من الجامعة الأمريكية، بمقر الجامعة في التجمع الخامس، وكان بصحبته زوجته، وابنهما «طارق»، وحرمه، وحفيدته الأخرى «هناء»، والثانية في «حفل إفطار رمضانى» دعاه إليه مصطفى بكرى، والنائب السابق عن أسوان محمد سليم، وغادر المطعم بعد انتهاء الحفل، رافضًا أي حديث في الأمور السياسية.
ما حدث بعد ظهوره في ندوة «الجمعية المصرية للسياسة والاقتصاد والإحصاء والتشريع»، دفعه لأن يمنع الصحفيين من حضور ندوة «مياه النيل والتنمية الاقتصادية» التي أقامتها الجمعية، بتاريخ ٢٨ أغسطس ٢٠١٤، وكانت هذه الندوة آخر أعماله قبل مغادرته القاهرة في ١٤ ديسمبر الماضى، متوجهًا إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، وذلك في أول رحلة له إلى خارج البلاد برفقة قرينته.

لعب القدر دورًا كبيرًا في حياة صفوت الشريف، كان قراره ترك كلية العلوم والذهاب إلى الكلية الحربية في العام ١٩٤٩ مقدمة لـ«صنع أسطورة كاهن» بدءًا من المخابرات ووصولًا إلى «أوج سلطته» في عهد «مبارك» قبل أن ينتهى به الحال الآن مختفيًا عن الأنظار.
في حياة صفوت الشريف قرار محورى أثر في كل ما جاء بعده، اختار أن يتطوع في الحرس الوطنى بمعسكر أنشاص مع الفدائيين ضد الإنجليز، فتعرف هناك على الصاغ كمال أبوالفتوح، ليختاره فيما بعد ليعمل معه بالمخابرات الحربية في عام ١٩٥٨، ومن هنا بدأت قصته.
كان السؤال الملح خلال أحداث «٢٥ يناير» هو أين اختفى صفوت الشريف، ظهر لآخر مرة يوم ٢٦ يناير بعد اجتماع للأمانة العامة للحزب الوطنى.
خرج «صفوت» بعد الاجتماع في مؤتمر صحفى: «إن رجال الحزب لا يهربون ولا يتخلون عن مناصبهم».
بعد المؤتمر اختفى صفوت الشريف بشكل تام، ولم يظهر على المسرح إلا من خلال الأخبار التي تحدثت عن طرد رجال الحزب - وهو على رأسهم - من مناصبهم.
المعلومات المتوافرة حول فترة الاختفاء - قبل القبض عليه على ذمة اتهامه في قضية «موقعة الجمل» وغيرها - تشير إلى أنه اختبأ لدى أحد أصدقائه في منطقة إمبابة بمحافظة الجيزة، فلم يأمن أن يختفى في بيته، حتى لا يهاجمه أحد.
مرت الأيام، ودخل «صفوت» السجن في قضية «قتل المتظاهرين»، قبل أن يصدر حكم ببراءته في القضية، وتسوية قضايا أخرى كان متهمًا فيها.
ما الذي يفعله صفوت الشريف الآن؟
لم يظهر «صفوت» بعد خروجه من السجن، وقرر ألا يظهر مرة أخرى.
ويقيم الآن في «كمبوند بيفرلى هيلز» في القاهرة الجديدة، حيث يتابع الأخبار بنفسه، وعرض عليه أكثر من مرة - عبر نجله - إجراء حوارات صحفية إلا أن الطلبات قوبلت بالرفض.
وتشير معلومات إلى أنه يعكف الآن على استكمال مذكراته عن فترة توليه وزارة الإعلام ورئاسة مجلس الشورى وأمانة الحزب الوطنى.
قد تسأل: هل بدأ صفوت الشريف في كتابة مذكراته أصلًا؟
بعض من اقتربوا منه أثناء وجوده في السجن أشاروا إلى أنه كان قد بدأ في كتابة مذكراته، وفيها تحدث عن فترة عمله بالمخابرات، وقصة قضية انحراف المخابرات الكبرى، التي أبعد بعدها من الجهاز، الذي كان اسمه الكودى فيه وفى كل العمليات التي كان يقوم بها «موافى».
