انتهى الجدل الثائر بين الكنائس المصرية حول الزواج المدني بشكل نهائي؛ حيث اتفقت الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية على عدم اعترافهم به، وعدم السماح لرعاياها بمخالفة الزواج الكنسي، حيث كانت تنتظر الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية القرار النهائي للكنيسة الإنجيلية بعد انقسام قياداتها وأعضائها حول هذا الأمر، ولكن جاء القرار الأخير فى اجتماع موسع لقيادات الطائفة الإنجيلية بمصر والذي شمل غالبية قادة الكنائس برئاسة رئيس الطائفة القس صفوت البياضي.
وناقش الاجتماع الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، مشروع الزواج المدني المقترح من وزارة العدالة الانتقالية، واتفق المجتمعون أن الكنائس مجتمعة لا ترى رابطا بين الزواج الكنسي المتفق عليه من جميع الكنائس المصرية، والزواج المدني غير الكنسي، والواضح من عنوانه أنه غير كنسي، لذا قرر الحاضرون أنه لا شأن للكنائس به، وللدولة أن تأخذ ما تراه فى شأن القانون المدني غير الكنسي.
الأزمة بدأت فى منتصف نوفمبر 2014؛ حيث جاءت تعديلات قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين التى قدمتها الكنيسة لوزارة العدالة الانتقالية مطابقة لأغلب مواد القانون، إلا أن اللجنة المسئولة عن القانون بوزارة العدالة الانتقالية قامت بضبط صياغة المواد وضبط التعريفات، كما أضافت اللجنة إلى القانون فصلاً جديدا خاصًا بالزواج المدني غير أن ملف الزواج المدني عاد إلى المربع رقم واحد، فى ظل اعتراض قيادات كنسية على هذا النوع من الزواج، وتحفظها على عدم استشارة وزارة العدالة الانتقالية للكنيسة قبل وضع مواد الزواج المدني وخاصة الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية.
وفى 24 نوفمبر وعقب اجتماع مُمثلي الكنائس المصرية بالكاتدرائية لمناقشة مسودة قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، بدا أن الكنائس متوافقة على كل نصوص القانون فيما عدا البند الخاص بالزواج المدني والطلاق وتم الاتفاق خلال الاجتماع الذى استغرق قرابة ثلاث ساعات على إضافة ملحق للقانون، إلا أن البابا تواضروس الثاني أنهي الأزمة بإقناع رئيس الطائفة الإنجيلية بقبول القانون دون الزواج المدني وهذا ما نجح فيه البطريرك.
جاءت محاولة البابا تواضروس فى إقناع البياضي بأن النص على الزواج المدني سوف يتسبب فى الطعن فى دستورية هذا القانون، لأن المادة الثالثة من الدستور تنص على احتكام المسيحيين إلى شرائعهم فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، وقال له: «إن قبول الزواج المدني يعتبر اعترافا من الكنيسة بتقنين الزنا ويعكس تأييدا للاتجاه العلماني ولن يمكن قبوله فى مصر» .
يُذكر أن الزواج المدني هو عقد زواج بين شريكين، موثق العهد بشاهدين فى مقر رسمي «المحكمة»، ويتم تسجيله فى سجلات الدولة، وهو خاضع بشكل كامل للقواعد القانونية التي حددها المشرع، والتي لا يجوز للأفراد مخالفتها، أي يُسقط الزواج المدني عادة كل الفوارق الدينية والمذهبية بين رجل وامرأة يريدان الارتباط ببعضهما والعيش معاً تحت سقف واحد.
من النسخة الورقية