الاسم الأولى المقترح لمذكرات «صفوت» هو «شهادتى للمصريين»، وفيها تحدث لأول مرة عن مقتل الفنانة سعاد حسنى، وعازف الجيتار عمر خورشيد، وغيرها من العمليات الموصوفة بـ«القذرة» والتي جاء اسمه في مقدمة المتهمين فيها.
استنادًا إلى المعلومات المتوفرة يمكن أن تقول إنه من أكثر العازفين عن الظهور بما في ذلك العزوف عن المناسبات العائلية، ولا يرد على الهاتف المحمول إلا على الأسماء التي يعرفها في نطاق العائلة، وكانت آخر المكالمات التي أجراها خارج نطاق الأسرة، اتصالًا بالرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه «علاء» و«جمال» بعد الحكم ببراءتهم، إلا أنه فضل عدم زيارتهم.
ويعانى «صفوت» الآن من «مشكلات صحية»، حيث أصيب بـ«آلام حادة» في منطقة المثانة، ويشتبه في إصابته بـ«أورام سرطانية».

قبل ثورة «٢٥ يناير» كان زكريا عزمى يقف دائمًا في «مساحة الصمت»، لا يتحدث كثيرًا، نادرًا ما تعثر على حوار صحفى معه، يكتفى أحيانًا ببعض المداخلات التليفونية مع برامج «التوك شو»، كان وقتها يتحدث بوصفه عضوًا في مجلس الشعب عن دائرة «الزيتون» أو بوصفه أحد قيادات الحزب الوطنى.
كان «زكريا» بمثابة «ظل الرئيس» أو بشكل أدق «كاتم أسراره»، اقترب شخصيًا من عائلة الرئيس، لدرجة أن سوزان مبارك حينما علمت بزواجه من الإعلامية صفاء حجازى طلبت منه أن يطلقها.
والتفاصيل أن زوجة «زكريا» الأولى السيدة بهية حلاوة، الصحفية بـ«الأهرام» حينما علمت أمر زواجه من «صفاء» ذهبت إلى سوزان مبارك باكية، استدعت «الهانم» زكريا في الرابعة فجرًا -كما قيل- وطلبت منه أن يطلق زوجته الثانية، وحينها تحدث عن أنه تزوجها من أجل «الخلفة»، فسمحت له بامتداد الزواج لعام فقط، وبعد أن انقضى دون «خلفة» أمرته بتطليقها.
بعد سقوط «مبارك» كان طبيعيًا أن يسقط زكريا عزمى، وتورط في قضية «موقعة الجمل»، وقضايا أخرى تتعلق بـ«تضخم الثروة» وتحقيق كسب غير مشروع، قبل أن يخرج منها مؤخرًا بعد صراعات طويلة في المحاكم.
اختفى أيضًا عن الأضواء بعد خروجه من السجن، وظهر لمرة واحدة يوم ١٥ يناير ٢٠١٤، حينما ذهب ليدلى بصوته في الاستفتاء على الدستور بمدرسة القاهرة الحديثة التجريبية بالتجمع الخامس، بصحبة حارس شخصى.
يقيم زكريا عزمى الآن في قصر بمنطقة التجمع الخامس شرق القاهرة، وسط حراسة أمنية مشددة، ويسافر في نهاية كل أسبوع إلى مسقط رأسه بقرية شيبة قش بمحافظة الشرقية، بصحبة شقيقه يحيى.
وطلب «زكريا» من أفراد عائلته عدم الانشغال بأى أمر سياسي، حيث نصح شقيقه «يحيى» بعدم الترشح لانتخابات مجلس النواب، وهو ما استجاب له الأخير، كما يرفض قبول أي دعوات للمناسبات حتى واجب العزاء، ويكتفى بإرسال «برقية عزاء».
ربما كان الوحيد من بين رموز نظام «مبارك» الكبار الذي لم يدخل السجن بعد «٢٥ يناير»، هو الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية وزير التعليم العالى الأسبق.
مر اسمه بـ«شكل عابر» في قضية «هدايا الأهرام»، حيث استدعته النيابة، للتحقيق في حصوله على هدايا من مؤسسة «الأهرام»، حين كان وزيرًا، وصلت قيمتها إلى ١٨ ألف جنيه، فأعاد المبلغ وانصرف.
ظهر مفيد شهاب أكثر من مرة بعد «٢٥ يناير» في ندوات عامة، وكان ظهوره اللافت عندما جرى تكريمه من قبل الرئيس عدلى منصور ضمن الفريق القانونى الذي استرد أرض طابا.
ويكتفى الرجل حاليًا بالإشراف على مجموعة من الرسائل العلمية باعتباره أستاذ قانون، علاوة على توليه منصب مستشار الجامعة العربية للتعليم المفتوح، وكتابته مقالات في عدد من الصحف.
ويرفض «مفيد» أي مشاركة سياسية أو حزبية أو الظهور إعلاميًا، حيث إنه منعزل عن العمل السياسي والإعلام منذ ٥ سنوات.
وسئل أكثر من مرة عن سر رفضه الظهور إعلاميًا فرد: «أنا مش عايز أتبهدل في آخر أيامى وطول ما أنا ساكت محدش هيقربلى».
وبدأ مفيد شهاب في العام ٢٠١٤ كتابة مذكراته خاصة عن فترة الرئيس الأسبق، حسنى مبارك.

حاولنا أكثر من مرة بعد «٢٥ يناير» الوصول إلى الدكتور على الدين هلال، أمين الشباب بالحزب الوطنى، إلا أن الرجل اعتذر في كل المرات متعللًا برغبته في الابتعاد عن الحياة السياسية والإعلامية.
بعد «٢٥ يناير» تفرغ الدكتور على بشكل كامل لعمله الأكاديمى بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حيث أصدر كتابه: «الصراع من أجل نظام سياسي جديد.. مصر بعد الثورة»، وظهر مرات قليلة، كان أبرزها في عزاء والدة الدكتور عمرو حمزاوى، الذي يعتبره بمثابة تلميذه، وكذلك في عزاء المنتج ممدوح الليثى.
قرر الرجل أن يبتعد بشكل تام عن العمل السياسي والحزبى، ويكتفى بعمله في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، حيث يجلس كثيرًا مع صديقه الدكتور صفى الدين خربوش، وكذلك حضور المناسبات العائلية.

حين خرج أنس الفقى من السجن، طلب من رجاله أن يبتعدوا عنه، ويخرجوه من حياتهم نهائيًا، فهو يريد أن يحتفظ بذكرياته ومذكراته واعترافاته على عصر مبارك لنفسه.
لم يتصل بقيادات «الحزب الوطنى»، ولا رجال الأعمال، وانقطعت علاقته بـ«ماسبيرو» فيما عدا بعض قيادات مبنى «الإذاعة والتليفزيون» الذين يقابلهم.
يرى أنس الفقى أن هذا ليس الوقت المناسب لإخراج ما في جعبته.. يكتب مذكراته باستمرار.. دوَّن كل ما جرى ويجرى في أوراقه، لكنه لا يعلم ميعاد النشر.
صاحب دار نشر كبرى عرض عليه وضع شهادته على عصر «مبارك» في كتاب يقول فيه ما يريد.. كما عاشه بالضبط.. ويكتب فصلًا عن الساعات الأخيرة للنظام.. كما رأى.. فقد كان في ذلك الوقت على رأس وزارة «الإعلام».. ورجل يعرف كل الأسرار، وبالتأكيد، لديه شرائط تسجل آخر لحظة في عمر النظام، لكن رده كان: «الوضع - حاليًا - لا يحتمل.. أنا عايز أبعد.. لا بد إن الناس تنسى أنس الفقى».
من الناحية الخاصة يسمع «أصالة» باستمرار ثم يعتبر نفسه من «فانز عمرو مصطفى»، يحب قصائد إبراهيم ناجي، ولأنه رجل متعدّد، يفهم في الحب والسياسة، ويجمع بين أغلب المتناقضات في عقله، فهو مهتم بمأثورات الإمام الشافعى - على وجه خاص - ولا يفوته أن يتذكر - كلما وجد موقفًا يستدعى ذلك - «آيات من الإنجيل».
ماذا بقى من أنس الفقي؟
لا شيء.
هو، شخصيا، انصرف، ليس فقط لأنه لا يظهر في الحفلات الخاصة، وسهرات المشاهير، لكن.. لأسباب أخرى، أولها أنه هجر قصره المريح، الذي كان يعيش فيه حين كان وزيرًا، وانتقل إلى «فيلّا» في كومباوند على طريق «مصر إسكندرية الصحراوى» ليهرب إليها من زحمة القاهرة، وإزعاج من فيها، ويتحرك بحرية دون أن يطارده الإعلام.
الرجل الذي خرج من السجن ليعود إلى قصره المريح، ونشر عبر «فيس بوك» صورة «الكرسى» الذي حرم من الجلوس عليه طوال الفترة التي قضاها على «البرش» - مفروش بـ«مخدتين»، وأمامه كنبة، وخلفه حمام سباحة، وفوقه مظلة من «البوص» - وكتب: «العودة.. الكرسى فاضى من ٤ سنين».. رغم كل ذلك، هجر كرسيه «البوص»، وحمام السباحة الذي يطلّ عليه، وانتقل إلى حياة أخرى في «كومباوند» ذهب إليه لأول مرة بعد خروجه.
متى يكشف أنس الفقى ما عنده؟
سؤال لا يمكن توقع إجابته، فـ«الفقى» يتبرأ من تاريخه باستمرار.
يكتب عمّن باعوا الوطن بالرخيص، وينسى نفسه، يشتم من أجّروا أقلامهم بتراب الفلوس، ويتجاهل ما باعه هو، يقول: «طالما أحاول التفرقة ما بين الكاتب والمستكتب.. أقرأ مقالات وآراء وأخبار وأعمدة.. فأجد المستكتبين (القبّيضة) وقد زادوا في الأرض.. أراهم يطفون على السطح هؤلاء الذين يعلمون أن أقلامهم وحدها لا تكفى.. ولكنهم يستمدون مكانتهم مما يملى عليهم ليكتبوه.. إن وجدان الأمم لا يمكن أن يصاغ بأقلام المستكتبين.. اسأل نفسك بمجرد أن تمسك بقلمك: هل أنا فاعل أم مفعول به؟ ومتى سأصبح كاتبًا؟».
من بين مايقال إن أصدقاء أنس الفقى عرضوا عليه إدارة شبكة قنوات ضخمة يموِّلها رجل أعمال «يريد المنافسة في انتخابات البرلمان»، وتركوا له مهلة للتفكير استقرّ فيها على الرفض، فهو يرفض أن يتورّط في السياسة أو العمل العام مرة أخرى، لا بالمشاركة ولا بالتأثير.. يريد، فقط، أن يراقب من بعيد، وبأقل قدر من الاهتمام.
حاول مجموعة من العاملين في «ماسبيرو» إقناعه بقبول العرض، ضربوا له مثلًا بأسامة الشيخ، الذي رفض تعطيل حياته بعد خروجه من السجن، عاد إلى عمله مرة أخرى، وتولى إدارة قنوات «النهار» ثم انتقل إلى إنشاء شبكة قنوات ليبية، لكنه ثبت على رأيه، وأكد أن هذا قرار «مش عايز أقرَّب من أي سِكّة ممكن ترجعنى السجن تانى».
من النسخة الورقية